حوار : محمد عبدالعال       

تلتهم الزيادة السكانية جهود الدولة المصرية التنموية على مدار عقود، وعلى الرغم من محاولات الحكومات المتعاقبة منذ ستينيات القرن الماضي للحد منهاإلا أن تلك المحاولات لم تجدى نفعا كونها اعتمدت على عامل وحيد وهو الإرشادات الطبية والوسائل المقدمة كحل طبى للتقليل منها، ومع بزوغ فجر الجمهورية الجديدة كانللدولة المصرية رؤية مختلفة، ففي 28فبراير 2022 كان حفل انطلاق المشروع القومى لتنمية الأسرة المصرية بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسي والذى تضمن رؤية شاملة لأبعاد المشكلة وكيفية علاجها اجتماعياوثقافيا وتعليمياوخدميابجانب المواد التشريعية.

وللتعرف أكثر على أبعاد المشروع بوجه عام وما يخص الجانب الخدميالمتمثل في الصحة الإنجابية والخدمات المقدمة للسيدات للحدمنالتزايد السكانى التقت "حواء" د. عمرو حسن، المدرس بكلية الطب جامعة القاهرة ومقرر المجلس القومى للسكان السابق.

بداية كيف يعمل مشروع تنمية الأسرة المصرية على حل مشكلة الانفجار السكانى؟

نحن أمام فرصة تاريخية وذهبية لحل مشكلة الانفجار السكاني، فمصر تتعامل مع هذا الملف منذ 57 عاما، وبالرغم أن دولا كثيرة بدأت مع مصر، إلا أنها أنهته منذ 15 سنة وأكثر، ولكن مع تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي أعطى الأولوية لوضع حلول للقضاء على هذه المشكلة بشكل جذري، ليتم التأكد من أن سبب المشكلة السكانية تكمن في علاقة معدل النمو السكاني بمعدل النمو الاقتصادي، إذ يجب أن يقل معدل النموالسكانى، عن معدل النمو الاقتصادى، حتى يستطيع المواطن البسيط الإحساس بثمار التنمية الاقتصادية، وما تضطلع به الدولة.

وما الذى يميز المشروع عن غيره من الحملات والمبادرات التى أطلقتها الدولة من قبل؟

الهدف الاستراتيجي العام للمشروع هو الارتقاء بجودة الحياة للمواطن بشكل عام من خلال رفع الوعى بالقضية السكانية والارتقاء بخصائص السكان ومستوى معيشة الفرد والعوامل المؤثرة فيه كمعدل الفقر والرعاية الصحية وجودة التعليم، ويتميز المشروع بأنه تنموى شامل لا يقتصر على الأسرة وتنظيمها، حيث تمتلك مصر الآن فرصة ذهبية لمواجهة حاسمة للزيادة السكانية بسبب توفر الإرادة السياسية لحل تلك المشكلة، فالفكرة الأساسية للمشروع قائمة على التمكين الاقتصادى للمرأة.

من خلال المشروع القومي لتنمية الأسرة.. هل اختلفت أساليب تعامل الدولة مع ملف الزيادة السكانية ليشعر المواطن بثمار التنمية؟

بالفعل هناك اختلاف تام في تعامل الدولة من خلال المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية مع ملف الزيادة السكانية، حيث أن التعامل في هذاالملف م نمنظورتنموي شامل وذلك من خلال وضع حوافز إيجابية لتشجيع السيدات على استخدام وسائل منع الحمل والالتزام بطفلين والتحول الرقمي والشمول المالي، وبالتالي فإن هذا المشروع مختلف تماما عن الأساليب التي كانت تتناول بها الدولة مع ملف الزيادة السكانية خلال السنوات الماضية.

هل يعني ذلك أن المواطن سيكون شريكا أساسيا في حل هذا الملف بشكل جذري؟

بالفعل التزام المواطن والأسرة بالضوابط التي أقرها المشروع هي السبيل لحل هذه القضية، وذلك لأن السكان فى مصر أحد عناصر القوة الشاملة للدولة، إلا أن هذا المبدأ ليس مطلقًا، ولكنه مشروط بألا تتعدى معدلات الزيادة السكانية قدرة الدولة على توفير الخدمات الأساسية بالجودة المناسبة، وألا تؤثر معدلات الزيادة السكانية على متوسط نصيب الفرد من الموارد الطبيعية، لا سيما المياه والطاقة والأرض الزراعية، وأن تتناسب معدلات الزيادة السكانية مع قدرة الاقتصاد الوطنى فى تحقيق مستوى مرتفع من التنمية البشرية، وتحقيق خفض فى معدلات البطالة

لماذا يعد محور التمكين الاقتصادي هو أهم محاور المشروع؟

الفكرة الرئيسية للمشروع قائمة على التمكين الاقتصادى للمرأة، فالسيدة العاملة تسعى دائما للتوازن بين عدد أفراد الأسرة وأوقات عملها فلن تفكر في إنجاب أكثر من طفلين بخلاف انفتاحها وثقافتها التي تساعدها على تنظيم الإنجاب، فهو مشروع قومى لتنمية الدولة المصرية من خلال الأسرة كما يركز على تنمية الخصائص السكانية من خلال تعليم جيد وغذاء سليم وعلاج جيد.

وما يمكن أن يقدمه المشروع لتطوير عيادات تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية؟

يندرج ذلك العنصر تحت المحور الخدمى للمشروع وهو ما يعرف بالحاجة غير الملباة لوسائل تنظيم الأسرة والتي تشمل السيدات في سن الإنجاب واللائي لم يستخدمن وسائل تنظيم الأسرة ويرغبن في تأجيل الطفل الثانى أوإيقاف الإنجاب كلية، وتعد السيدة لديها حاجة غير ملباة إذا كانت معرضة أن تصبح حاملا ولاتستخدم وسائل تنظيم الأسرة، وأهم أسباب الحاجة غير الملباة هو عدم انتظام خدمات تنظيم الأسرة في المناطق المحرومة بسبب قلة عدد الأطباء وتدريبهم وخبرتهم خاصة المكلفين من الخرجين الجدد والتى يبلغ عددها383 منطقة ويوجد 1250 وحدة صحية لا يوجد بها طبيب، وإذا نظرنا لما سيقدمه المشروع في هذا الجانب فنجده يعمل على خفض الحاجة غير الملباة للسيدات من خلال توفير وسائل الصحة الإنجابية وإتاحتها بالمجان بخلاف تدريب 1500 طبيبة والتعاون مع 400 جمعية أهلية لتقديم خدمات الصحة الإنجابية الى جانب تجهيز مراكز الخدمة المتنقلة.

وما أهمية الدور الذى من يمكن أن يحققه التعليم في ترسيخ فكرة الحدمن ظاهرة الانفجار السكانى؟

إذا نظرنا إلى الأرقام ووضع المرأة وجدنا أن الأمية بين النساء تعد من الأسباب الجوهرية للمشكلة السكانية والحقيقة أن التسرب من التعليم من أهم أسباب الزيادة السكانية والذى يؤدى إلى الزواج المبكر، فالشاب أو الفتاة الذى ينقطع عن التعليم في سن صغيرة يتجه إلى العمل وكذلك الزواج المبكر وبعد الزواج يبدأ الإنجاب ومن ثم زيادة معدلات الإنجاب في توقيت مبكر للغاية حيث الفرصة أكبر للخصوبة في السن الصغيرة، ومع زيادة معدلات الإنجاب ترتفع الزيادة السكانية وفى الغالبلا يكون زواج مستقر ما يترتب عليه مشكلات عديدة مثل زيادة معدلات الطلاق، وحل تلك المشكلة يكمن في زيادة الوعى الأسرى بضرورة تعليم الأبناء ومنع تسربهم من التعليم لغرض الزواج أو العمل.

وإلى أى مدى تنجح الحوافز الإيجابية في تنمية الأسرة المصرية والحد من المشكلة السكانية؟

اختارت الدولة من خلال مشروع تنمية الأسرة المصرية سلاح الحوافز الإيجابية وليس السلبية وذلك من خلال تشجيع المواطنين الملتزمينبمكافآت مادية مايشجع أفراد الأسرة ككل على الاقتناع وليست الأم فقط، فالزوج عندما يجد أنه عندما يلتزم بإنجاب طلفين فقط سيكون له حافز مادى يجعله يشجع الزوجة على استخدام وسائل منع الحمل.

وما كيفية التنسيق بين كافة أجهزة الدولة لإنجاح هذا المشروع؟

هناك تنسيق بالفعل بين كافة الوزارات والمجالس فكل منها له دور مكلف به ويعمل من خلاله، فإذا نظرنا للخطة التنفيذية فيما يخص الجانب الخدمى المسئول عن الصحة الإنجابية وعيادات تنظيم الأسرة والعيادات المتنقلة وجدنا تنسيقا بين عدد من الجهات مثل وزارة الصحة والتضامن الاجتماعى لتكوين شبكات محلية وإقليمية من الجمعيات الأهلية وفقا لمعايير محددة لاستكمال عيادات تنظيم الأسرة، ويساعد التنسيق بين وزارات التضامن الاجتماعى والصحة والسكان والتموين والتجارة الداخلية على تحديد مكونات سلة الأغذية وتحويل الدعم الغذائي وفقا لمعايير الالتزام والانتظام في برامج تنظيم الأسرة والتي تقرها وزارة التضامن الاجتماعى.

 

 

المصدر: حوار : محمد عبدالعال
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 482 مشاهدة
نشرت فى 26 مايو 2022 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,701,042

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز