إشراف: إيمان عبدالرحمن - سمر عيد - أميرة إسماعيل - نهى عبدالعزيز - جلال الغندور- أمانى ربيع - هدى إسماعيل
الحياة أخذ وعطاء.. مشاعر متبادلة ومساندة ومشاركة فى الأفراح والأحزان، وفي حياتنا اليومية نسعى جاهدين إلى إقامة علاقات متوازنة مع الآخرين تجعلنا نشعر بالراحة النفسية والرضاء والسعادة، وفي الوقت ذاتهيعتقد الكثيرون أن إنكار الذات يساعد على بناء علاقات شخصية قوية وصادقة،وأن التنازل يمكن أن يبقي على علاقة عاطفية أو حتى صداقة، ولكنهل بالتنازل وإنكار الذات نبني علاقات صحية؟
في التحقيق التالي تجارب قراء وآراء متخصصين يجيبون عن هذا التساؤلويقدمون نصائح لعلاقات متوازنة لا تستنزف المشاعر.
فى البداية تقول أميرة موسى، مترجمة: التضحية دائما تكون سمة أساسية في المرأة والأم خاصة ففي الصغر اعتادت الفتاة على أن شقيقها الذكر يأخذ كمية أكبر من الطعام تحت مسمى أنه "الراجل" وفي الزواج تجدها تضحي براحتها وكل شيء من أجل زوجها الذي لايعطيها شيء مما تريد فى المقابل، حتى عندما تنجب تضحي بكل شيء من أجل الأبناء دون أن تعلمهم أن لكل شيء مقابل، وبما أن الصمت والاعتياد على التضحية من الصغر يكون الأمر عادة للأسف لاتستطيع بعض النساء أن تمتنع عنها.
ويقول عمر صلاح، مهندس: للأسف الشديد مررت بتلك التجربة في زواج سابق كانت تعطي كل شيء وتنتظر الكثير منىلكن كنت أقصر وكانت أسبابي تافهة دائما، كانت زوجة مضحية بمعنى الكلمة تحملتني 15 عاماً أنا وأبنائي وفشلت كل محاولاتها في لفت انتباهي لاحتياجاتها حتى عندما فرغت طاقتها من الصبر وهددتني بالرحيل لم أستمع لها وحدث الطلاق وحاولت جاهداً أن أصلح ماأفسدته لكن الأوان قد فات.
أما مروة محمود، ربة منزل فتقول: للأسف لا توجد علاقة متوازنة فدائما في جميع العلاقات الإنسانية نجد طرفا يعطي أكثر من الآخر حتى بين الأشقاء دائما تجد طرفا يتحمل الآخرين وفي الزواج كذلك والأغلب أن الزوجة هي من تضحي من أجل البيت والأبناء، لكن دائما طاقة المضحي تنتهي فلا يجد إلا الرحيل فقد نفذت كل طاقته في الصبر والانتظار.
التضحية بحدود
تقول د. هالة منصور،أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة بنها: جميع مافي الحياة يجب أن يكون متوازناوفي العلاقات سواء أكانت حباأو صداقة يجب أن تكون متوازنة، فلا يجور طرف على حق الآخر، لذا نقول دائما إن العلاقة المتوازنة تكون عندما ينجح كل طرف في تلبية متطلبات الآخر مع المحافظة على الحدود لأن احترام الحدود الشخصية بين الأطراف حتى في علاقات الزواج تؤدي إلى نجاح العلاقة، والتوزان نسبي في العلاقات يحدده الطرفان حسب احتياجات كل منهما من الآخر وأيضا تحقيق المتوقع والمطلوب من الآخر.
وعن الفرق بين التضحيات والتنازلات تقول: التضحيات يجب أن تكون في حدود ومساحة معينة وتكون اختيارية فلا إجبار فيها، أما التنازلات فتكون دائما من طرف مضغوط عليه وتكون إجبارية وإلزامية لغرض معين من أجل الحفاظ على العلاقة كوسيلة للضغط والتهديد دائما حتى يلبي الطرف "المضحي" جميع طلبات الطرف "المستغل".
وتضيف: الطرف الذي يضحي دائما لن يملك القدرة على الاستمرار في هذه العلاقة التي يلبي فيها كل شيء دون أن يحصل على شيء، فمع الوقت يبدأ الشعور بالخذلان يسيطر عليه ويفقد القدرة على العطاء سواء للطرف الآخر أو لأي إنسان آخر.
احترام الطرفين
ترى د. ريهام عبدالرحمن، خبيرة العلاقات الأسرية أن التوازن في العلاقات الإنسانية شرط أساسي لنجاحها، وفى غياب التوازن تهتز العلاقات نفسياً وكل طرف من أطراف العلاقة يصاب بالإحباط، فالعطاء بلا مقابل يجعل الطرف المعطاء يشعر بالندم في أوقات كثيرة عندما يتملكه الخذلان وعندما يكتشف أنه ضحية للاستغلال والإساءة.
وتقول: يجب أن يكون هناك مساحات صحية وشخصية بين الطرفين فالعلاقات دون تحديد المساحات للآخرين يدمر العلاقة سريعا، حتى الحدود بين الزوجين يجب أن يكون متوافراومحددا منذ بداية الزواج،فعلى سبيل المثال هناك وقت تعطيه المرأة لزوجها وبيتها وأبنائها لكن في نفس الوقت يجب أن يكون لديها وقت لتطوير وتنمية ذاتها وشخصيتها، فالمساحات الشخصية تخلق جوا من الانسجام، فالعلاقات خلقت للراحة وليست للضغط والتدمير.
وتستطرد:التواصل بصدق وبشغف والتفاهم واحترام آراء الطرفين كلها تبني توازنا في العلاقة مع التأكيد على ترك التوقعات المثالية سواء لشريك الحياة أو الصديق حتىلا يحدث خذلان، فالتوقع يجب أن يكون في حدود الممكن وفي كل ماهو واقعي، ويجب أن يكون الإنسان محب لكل شيء فالحب إحساس متبادل بين الطرفين، وفي الحياة الزوجية يمثل الرصيد إذا تم الآخذ منه فقط دون زيادته من وقت لآخر سينتهي مع الوقت ولن يكون هناك بديل للأسف.
أما عن الفرق بين التضحية والتنازلفتقول: التضحيةأمر إيجابيفالأم والأبيضحيان من أجل الأبناءوفى المقابل يجدان احتراما وودا وتقديرا ومشاعر إيجابية ودعما نفسيا، أما التنازل فهو أمر سلبي حيث تنازل الفرد عن الاحتياجات الضروريةللحياة لمجرد إرضاء الطرف الآخر،فيجد الإنسان الذي يتنازل دائما فاقداللسلام النفسي والأمان الداخلي وتنعدم لديه الثقة بالآخرين، ويمكن أن يصل الأمر إلى الصدمة النفسية، لذا يجب على الإنسان بصفة عامة ألايعطي أكثر من طاقته وعليه من وقت لآخر تقيم علاقاته بالآخرينخاصة العلاقة التي يقدم فيها تنازلات دائما.
الصداقة المتزنة
تقول د. نادية جمال الدين، خبيرة التنمية البشرية والعلاقات الأسرية: كل شيء في الحياة له أسس وقواعد حتى العلاقات الإنسانية، فكيف تكون الصداقة قائمة دون أن يعلم كل طرف احتياجات الآخر وطريقة تفكيره والتزاماته نحو الآخر، وفي نفس الوقت تكون المشكلات التي تقع بينهما يستطيع كل طرف استيعابها والوصول إلى حلول ترضي الطرفين وتساعد على استمرارالعلاقةدون أن يشعر أي طرف أنه يضحي ويتنازل أكثر من الآخر، ومن أجل استمرار علاقة الصداقة لسنوات طويلة دون حدوث خلل يجب أن يهتم كل طرف بالآخر وهو أمر ضروري وثابت في جميع العلاقات الاجتماعية، مع البحث دائما عن حلول للمشكلات التى قد تطرأ على العلاقة، بالإضافة إلى العطاء دون تنازلات فالحب والوقت والاهتمام والصدق في المعاملة كلها أمور معنوية تؤسس لعلاقات صحية سوية، مع التأكيد دائما على أن تواجد كلمن الطرفين في حياة الآخر تجعل الحياة أسهل وأبسط.
وتتابع: من الطبيعي في علاقة الصداقة المتزنة أن يكون الإخلاص هو السمة الأساسية وبالطبع لا يخلو الأمر من اختلاف في وجهات نظر بين الطرفين لكن طالما الاحترام عنصرا رئيسيا في العلاقة سيكون الأمر سهل في التعامل، مع التأكيد دائما أن الاختلاف لا يفسد العلاقة وأن التمسك بالطرف الآخر والإعلان عن ذلك أمر ضروري خاصة في وقت الاختلاف والمشاكل.
ساحة النقاش