كتبت : سكينة السادات
حكيت لك الأسبوع الماضى طرفا من حكاية قارئتى السيدة نيفين (42 سنة) التى قالت إنها من أسرة متوسطة لها أصل ريفى ومن محافظة الشرقية ولها منزل وعدة أفدنة فى قريتهم، وإن والدها كان موظفا بالحكومة، وإن والدتها ربة بيت، وإنها كانت الابنة الوحيدة لأبويها بعد أخين، وإنها تربت تربية راقية لكنها صارمة ومحافظة على التقاليد الريفية، وقالت إنها التقت بزميل لها فى نفس فصلها الدراسى بالجامعة الذى بذل جهدا كبيرا فى التقرب منها ولم تستجيب له إلا بعد شهور طويلة، وعندما عرفت أنه بار بأهله وأنه يرعى والديه وأشقاءه بنفسه أكبرت فيه تلك المروءة وبدأت تساعده وتهتم به حتى نبض له قلبها بحبه، ورغم ظروفه المادية الصعبة ضغطت على والدها حتى قبله زوجا لها، وتولى الوالد كل مسئولية الجهاز وكل مستلزماتها وعندما تخرجت أوجد لها والدها وظيفة فى إحدى الشركات وكان هو بلا وظيفة فتدخلت حتى تم إلحاقه بالعمل وتزوجا وأنجبا ولدا وبنتا وترقيا فى الوظائف وصار حالهما جيدا، لكنها لم تنس والديه فكانت تشترى لهما كل فترة كل لوازمهما من راتبها الخاص، وكان والديه يدعوان لها ويحبانها وكان لها عندهما معزة خاصة، وقالت فيه إنها لاحظت فى الشهور الأخيرة وبعد أكثر من عشر سنوات من زواجهما أن زوجها يتأخر كثيرا فى الخارج خاصة فى المساء، وكان حلل بأنه (زهقان وقاعد مع أصحابه يفك عن نفسه شوية)، وذات مرة تأخر كثيرا وصاحت فى وجهه كثيرا فقال لها إنه خطب امرأة أخرى وسوف يتزوج منها فإذا كانت تريد أن تحبسه خمس سنوات فهى حرة لكنه أخبرها أنه سوف يتزوج حسب القانون، وكاد أن يغشى عليها وأكملت لى القصة!
واستطردت السيدة نيفين.. دارت بى الأرض وارتميت على الكرسى بصعوبة وقلت له: دى آخرتها يا محمود؟ طبعا أنت بتهزر؟ قال لها: أنا بتكلم بصحيح ولولا القانون اللى بيخلى الزوجة تحبس جوزها خمس سنين إذا خبى عليها إنه هيتجوز ماكنتش قلت لك!
وقلت له: ومين بقى العروسة؟
قال: واحدة ما تعرفيهاش تبقى أخت واحد صاحبى وخلاص قرينا الفاتحة وهتجوزها!
قلت له: ووالدك ووالدتك يعرفوا الموضوع ده؟ نظر إلى شزرا وقال: دول شتمونى وطردونى من البيت علشان خاطرك ياستى!
•
واستطردت السيدة نيفين.. تركته وأنا أغلى من الغيظ، وفى الصباح توجهت إلى حماى وحماتى وقبل أن أحكى أى شئ قالا لى: طردناه من البيت وقلنا له نيفين دى ستك وتاج راسك وأنت ماتستهلش ظافر من أظافرها!
قلت لهما عارفين مين هي اللى خطبها محمود؟ قالت حماتى: أيوه يا بنتى دى ست مطلقة وعندها بنتين أخت إسلام صاحب محمود من زمان؟
قلت لحماتى: علشان خاطرى يا ماما استدعيها عاوزة أشوفها وأتكلم معاها؟ قالت حماتى: حاضر يا بنتى!
•
واستطردت السيدة نيفين.. وجاءت سيدة فى مثل سنى تقريبا متوسطة الجمال وعندما عرفت إننى زوجة محمود قالت: غريب قوى محمود قال لى إنك مش حلوة ده أنت زى القمر؟
قلت لها: وقال لك إيه كمان؟
قال لى: إنك طول النهار تزعقى له وتشتميه عمال على بطال وإنه مش طايق يقرب منك لأنك بتبهدليه وتذليه!
صاحت حماتى فى وجهها.. لا سمح الله يا بنتى دى نيفين مش مرات ابنى دى بنتى واحنا اتبرينا من محمود خلاص، لأنها ست كاملة ومافيش زيها فى الدنيا كلها وولادهم ما شاء الله عليهم!
وقلت لها: هسألك سؤال وأرجوكى تردى بصراحة.. أنت عاجبك إيه فى محمود؟ قالت: هوه طيب وعلى نياته وأنا واحدة وحدانية ومعايا عيلين غلابة وأبوهم طلقنى وهاجر وما نعرفله طريق وهو صاحب أخويا إسلام من زمان وكان حاضر فرحى لما اتجوزت.. وأهو اللى حصل بقى؟
وعياله واللى هيحصل لهم بعد ما يتجوز .
قالت: ما أعرفش إنك ست محترم وأهله بيحبوكى وأنك أنت اللى شغلتيه فى الشركة وبتصرفى كل اللى حيلتك على بيتك وعلى أهله ماحدش قال لي الكلام ده!
•
واستطردت السيدة نيفين لهم.. لم أفعل أى شيء سوى أن صافحت حماى وحماتى وقلت وأنا أغادر البيت: ربنا يقدم ما فيه الخير!
وعدت إلى بيتى وقررت أن أطرد محمود من حياتى رغم توسلات أمه وأبيه ودوى صوتهما فى أذنى نرجوك يا نيفين لا تتركى زوجك أبو أولادك ده إنسان خايب مش عارف بيعمل إيه، هيندم وهو مش مقدر النعمة اللى عايش فيها، نرجوك ألا تتركيه وألا تطلبى الطلاق!
•
واستطردت السيدة نيفين.. لا تظنى أننى إنسانة بلا كرامة فكرامتى قبل كل شيء، وقررت ألا أكلمه أو أنام معه فى غرفة واحدة ونقلت فراشى إلى غرفة أولادى وقررت أن آخذ هدنة للتفكير فى الموضوع ولم أقل لأحد من أهلى! وعاد محمود مبكرا تلك الليلة وحاول أن يتكلم معى فلم أرد عليه واكتفيت بأن قلت له: من بكرة شوف لك مكان تانى تعيش فيه أنا حاضنة والشقة من حقى ومفيش داعى للمحاضر والأقسام فسبنى وخلاص وربنا يسهل لك! ماذا أفعل يا سيدتى؟ هل أطلب الطلاق فكيف أعاقبه؟
•
الواضح أنه رجل خائب كما قالت لك أمه وسوف يضرب نفسه بالجزمة عندما يرى أنك تركته وأن والده ووالدته طردوه وسوف يعود ملوما مدحورا، وأرى أن يعاقب بتجاهله فترة فإذا عاد وعرف غلطته فأرجو أن تسامحيه من أجل الأولاد وإن استمر فى خيبته ففى ستين داهية ولا تزعلى عليه ولا ثانية واحدة!
ساحة النقاش