كتب: محمد الشريف
إن الواجب الوطني والمسئولية أمام التاريخ تحتم علينا أن نسرع الخطى في تمكين المرأة، والحفاظ على حقوقها ووضعها في المكانة التي تليق بقيمتها وقدراتها وتضحياتها على مدار التاريخ ،التزاماً بالدستور المصري الذي يعبر عن إرادة الشعب المصري والذي رسخ قيم العدالة والمساواة، وإعمالاً لما جاء به من مبادئ تكافؤ الفرص، وما كفله للمرأة من حقوق، واتساقاً مع رؤية مصر 2030 ، واستراتيجيتها للتنمية المستدامة التي تسعى لبناء مجتمع عادل، يضمن الحقوق والفرص المتساوية لأبنائه وبناته من أجل أعلى درجات الاندماج الاجتماعي لكافة الفئات، وإيماناً من الدولة المصرية، بأن الاستقرار والتقدم لن يتحققا إلا من خلال ضمان مشاركة فاعلة للمرأة في كافة أوجه العمل الوطني، وفي إطار إعلان عام 2017 عاماً للمرأة فإننى قررت تكليف الحكومة وكافة أجهزة الدولة والمجلس القومي للمرأة، باعتبار استراتيجية تمكين المرأة 2030 هي وثيقة العمل للأعوام القادمة لتفعيل الخطط والبرامج والمشروعات المتضمنة في هذه الاستراتيجية. هكذا جاءت كلمة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى فى الاحتفال بالمرأة المصرية عام ٢٠١٧، لتشهد المرأة إنطلاقا جديدا نحو تحقيق المزيد من حقوقها من خلال استراتيجية وطنية تعنى بتمكينها على كافة المحافل كما نتعرف على هذا تفصيليا.
قرار تاريخى وخطوة غير مسبوقة سجلت فى حافظة مكتسبات المرأة وتاريخ الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى أهلته قراراته ومواقفه الداعمة لبنات حواء لنيل لقب وزير المرأة، حيث كلف سيادته الحكومة وكافة أجهزة الدولة باعتماد استراتيجية تمكين المرأة 2030 وثيقة العمل للأعوام القادمة لتفعيل الخطط والبرامج والمشروعات المتضمنة هذه الاستراتيجية انطلاقا من إيمان الدولة بأن الاستقرار والتقدم لن يتحققا إلا من خلال ضمان مشاركة فعالة للمرأة في كافة أوجه العمل الوطني وفي إطار إعلان عام 2017 عاماً للمرأة.
وقد اعتمد المجلس القومىفى آلية صنع الاستراتيجية– والتي تعد الأولى من نوعها على مستوى العالم- على البحث العلمي الاجتماعي الميداني والذى رصد أولويات واحتياجات المرأة المصرية من أجل سماع صوتها في إطار مختلف الفئات العمرية بتنوع خلفياتها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، ويعد ذلك بمثابة تجربة متفردةفى التاريخ الحديث.
وارتكزت رؤية الاستراتيجية على أن تصبح المرأة المصرية فاعلة رئيسية في تحقيق التنمية المستدامة بحلول عام 2030في وطن يضمن لها كافة حقوقها التي كفلها الدستور، ويحقق لها حماية كاملة ويكفل لها - دون أي تمييز - الفرص الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تمكنها من الارتقاء بقدراتها وتحقيق ذاتها، ومن ثَم القيام بدورها في إعلاء شأن الوطن.
ويتطلب تحقيق رؤية وأهداف الاستراتيجية العمل على أربعة محاور "التمكين السياسي وتعزيز الأدوار القيادية للمرأة - التمكين الاقتصادي- التمكين الاجتماعي- الحماية"، وتعكس تلك المحاور الأهداف التفصيلية لرؤية مصر 2030 المتعلقة بتحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، وكذلك أهداف التنمية المستدامة، كما راعت محاور استراتيجية المرأة تغطية كل أهداف التنمية المستدامة سواء الهدف الخامس الخاص بالمساواة بين الجنسين أو تلك التي تضم غايات تتعلق بوضع المرأة.
التمكين السياسي
استندت الاستراتيجية إلى المادة الـ "11" من الدستور والتىنصت على أن "تعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلاً مناسباً في المجالس النيابية"، وتتمثل أهداف هذا المحور فى تحفيز المشاركة السياسية للمرأة بكافة أشكالها بما فى ذلك التمثيل النيابى على المستويين الوطنى والمحلى، ومنع التمييز ضد المرأة فى تقلد المناصب القيادية فى المؤسسات التنفيذية والقضائية وتهيئة النساء للنجاح فى هذه المناصب.
وحددت الاستراتيجية عدد من التدخلات للوصول لهذه النسب بينها تعزيز دور المرأة كناخبة، وزيادة تمثيلها في المجالس النيابية المنتخبة، ووضع برامج لمساندة المرشحات لمجلس النواب بصورة تساعدهن على كسب ثقة الناخبين؛ ومساندة النائبات في ممارسة أعمالهن البرلمانية، بجانب زيادة فرص توليها لمناصب قيادية في الهيئات القضائيةووضع المعايير لاختيار المرشحين لتولي تلك المناصب تتجنب التمييز ضد المرأة وتضع الأولوية للكفاءة؛ وتدريب القاضيات بصورة مكثفة لمساندتهن في تولي المناصب القضائية العليا، بالإضافة إلى زيادة تقلدها للمناصب القيادية في الأجهزة التنفيذية ومنها منصبي المحافظ ونائبهمن خلال وضع برامج متكاملة للقيادات النسائية الشابة لإعدادهن لتولي المنصب وتدريبهن على القيام بمهامه، واستكمال وحدات تكافؤ الفرص في الوزارات والهيئات العامة وقطاع الأعمال والمحليات، ودعوة الهيئات القضائية والقطاع الخاص لإنشاء مثل هذه الوحدات.
***
فى إطار تحقيق محور التمكين السياسى كان للمجلس القومى للمرأة عدد من الجهود الملموسة على أرض الواقع منها:
- إصدار بطاقات الرقم القومي لغير القادرات تم من خلاله إصدار ما يقرب من 800000 بطاقة لغير القادرات من جميع المحافظات .
- الشراكة مع وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية في تنفيذ برنامج القيادة التنفيذية للمرأة بالحكومة المصرية، نظمه المعهد القومي لإدارة بالتعاون مع جامعة وآلية ميزوري الأمريكية وبرنامج الأمم المتحدة للمرأة، بهدف ثقل المهارات الفنية والتخصصية للقيادات النسائية في الحكومة المصرية، استفاد منه 228 قيادة نسائية .
- مشروع تعزيز مشاركة المرأة في الحياة العامة والذى هدف إلى تعزيز المشاركة السياسية للمرأة من خلال تنفيذبرنامج لتأهيل موظفات الحكومة في مجال القيادة.
- تقديم ومناقشة تعديل دستوري ينص على زيادة كوتة المرأة في البرلمان المصري ل 25 %وهي تعتبر النسبة الأعلى في تاريخ مصر.
المحور الاقتصادي
يهدف هذا المحور إلى معالجة العوامل المؤثرة على التمكين الاقتصادي للمرأة المصرية بشكل جذري وتنمية قدراتها لتوسيع خيارات العمل أمامها وزيادة مشاركتها فى قوة العمل وتحقيق تكافؤ الفرص فى توظيف النساء فى كافة القطاعات بما فى ذلك الخاص وريادة الأعمال.
وكان تطوير سياسات الاستثمار الاقتصادي ونظم الإدارة والتمويلفى مقدمة محددات الاستراتيجية لتحقيق التمكين الاقتصادى للمرأة بالإضافة إلى تطوير سياسات لضمان التزام القطاع الخاص بتمثيل مناسب للمرأة في مجالس إداراتالشركات؛ والاهتمام بتنوع القطاعات الاقتصادية المتوطنة بالمحافظات، وتفعيل السياسات والإجراءات التي تشجع النساء على إقامة مشروعاتهن الخاصة؛ والتوسع في خدمات تنمية الأعمال الموجهة للمرأة، وتوفير الخدمات المالية لمبادرات تشجيع الادخار والإقراض الجماعي للنساء؛ وتطوير الخدمات المالية المصرفية وغير المصرفية الموجهة للمرأة وتعريف النساء بها وتسهيل حصولهن عليها.
كما حددت الاستراتيجية ضرورة حماية حقوق المرأة العاملة وتقديم الخدمات المساندة، وتفعيل القوانين التي تحمي المرأة العاملة وتضمن حقوقها فيما يتعلق بساعات العمل والإجازات والمساواة مع الذكور في الأجر لاسيما في القطاع الخاص؛ وتوفير الخدمات المساعدة للمرأة العاملة وفقاً للمادة 11 من الدستور، مثل توفير خدمات رعاية الأطفال (وقت لرضاعة الأطفال والحضانات) وتحقيق الحماية لها داخل وخارج بيئة العمل.
***
قدم البنك المركزي تسهيلات بنكية للمرأة المعيلة والعاملة بما يتيح لها الحصول على قروض ميسرة لإقامة مشروعاتها الخاصة والتى تضمن لها دخلا يوفر لها حياة كريم، كما سعى المجلس القومى للمرأة لاتخاذ عدة خطوات لتحقيق التمكين الاقتصادى منها:
- تنظيم شراكة مع وزارة التعاون الدولي والمنتدى الاقتصادي العالمي في إطلاق محفز سد الفجوة بين الجنسين بما يعد منصة للتعاون بين القطاعين الحكومي والخاص لدعم تمكين المرأة.
- عمل المجلس مع الحكومة على تعزيز الشمول المالي للمرأة وتمكين المرأة الاقتصادي، ووقع البنك المركزي المصري مـذكرة تفـاهم تعـد هي الأولى مـن نوعهـا حـول العـالم للعمـل علـى تعزيـز الشـمول المـالي للمـرأة ومجموعـات الادخار والإقراض والرقمنـة واسـتخدام وسـائل التكنولوجيا الحديثة.
- تنظيم شراكة مع البنك الزراعي المصري في منح كروت ميزة لما يقرب من 7 آلاف و 500 سيدة من المحافظات وبحي الأسمرات، وأخرى بتسويق للمنتجات المصرفية والقروض متناهية الصغر مثل باب رزق.
-تنظيم معارض تسويقية محلية ودولية بالتنسيق مع الجهات المعنية لعرض منتجات رائدات الأعمال وصاحبات الحرف اليدوية، كما قام المجلس بالشراكة مع البنك ومؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية بإصدار سلسلة من الكتالوجات الإلكترونية "المصرية" ليضم منتجات صاحبات الأعمال.
المحور الاجتماعي
استهدفت الاستراتيجية فى هذا المحور تهيئة الفرص لمشاركة اجتماعية أكبر للمرأة وتوسيع قدراتها على الاختيار ومنع الممارسات التى تكرس التمييز ضد المرأة أو التى تضر بها سواء فى المجال العام أو داخل الأسرة، والمساندة القانونية وتنظيم الأسرة والصحة الإنجابية ومساندة نوعية لبعض الفئات الخاصة.
أما عن التدخلات التى حددتها الاستراتيجية لتنفيذ هذا المحور فتمثلتفى إنشاء شبكة من مكاتب تقديم الاستشارات والخدمات القانونية، وتفعيل دور مكاتب الشكاوى التابعة للمجلس القومي للمرأة لتصبح قناة اللجوء الأولى للمرأة لحل مشكلاتها، بالإضافة إلى تطوير نظم للحوافز الاجتماعية لتشجيع السيداتلتنظيم الإنجاب مع المباعدة بين الولادات حفاظاً علىالأم والطفل؛ بالإضافةإلى خدمة المرأة المسنة وتطوير الخدمات الصحية المقدمة لها وتوفير البيئة الملائمة لحياتها، إلى جانب تعزيز الخدمات للسجينات من خلال تقديم الرعاية الصحية اللازمة للسجينات، خاصةً كبار السن منهن؛ تسهيل إجراءات رؤية السجينات لأبنائهن خاصةً لمن لديهن أبناء أقل من 15 سنة، إلى جانب العمل على فك كرب الغارمات.
***
شهد المحور الاجتماعى خطوات جادة من قبل المجلس القومى للمرأة حيث عمل على:
▪ تقديم اقتراح للكشف المبكر على سرطان الثدي والذي من خلاله تم إطلاق مبادرة رئاسية نفذتها وزارة الصحة المصرية وصلت إلى13 مليون سيدة في مصر.
- اتفاقية تعاون مع المجلس الأعلى للجامعات لتنفيذ ندوات توعوية بمختلف قضايا المرأة لاسيما التوعية بمخاطر الأورام والكشف المبكر.
-أطلق المجلس عدة مبادرات تحت شعار "بهية" و "سيدات مصر" و "احمي عيلتك احمي مصر بهية
في ظهرك"، قاد خلالها حملة تبرعات لصالح مستشفى بهية لتقليل قوائم الانتظار ودعم حالات
الكشف المبكر والعلاج وفحوصات ما قبل العلاج بالمجان، وقد حققت المبادرة عدة نتائج منها: "إنشاء وتجهيز غرفة كاملة باسم المجلس القومي للمرأة داخل المستشفى، ودعم 134 ألف سيدة بالكشف المبكر والفحوصات والعلاج، وتيسير وصول العلاج الهرموني للمريضات جائحة كوفيد-19، وإجراء 5 زيارات للمستشفى لتفقدها وتقديم الدعم المعنوي للمريضات، وتكريم120سيدة في احتفالية أقامتها المستشفى للمحاربات المتعافيات، والمشاركة في وضع حجز الأساس لمستشفى بهية فرع الشيخ زايد، ودعوة سيدات مصر للتبرع من أجل المساهمة في البناء والتجهيز".
- التنسيق مع الجهات المعنية مثل صندوق تحيا مصر ومصر الخير وغيرهما من المؤسسات في توزيع
الاحتياجات الأساسية للسيدات غير القادرات من المحافظات وصلت حجم المساعدات لما يزيد عن 500 ألف سيدة.
-منح 50 ألف سيدة من السيدات المعيلات والأكثر احتياجا شهادات أمان للتأمين على الحياة بالمجان.
محور الحماية
هدفت الاستراتيجية فى هذا المحور القضاء على الظواهر السلبية التى تهدد حياة المرأة وسلامتها وكرامتها وتحول بينها وبين المشاركة الفعالة فى كافة المجالات بما فى ذلك كافة أشكال العنف ضدها، وحمايتها من الأخطار البيئية التى قد تؤثر بالسلب عليها من الناحية الاجتماعية أو الاقتصادية.
وحددت الاستراتيجية عدد من التدخلات من أجل حماية المرأة من بينها الحد من التحرش من خلال تفعيل القوانين الرادعة ضد التحرش بالمرأة والذي يمتهن كرامتها؛ ونشر قوات الشرطة النسائية التي تعمل على رصد ومنع حالات التحرش بصورة أكبر في مناطق التجمعات، وتعزيز استخدام المرأة التي تتعرض لهذا التجاوز لحقها القانوني في ملاحقة المتحرشين وزيادة الدعم المقدم لها في أقسام الشرطة؛ وتعزيز التنقل الآمن للمرأة، وتعزيز حقوق المرأة والأسرة فى قوانين الأحوال الشخصية من خلال تعديل قوانين الأحوال الشخصية بما يحفظ حقوق المرأة ويضمن المصلحة الفضلى للأسرة، وتطوير كافة محاكم الأسرة بما يتناسب واحتياجات المرأة وخاصةً ذوات الإعاقة، وإنشاء آلية وطنية للتنفيذ الفوري لأحكام النفقات الخاصة بالمرأة ومن في حضانتها، والتوسع في إنشاء مكاتب المساعدة القانونية للمرأة الملحقة بمحاكم الأسرة، من أجل ضمان مساندة فعالة لحصول المرأة والأسرة على حقوق ما بعد الطلاق.
آليات تنفيذ عامة
ولضمان تنفيذ المحاور الأربعة التى حددتها الاستراتيجيةحدد المجلس القومى للمرأة آليات لمتابعة وتقييم تنفيذها تمثلتفى:
- متابعة دورية للاستراتيجية على مستوى مجلس الوزراء: من خلال تخصيص بند على جدول أعمال اجتماع مجلس الوزراء لمتابعة جهود تنفيذ الاستراتيجية على المستوى القومي كل ثلاثة شهور، وبحضور رئيسة المجلس القومي للمرأة.
- متابعة دورية للاستراتيجية على مستوى مجلس المحافظين: من خلال تخصيص بند على جدول أعمال اجتماع مجلس المحافظين لمتابعة جهود تنفيذ الاستراتيجية على المستوى المحلي كل ثلاثة شهور، بحضور رئيسة المجلس القومي للمرأة.
- المتابعة المستمرة من خلال مرصد المرأة المصرية بالمجلس القومي للمرأة يضطلع برصد المؤشرات التي تعكس مدى تحقق أهداف الاستراتيجية بشكل دائم بما يعزز عملية المتابعة والتقييم المستندة على القرائن والمعلومات.
ساحة النقاش