كتبت : سكينة السادات
نعم يا سيدتى أنا الابن الذى قالت عنه أمه أنه لا يرحم ولا يترك رحمة ربنا تنزل!
لا أستطيع أن أكذب أمى فهى عندى كل شىء فى حياتى وهى أسطورة نجاح وحب وقدوة وتاج على رأسى والكل يعرف أننى أعشق التراب الذى تمشى عليه، فهى التى جاءت بى إلى الحياة وربتنى أحسن تربية.
وأبدا لم أطلب منها أى شىء وخذلتنى فيه كبيرا أو صغيرا فأنا وحيدها الذى يعترف ويقر بفضلها مدى الحياة، لكن هناك أمور لم أستطع البوح بها لأمى خوفا عليها ومن هنا قالت لك تلك المقولة، سوف أوضح لك كل الأمور بإذن الله!
lll
واستطرد صاحب حكاية الابن الذى لا يرحم ولا يترك رحمة ربنا تنزل التى كتبتها لك فى عدد سابق من مجلة حواء الغراء وكانت على لسان صديقة قديمة لى كانت تعمل مترجمة فورية فى المؤتمرات العالمية وكانت زائعة الصيت تترجم العربية والإنجليزية ببراعة فائقة حتى صارت ملء الأسماع والأبصار، وكان الرئيس الراحل أنور السادات والرئيس الأسبق مبارك يطلبانها فى المؤتمرات المهمة نظرا لصوتها القوى المعبر ومخارج ألفاظها الواضحة فى الترجمة العربية والإنجليزية.
المهم.. وباختصار شديد حتى ندخل فى موضوع الحكاية قالت صديقتى إنها رزقت بابن واحد كان هو كل حياتها ولم تكن تأمن عليه أحدا خلال وجودها فى العمل سوى والدتها رحمها الله، وقالت إن والده لم يدلله وهى أيضا لم تدلله وأنه كان ولا يزال إنسانا طيبا متفوقا فى دراسته وعمله هادئا محبا له شخصية استقلالية، هكذا قالت عنه أمه، وقالت إن زوجها توفاه الله، وإنها خرجت على المعاش المبكر، وإن ابنها تزوج لكن زوجته آثرت أن تعيش فى بيت مستقل بعيدا عن بيتها فى المهندسين واختاروا فيلا فى التجمع الخامس، وقالت صديقتى القديمة إن الدنيا خلت من حولها وأصبح هاتفها لا يرن إلا قليلا، وصارت تعانى من مشكلة الشغالات المصريات والأجنبيات، فالمصريات كثيرا منهن لا يعملن بكفاءة ويتركن العمل قبل الساعة الثالثة بعد الظهر وتظل وحيدة فى البيت حتى اليوم التالى، وقد تأتى الشغالة أو لا تأتى وما أدراك بما تأخذه فى حقيبتها عندما تغادر البيت، وقالت إن قريبة للأسرة من بعيد كانت صديقتى تساعد أمها ماديا شكت لها من أن زوجها طلقها وترك لها ابنة صغيرة لا ينفق عليها وأنها ترغب فى عمل تنفق منه على معيشتها هى وابنتها، وقالت صديقتى إنها أتت بها إلى بيتها لخدمتها ووجدت فيها اتقانا فى العمل والطهى والنظافة، أما ابنتها فقد ملأت عليها حياتها وصار أى صوت، وأضيئت أنوار صالة البيت » حس « للبيت التى كانت مطفأة دائما، لكن ابنها عندما جاء ورأى الوضع الجديد عارض إقامة قريبتها إقامة دائمة فى البيت وقال إنه يوافق على أن تأتى فى الصباح وتنتهى من عملها وتذهب إلى بيتها، ورفض أن تقيم الطفلة فى البيت، وقالت لى الأم ابنى لا يرحم ولا يترك رحمة ربنا تنزل!
lll
قال الابن: ليس لي بعد الله سبحانه وتعالى إلا أمي لكنها أحيانا لا ترى الأمور بمثل النظرة التى أراها بها، وطبعا أنا دائما تحت أمرها فى كل شىء فهى ما زالت رغم تقدم السن ذات شخصية قيادية وصوت معبر وذكاء لماح، لكن عندما أرى أن هناك خطرا فى إقامة قريبتنا التى أتت بها هى وابنتها إلى البيت إقامة دائمة فى بيتنا وما سمعته ورأيته وهو ما لم أخبر به أمى خوفا عليها فإنها سوف تعذرنى..
والأسبوع القادم أكمل لك الحكاية.
ساحة النقاش