كتبت: منار السيد

"ندى" .."بدور" .."ميار".."نيرمين".. زهور بريئة ولكنها لم تتفتح بعد الحكم عليهن بالموت تحت شعار "العفة والشرف" باستخدام أبشع الجرائم البشرية وهي "ختان الإناث"، هذا الموروث الخاطئ الذي أنهى حياة العديد من الفتيات وحكم على الأخريات بالحياة داخل جدران الآلام النفسية والصحية، ومع كل الجهود المستمرة بالتوعية كانت الوقفة الرادعة من جانب أجهزة الدولة بعد تغليظها لعقوبة ختان الإناث لردع هذه الجريمة بشكل كامل ....

 

ينتشر ختان الإناث فى نحو 30 دولة أفريقية وشرق أوسطية، تشكل نطاقاً عريضاً يمتد من السنغال فى غرب القارة إلى الصومال فى شرقها، وبعض بلدان آسيا وأمريكا اللاتينية، وتشير الإحصاءات العالمية إلى أنه من المتوقع أن تتعرض أكثر من 4.6 مليون أنثى إلى الختان سنوياً بحلول عام 2030، وبين عاميّ 2015 إلى 2030، تواجه 68 مليون فتاة على مستوى العالم خطر الختان، لذلك استشعرت الدولة المصرية الخطر وبذلت كافة جهودها لردع هذه الجريمة، لذلك تمت الموافقة على تعديلات تغليظ عقوبة ختان الإناث.

تغليظ العقوبة

حول قانون تغليظ عقوبة الختان والموافقة على تعديلاته يوضحه لنا محمد سامح الخبير القانوني، فيقول:  وافق مجلس الوزراء على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937، لتقرير عقوبة رادعة حيال جرائم ختان الإناث، وجاءت التعديلات في المادتين (242 مكررا)، و (242 مكررا أ) والذي تمت تعديلاته على هذا النحو على أن يُعاقب بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات كل من أجرى ختانًا لأنثى بإزالة جزء من أعضائها التناسلية أو سوى، أو عدّل، أو شوّه، أو ألحق إصابات بتلك الأعضاء، فإذا نشأ عن ذلك الفعل عاهة مُستديمة تكون العقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن 7 سنوات، أما إذا أفضى الفعل إلى الموت، تكون العقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن 10 سنوات.

ويضيف: نصت التعديلات على أن تكون العقوبة السجن المشدد إذا كان من أجرى الختان طبيبًا أو مُزاولًا لمهنة التمريض، فإذا نشأ عن جريمته عاهة مستديمة تكون العقوبة السجن المُشدد لمدة لا تقل عن 10 سنوات، أما إذا أدى إلى الموت تكون العقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن 15 سنة ولا تزيد على 20 سنة، ووفقا للتعديل تقضي المحكمة فضلًا عن العقوبات يتم عزل الجاني من وظيفته الأميرية، مدة لا تزيد على 5 سنوات إذا ارتكبت الجريمة بسبب أو بمناسبة تأدية وظيفته، وحرمان مرتكبها من ممارسة المهنة لمدة مماثلة، وغلق المنشأة الخاصة التي أجرى فيها الختان، وإذا كانت مُرخصة تكون مدة الغلق مُساوية لمدة المنع من ممارسة المهنة، مع نزع لوحاتها ولافتاتها.

ويؤكد أن التعديلات نصت أيضا في المادة (242 مكررا أ) على أن يُعاقب بالسجن كل من طلب ختان أنثى وتم ختانها بناء على طلبه، على النحو المنصوص عليه بالمادة  (242 مكررا)، كما يُعاقب بالحبس كل من روّج، أو شجع، أو دعا بإحدى الطرق المبينة بالمادة (171) لارتكاب جريمة ختان أنثى ولو لم يترتب على فعله أثر، وهذه التعديلات أنصفت الفتاة وحمتها من خطر مؤكد قد يودي بحياتها، فقبل أن يفكر الأب أو الطبيب بإجراء عملية الختان سيعرف أن عقوبتها لا يستهان بها فسيتراجع على الفور وبهذا تكون هذه التعديلات إنصافا لحق الفتيات والنساء.

الوفاة

أما عن المخاطر الصحية والنفسية التي تتعرض لها الفتاة أثناء وبعد علية الختان فتقول د. إيمان رجب، أستاذ أمراض النساء والتوليد: لا توجد أي مبررات طبية لإجراء جريمة تشويه الأعضاء التناسلية للإناث فهو تشويه جزئي أو كلي دون وجود أسباب علاجية، وتتم هذه العملية بأشكال مختلفة قد يتم  استئصال كلي أو جزئي للجزء الحساس من أعضاء الأنثى التناسلية، ويتم في أحيان نادرة استئصال الجلد المحيط به أو تشويهه بشكل كامل بالاستئصال مع تضييق فتحة المهبل ووضع سداد.

وتضيف: وتؤدي هذه العملية للعديد من المخاطر تبدأ بالموت إثر تعرض الفتاة نتيجة لذلك لنزيف مستمر يودي بحياتها أو هبوط حاد في الدورة الدموية، وإذا لم تحدث الوفاة فالمعاناة التي تعانيها الفتاة طوال حياتها أصعب من الوفاة لأنها تسبب العديد من الأضرار مثل التهابات المسالك البولية مما يؤدي إلى تكوين كتل صلبة تسمى حصوات البول، والإصابة بفيروس المناعة البشرية والتهاب الكبد الوبائي "b"، وأيضا يؤدي إلى الجفاف المهبلي الذي تعاني منه المرأة أثناء فترات الحيض وأثناء العلاقة الزوجية والتي قد تتسبب هذه العملية في إنهاء حياتها الزوجية، بالإضافة إلى ما تشعر به الفتاة من اكتئاب وألم نفسي ممتد معها طوال حياتها بسبب هذه الذكرى المؤلمة التي دمرت حياتها بشكل كامل.

الموروث الثقافي

بسبب هذه المخاطر الحياتية والصحية والنفسية للمرأة كان التحرك كبير من قبل أجهزة الدولة للقضاء على ظاهرة الختان، ليبدأ المشوار من المجلس القومي للمرأة واللجنة الوطنية لمكافحة ختان الإناث إلى أن أثمرت هذه الجهود ليصل القانون تحت قبة البرلمان ليتم الإقرار به.

وعن دور المجلس تقول د. هبه هجرس، عضو المجلس القومي للمرأة: بعد مجهودات كبيرة تم تغليظ عقوبة الختان في محاولة لردعها ولكن هناك نظرية معروفة في علم الاجتماع تؤكد أن الفكرة أو الموروث الثقافي يحتاج إلى مجهود بالتوعية والإعلام وتداول المعلومات لتغييرها خلال 15 عاما، ولكن مع الجهد المتواصل والوصول إلى عقول الناس لتوعيتهم بالمخاطر مسترشدين بتعليمات الدين الإسلامي ورأي العلماء ورأي الأطباء مع استخدام وسائل مختلفة من التوعية وإدراكهم لتغليظ العقوبة لما يخص هذه الجريمة ستأتي الثمار بشكل أسرع وسنحصل على نتيجة بشكل أفضل مع تقليل المسافات والتأثير المتكرر ستنتهي هذه الجريمة من مجتمعاتنا نهائيا، وللإعلام دور كبير في التوعية من خلال الإعلانات الاسترشادية والكلمات والرسائل التي توجهها رئيسة المجلس القومي للمرأة والتي تصل لأكثر من 20 مليون، ولعلنا نجحنا في ذلك مع حملة مناهضة العنف ضد المرأة وقد أصبح يعرفها الجميع بأن نوفمبر شهر مناهضة العنف ضد المرأة، وهذا ما نريده أن التوعية وتكرار الرسائل قادرة مع تغليظ العقوبات على ردع هذه الجريمة.

الآثار السلبية والنفسية

يقول حازم الجندي، عضو مجلس الشيوخ: إن الحكومة ومؤسساتها المختصة تبذل جهودا كبيرة في سبيل مواجهة هذه العادة الخاطئة، حيث إن العقوبات الجديدة تطبق على الأهل والأطباء والمراكز التي تجري هذا النوع من العمليات وكل من شارك في تلك الجريمة، ويعاقب عليها القانون لما تحدثه من آثار سلبية نفسية وجسدية على الإناث، وهي محرمة في الكثير من دول العالم، لذا أطالب جميع أجهزة الدولة بالتركيز على الجانب التنويري والتوعوي عبر إبراز مخاطر الختان وآثاره السيئة على الإناث، فالعقوبات وحدها مهما تم تغليظها لن تكون كافية للقضاء التام على هذه الظاهرة.

تعهد الأب

من جانبها طالبت النائبة سلوى أبو الوفا عضو مجلس النواب على ضرورة تعهد الأب بالالتزام بعدم إجراء عملية التشويه لابنته واعتبار هذا التعهد أساسياً ضمن الأوراق المطلوبة لتسجيل ابنته بعد الميلاد فى مكتب الصحة، وعند التقديم لكل مرحلة دراسية، مُطالبة بتنفيذ العقوبة التى تم تغليظها على أرض الواقع بحيث يُصبح من يرتكبها عبرة أمام الآخرين، مما يُساهم فى انخفاض المعدلات سنويًا.

وأضافت قائلة: للأسف مازلنا نعاني من جرائم ختان الإناث على مستوى الجمهورية منذ قديم الزمن، ولكن حان الوقت الآن لوقف هذه الجرائم واستعادة حقوق المرأة خاصة وأن المرأة تعيش عصرها الذهبي في عهد سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي يحرص دائمًا على استعادة حقوق المرأة وتمكينها فى مختلف المجالات.

الثقافة والإعلام

وأكدت أمل سلامة عضو لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب: أن الموافقة على تعديلات عقوبة جرائم ختان الإناث تأتي في التوقيت الصحيح، خاصة وأنه ما زال حتى هذه اللحظة يرتكب البعض مثل هذه الجرائم ضد الفتيات على مستوى الجمهورية، بوجه عام وفي محافظات الريف والصعيد بوجه خاص، مشيرة إلى أن الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية، ما زالت تحرص على استعادة كل حقوق المرأة المهدورة، وخاصة فيما يخص هذه العملية التي لا تعود بأية منافع صحية على الأنثى، بل قد تعرضها لمشاكل صحية.

وتضيف: جريمة ختان الإناث ليست وليدة اللحظة وإنما تمتد جذورها لسنوات طويلة، حيث طرأت على المجتمع وفقًا للعادات والتقاليد والثقافة المجتمعية، فأغلب الأسر يعتقدون أن ممارسة هذه الجريمة تحافظ على عفة وشرف البنت، ولكن كل هذه المعتقدات خاطئة ولابد أن يتم تصليحها على مر العصور المقبلة، وهذا هو دور الإعلام والثقافة للتوعية بمخاطر هذه الجريمة، فالأمر ليس مقتصرا فقط على القضاء والعقوبة ولكننا نحتاج إلى توعية أكثر بالمخاطر، فالأهالي بمحافظات الصعيد والأرياف يحتاجون إلى ترك هذه الموروثات وذلك من خلال التوعية من أجل ردع جريمة الختان والحفاظ على بناتهم.

المصدر: كتبت: منار السيد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 395 مشاهدة
نشرت فى 12 فبراير 2021 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,690,724

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز