كتبت : سماح موسى

أعادت واقعة "طفل المحلة" جرائم خطف الأطفال إلى الواجهة من جديد لا سيما مع تفاصيلها المثيرة ونجاح وزارة الداخلية في تحرير الطفل زياد وضبط الجناة، ورغم ما يبذله رجال الأمن للتصدى لمثل هذه الحوادث، وإصدار تشريعات تغلظ العقوبة على المختطفين إلا أن جرائم خطف الأطفال ما زالت تثير جدلا واسعا وسط مخاوف متصاعدة من تزايد تلك الجرائم، فماالسبب وراء تزايدها؟ وكيف يمكن مواجهتها جنبا إلى جنب مع الدور الذي تقوم به وزارة الداخلية؟

في البداية تقول اللواء حنان محمود عبدالواحد، مساعد مدير شرطة السياحة الأسبق: اختطاف الأطفالهو انتزاع قاصر من حضانة الوالدين الشرعيين أو الأوصياء عليهم الموكلين قانونيا برعايتهم دون وجه حق، ويمكن تصنيف مصطلح الاختطاف إلى مجموعتين قانونيتين واجتماعيتين حيث تختلف كل منهما باختلاف مرتكبيها، أولهما الاختطاف على يد أحد أفراد أسرة الطفل وبما يتنافي مع أحكام قانون الأسرة والذي يقضي بحرمان الوالد الآخر من رعاية الطفل، ويحدث هذا النوع في حالة الانفصال أو طلاق الوالدين، أما الخطف الذي يقوم به الغرباء لأغراض إجراميةفقد يكون من أجل الابتزاز أو التبني أو الاتجار بالبشر، ومن بين قائمة الاعتداءات المحتملة العبودية والعمالة القسرية والتحرش الجنسي، وقد يبلغ الأمر إلى حد تجارة الأعضاء غير المشروعة.

وعن أسباب اختطاف الأطفال دون غيرهم تقول مساعد مدير شرطة السياحة الأسبق: اختيار الطفل أو المجني عليه بسبب ضعفهأو عدم إدراكه وخوفه من التهديد وربما عدم امتلاكه القدرة على التعبير عن نفسه، وتزيد عوامل أخرى من المشكلة كأن يكون الطفل معاقا أو منعزلا أومن أسرة لديها مشكلات فيستغل المعتدي ذلك ويقنعه بأنه يحبه ويشبع عاطفته في البداية ليثق فيه ويأمن له، وقد يكون اختيار الضحية ممن يبدو عليهم علامات ثراء بارتداء مشغولات ذهبية أوأنواع معينة من أجهزة المحمول كالخطف من أجل السرقة أو طلب الفدية، ويعد ذلك من الأفعالالإجرامية التصاعدية المعقدة والتي يتوافر فيها الركن المعنوي من سبق الإصرار والترصد والقصد الجنائي بالاعتداء على النفس إذ تتعرض حياة المخطوف للخطر، ويتطلع هو وذويه إلىإطلاق سراحه دون وقوع أذى وبالتالي يضعف الدافع إلى اللجوء لأجهزة الأمن عند نشوء اتصال وتواصل مع الخاطفين حتى يتم التفاوض وإطلاق سراح المخطوف، بل قد يحرص المخطوف وذويه على عدم الإفصاح عن الحدث أصلا أو عن تفاصيل مهمة ترتبط بعملية الاختطاف أو هوية الخاطفين، وقد يصل الحل إلى حد تضليل أجهزة الأمن أو وسائل الإعلام حتى لايترتب علىالإدلاء ببيانات صادقة وتفصيلية أي أذى جديد للمخطوف أو أهله ما يدفع أجهزة البحث الجنائي إلى اللجوء إلى الحيلة في التوصل إلى شواهد وقرائن وبيانات حول الواقعة لكشفها وضبط الجناة لذا لايمكن حصر عدد حالات الخطف لأن عدد البلاغات المقدمة لمجلس الطفولة والأمومة وأقسام الشرطة غير دقيقة.

وتتابع: يتضمن قانون العقوبات في مصر على عقوبات صارمة في جرائم خطف الأطفال تناولتها تسع مواد قانونية من 285حتى 291تضمنت أحكاما تتراوح من السجن سبع سنوات وحتى السجن المؤبد وقد تصل إلىالإعدام في حالات معينة بعد واقعة خطف طفل المحلة الأخيرةزياد، وتعتزم اللجنة التشريعية بمجلس النواب دراسة تغليظ عقوبة خطف الأطفال، أما عن طرق مواجهة جرائم خطف الأطفال فإن الاستتباب الأمني والمشاركة المجتمعية واستخدام الوسائل الحديثة والتواجد الأمني مع سرعة ودقة الإبلاغ عن الجريمة يساعد في سرعة ضبطها،بجانب الوعي الأسري والتقارب بين أفراد الأسرة وتلقين الأطفال بما يتناسب مع أعمارهم كيفية التصرف والبعد عن الغرباء وعدم التحدث معهم فالطفل مسئولية والديه يجب متابعته خصوصا في الأسواق والمولات والأماكن المزدحمة، ويفضل مع الأطفال الأصغر سنا أن توضع في معصم الطفل أو ملابسه مايوضح الاسم والعنوان وأرقام هواتف أولياء أمره للاستدلال على أسرته حالضياعه،كما يفضل عدم ارتداء الفتيات المشغولات الذهبية في الأماكن العامة، وأقترحتضمين المناهج الدراسية وبرامج الأطفال الإعلاميةالشرح للطفل بطريقة مبسطة حدود التعامل مع الغرباء وكيفية التصرف في المواقف المختلفة، وأخيرا من الناحية التكنولوجية أخذ بصمات الطفل وتسجيلها منذ ولادته لانقاذ الأطفال المعثور عليهم في الشوارع أو الذين تم اختطافهم لاستغلالهم في جرائم التسول، بالإضافة لتغطية الشوارع والمحلات بكاميرات مراقبة للمساعدة في كشف الجرائم.

ليست ظاهرة

هل ترتقى جرائم خطف الأطفال إلى كونها ظاهرة أم أنها مجرد حوادث فردية تتعرض لها المجتمعات المختلفة؟

يقولاللواء أشرف أمين، مساعد وزير الداخلية الأسبق: خطف الأطفال ليست ظاهرة بل هى مجرد حالات فردية،فالمعدلات التي تم حصرها أقل بكثير من الفترات السابقة، أما عن أسباب خطف الأطفالفقد يكون للتسول بالمناطق الحضرية ويتم خطفهم من الأماكن المزدحمة وبيعهم في أماكن بعيدة عن الأماكن التي تم خطفهم فيها، أو للانتقام والغيرة بين الأسر ويتم التخلص من الطفل وقتله، وتزيد مثل هذه الجرائم في المناطق الريفية، وتقوم أجهزة البحث الجنائي في مصر علىدرجة عالية من المهنية والحرفية حيث يتم تتبع ومعرفة الخلافات بين الأسر وعن طرق التقنيات الحديثة مثل الكاميرات ورفع البصمات وتتبع الهواتف المحمولة لهؤلاء الخاطفين، كما أن نسبالجرائم التى لم يتم التوصل فيها إلى الجناة ضئيلة جدا فى حين سجلت95%من الحالات يتم التوصل لمرتكبيها وإعادة الأطفال بسلام.

مصر الأقل فى عدد الجرائم

يناشد اللواء عادل العمدة،المستشار بأكاديمية ناصرالعسكرية العليا المواطنين ووسائل الإعلام بالحد من التحدث عن جرائم الخطف قائلا: كثرة الحديث عن خطف الأطفالأوأنه ظاهرةيروع المواطنين ويوصل رسالة أن مصر غير مستقرة ومواطنوها غير مؤمنين، وأن البلد يديرها عناصر غير صالحة لحمايتكم وحماية أبنائكم، فالأمن والاستقرار أحد عوامل التنمية والتقدمالذى لا يلقىإعجاب تلك العناصر المعادية.

وينصح العمدة بالتريث والتفكير وإدراك مصادر المخاطروهدف الترويج للجرائم،مع ضرورة اتباع الإجراءات الاحترازية دون خوف وقلق،فجميع المجتمعات لديها حالات خطف للأطفالومصر أقلهم في النسب، ويجب ألا ننسى دور وزارة الداخلية في عودة الأطفال المختطفين وهو ما يؤكد وجود تطور في العمل الشرطي وتحقيق نجاحات كثيرة في هذا الشأن.

 

أما عن دور المجلس القومي للطفولة والأمومة فى التصدى لمثل هذه الجرائم فتقول د. سحرالسنباطي،الأمين العام  للمجلس:يتلقى المجلس بلاغات حول الأطفال المعثور عليهم أو المفقودين من خلال الإدارة العامة لنجدة الطفل ويتم اتخاذ الإجراءات بشأن الأطفال المعثور عليهم من خلال التنسيق من النيابة العامة بإصدار قرارات إيداعهم الدور المناسبة لهم مع نشر حالتهم على صفحة فيس بوك "أطفال مفقودة، أما في حالة ورود بلاغات عن أطفال مفقودة أو مخطوفة فيتم إبلاغ النيابة العامة ومراجعة البلاغات الواردة إلى خط نجدة الطفل بشأن الأطفال المعثور عليهم وإذا ماتبين تطابق حالة طفل سابق الإبلاغ عن العثور عليه مع حالة طفل مفقود أومدعي اختطافه يتم إبلاغ النيابة العامة لاتخاذ ما يلزم للتأكد من صحة نسب الطفل للمبلغ من خلال إجراء تحليل  DNAمع تقديم تقرير بحث حالة لتقرير التوصية بشأنه ومدىإمكانية تسليم الطفل لأهله إذا ماكانت مصلحته الفضلي تقتضي ذلك وكانت الأسرة أمينة عليه.

وتضيف: لايمكن اعتبار الواقعة (خطفا) إلاإذا وجدت أدلة على ذلك (تصوير، مكالمات، كما في حالة طفل المحلة)فقد يكون الطفل خرج بإرادته بسبب سوء معاملة الأسرةأوإهمالها، وفي كل الحالات يتعين توصية الأسرة بحماية الأطفال والمحافظة عليهم، ويضم المجلس وحدتى دعم قانوني تتولى الاستشارات والمساعدة القانونية، وأخرى للدعم النفسي لتقديم الإرشاد الأسري والدعم والمشورة النفسية للأطفال وأسرهم.

المصدر: كتبت : سماح موسى
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 981 مشاهدة
نشرت فى 23 سبتمبر 2021 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,458,626

رئيس مجلس الإدارة:

أحمد عمر


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز