بقلم : د. داليا مجدي عبد الغني
عندما يتحدث التاريخ عن حُقوق المرأة، يبدأ التنقيب عن النساء اللائي تولين هذا الأمر، وجاهدن من أجله، لدرجة أنهن غيرن مجرى حياة النساء عبر التاريخ، وربما يظن البعض أن الرجال لم يكن لهم أي دور في هذا الأمر على الإطلاق، وقد يعتقد الكثيرون أنه لو كان للرجل دور، فبالقطع سيكون دورًا سلبيًا، ولكن حركة التاريخ أثبتت عكس ذلك تمامًا، فالرجل كان له دور غير عادي في تحرير المرأة، وحُصولها على العديد من حُقوقها، واكتساحها للحياة العامة والاجتماعية والسياسية.
وأول من حمل لواء الدفاع عن حُقوق المرأة، في زمن لم يكن للمرأة فيه أية حُقوق، هو النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فلقد كرَّم المرأة وذلك من خلال قوله تعالى: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ)، وكذلك حُقوقها المالية في قوله تعالى: (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً)، وكذلك قوله تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا)، فلقد كانت المرأة حاضرة بقُوة في وصايا النبي صلى الله عليه وسلم، حتى أنه أوصى بها في وصيته الأخيرة في خطبة الوداع، فقال: "استوصوا بالنساء خيرًا"، وقال وهو على فراش الموت: "يا أيها الناس اتقوا الله في النساء، اتقوا الله في النساء، أوصيكم بالنساء خيرًا"، ومُعاملته عليه الصلاة والسلام لزوجاته أمّهات المؤمنين وبناته أكبر دليل على ذلك، فلقد كان يُشجع زوجته السيدة (عائشة بنت أبي بكر الصديق) على الدعوة، وكان لها دور كبير في نقل الكثير من أحكام الدين الإسلامي والأحاديث النبوية الشريفة، وكذلك سيدنا عُمر بن الخطاب عندما اختلف في وجهة النظر مع امرأة ووجد أنها على صواب فقال: "أصابت امرأة، وأخطأ عُمر".
وصاحب أول حركة لتحرير المرأة في مصر قاسم أمين، فلقد كتب في عام 1889م كتابه "تحرير المرأة"، فلقد كان يعتقد أن المرأة المصرية هي العمود الفقري لشعب قوي، وبالتالي يجب تغيير أدوارها في المُجتمع بشكل جذري، لتحسين الأمة المصرية، لذا فقد دعا في كتابه إلى تعليم النساء حتى المرحلة الابتدائية، وتعديل التشريعات التي تُؤثر على الطلاق وتعدد الزوجات، وفسخ الحجاب، وكذلك في عام 1900م حرر كتابًا بعنوان "المرأة الجديدة"، وله العديد من الآراء والأفكار في كفاحه لتحرير المرأة المصرية.
ونزار قباني الذي لُقب بـ "شاعر المرأة" والذي كان يرى أن المرأة رمز القُوة والعناد والعُنفوان والحُرية والشجاعة، فلقد كان يُلقبها بـ (سيدتي)، وجعل منها مصدرًا للحياة والاستمرارية، والكاتب الروائي إحسان عبد القُدوس الذي اشتهر بأنه أفضل مَنْ كتب عن المرأة، فلقد كان مُحبًا لها ولجنونها واختلافها، وكان مُدركًا أن المرأة وطن، لذا وصف أحاسيسها ببراعة غير عادية، وانتصر لها في كل رواياته وكتاباته ومقالاته، ودافع عن حُقوقها في الحُب والحرية والعمل والنضال، فلقد اعتبرها هدفه وسر نجاحه.
والشيخ محمد متولي الشعراوي الذي كان نصيرًا لقضايا المرأة، وأسهم بكتاباته في تصحيح كثير من المفاهيم المغلوطة التي علقت في ذهن بعض الرجال عن حُقوق المرأة، فلقد دون في كتابه (القضاء والقدر) أن الرجل والمرأة صنوان، لكل منهما مهامه التي تُكمل مهام الآخر في حياة تتعطر بالمودة والرحمة.
وأخيرًا، فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، الذي في عهده حصلت المرأة على امتيازات أقل ما يُقال عنها أنها تاريخية، بفضل دعمه لها، وثقته فيها، واحترامه إياها، فمنذ توليه وهو يدعمها نفسيًا وماديًا واجتماعيًا وسياسيًا، فلقد أصبحت المرأة في عهده مُحافظة، ونائب مُحافظ، ووزيرة، ونائب وزير، ونائب محافظ البنك المركزي، وغيرها من المناصب القيادية، فلقد لاقت المرأة المصرية في عهد فخامة الرئيس السيسي اهتمامًا كبيرًا، فقد منحها فرصة المشاركة في الحياة السياسية، ولذا أصبحت نائبة في البرلمان، وعُضوة مجلس شيوخ، كما أن المرأة هي حجر الزاوية في إستراتيجية التنمية المُستدامة 2030، وتم عمل العديد من البرامج والمُبادرات لتمكينها، ومُكافحة العنف ضدها، وحمايتها من كل أشكال العُنف والتمييز، وكذلك الاهتمام بصحتها، وأيضًا القرار الأخير بتعيينها في النيابة العامة ومجلس الدولة، وهذا القرار يُعد تتويجًا لتاريخها، فهو قرار تاريخي يُؤكد مدى حرص سيادة الرئيس على إنصاف المرأة، ومنحها فرصتها في إثبات جدارتها، فهو بمثابة مكافأة للمرأة على نضالها وبسالتها، فالمرأة في عهد الرئيس (السيسي) تعيش في عصرها الذهبي وطُموحاتها بلا سقف، وكل هذا بفضل دعم القيادة السياسية الحكيمة لها.
وعليه، فالرجل له دور كبير في حياة المرأة، وفي تاريخها لا يمكن إنكاره، فمن الإنصاف أن نعترف أنه ثمة رجال حاربوا وكافحوا من أجل إنصاف المرأة وحُصولها على حُقوقها، إيمانًا منهم بأن المرأة هي الأم، والأخت، والابنة، والزوجة.
ومن خلال ما سبق، تيقنا أن المرأة كانت محل اهتمام الدين والشرع والسياسة والقانون والفن والأدب والشعر، وكان للرجل دور ريادي في حياتها، لا يُمكن إنكاره أو تجاهله، بل يستحق الاحترام والتقدير والامتنان.
ساحة النقاش