كتبت: شيماء أبو النصر

فرضت مواقع التواصل الاجتماعى واقعا يعانى منه المجتمع كله بما تقدمه من محتوى لا يخضع لمعايير المصداقية ويستخدم بشكل كبير لنشر الشائعات الهدامة والأكاذيب ومحاولة هدم قيم المجتمع، وإن كان كبار السن لديهم من الوعى لاكتشاف الحقيقية ما يمكنهم من التعامل مع منصات التواصل الاجتماعى، فما هو حال الأطفال؟ وكيف يمكن حمايتهم من آلاف الصفحات والمحتويات غير الأخلاقية؟ وما سبل تجنيبهم مخاطر التنمر الإلكترونى والوقوع فى براثن عصابات الواقع الافتراضى والابتزاز الإلكترونى؟

 

"ابنى يتابع صفحات التواصل الاجتماعى لمدة تصل إلى 6 ساعات يوميا ولا يترك هاتفه إلا على النوم" شكوى متكررة لعدد من الأمهات ومنهم رباب السيد ربة منزل، والتى تؤكد بقولها أعانى مع أبنائى لكى يتركوا تليفوناتهم للمذاكرة حتى أنهم يجلسون على النت لمتابعة الفيس بوك فى أثناء تناول الطعام.

"ابنتى تطلب منى أن أحضر لها هدايا عيد ميلاد كما رأت بلوجر شهيرة على الفيس بوك تقدم لبنتها" هكذا بدأت إيمان ربة منزل كلامها، مضيفة: عندما أكدت لها أن ما تشاهده على الفيس بوك مجرد تمثيل من أجل الشير واللايك وأنها حياة غير حقيقية صدمتنى بقولها إنها كانت تريد أما مثل التى تراهم على مواقع التواصل التى تسمح لأولادها بتناول الطعام يوميا فى المطاعم لتجربة الأكل والحصول على الهدايا الكثيرة.

وتقول وفاء إبراهيم، موظفة: إنها عانت كثيرا مع أبنائها حتى سمحت لهم بعمل حسابات على الفيس بوك، وأنها أجلت هذه الخطوة كثيرا ولكن بعد إصرار منهم بدعوى أن كل أصدقائهم لهم صفحات على الفيس بوك بل ومنهم من أنشأ لهم آباؤهم قنوات على التيك توك.

آثار سلبية

بعد الاستماع إلى مشكلات الأمهات مع مواقع التواصل الاجتماعى سألنا د. تامر شوقى، أستاذ علم النفس التربوى بجامعة عين شمس عن العمر المناسب الذى يسمح للطفل استخدام هذه المواقع فقال: لا يجب إنشاء حسابات على الفيس بوك للأطفال قبل أن يبلغوا 13 عاما وذلك تبعا للقواعد المعمول بها في إدارة الفيسبوك، يجب ألا يقل سن المستخدم عن ١٣ سنة وهو سن مناسب للأطفال من الناحية النفسية والتربوية والذى يوازى الصف الأول الإعدادى، والتى تمثل بداية مرحلة المراهقة وزيادة وعي الطفل بالعالم الخارجي مقارنة بفترة الطفولة، حيث يكون الطفل في هذا السن قد اكتسب بالفعل الكثير من القيم والمعايير الدينية والأخلاقية والمهارات الأساسية في اللغات والرياضيات والتى تمثل الأساس في تعليمه في باقي الصفوف الدراسية الأعلى، كما قد يكون حقق درجة جيدة من النضج الجسمى في عضلاته المختلفة، أيضا في هذا السن تستمر قدرات الطفل العقلية وأساليب تفكيره في النمو والنضج.

وعن الآثار النفسية لمواقع التواصل على أبنائنا وطرق مواجهتها، يؤكد دكتور تامر شوقى أنه من الأخطاء التى قد تقع فيها الأسرة إنشاء حساب مزيف باسم ابنها الذى يقل عمره عن ١٣ سنة مع تزييف عمره الحقيقي بحيث يتسق مع شروط إدارة الفيسبوك، أو حتى تنازل أحد أفراد الأسرة (سواء من الوالدين أو أحد الإخوة الأكبر سنا) عن حسابه على الفيسبوك لصالح الابن وهو في عمر أصغر الأمر الذى يترتب عليه عديد من  التأثيرات السلبية والتى تشمل اكتساب الطفل قيم سلبية مثل الكذب أو الزيف، واحتمال تعرض الطالب للاستهداف من قبل عصابات الاتجار بالبشر، واحتمال انضمام الطفل إلى جروبات ضد القانون تشجع على السلوكيات اللاأخلاقية مثل الإلحاد أو ارتكاب الجرائم، احتمال دخول الطفل مواقع الألعاب المختلفة التى تتضمن ممارسات لا أخلاقية، كما يمكن أن يصاب الطفل بإدمان لمواقع التواصل الاجتماعي والهوس بعدد الإعجابات والتعليقات.

ويتابع: من الآثار السلبية لاستخدام الطفل لمواقع التواصل الاجتماعى إهماله لمذاكرته، وتعوده على تأجيل أى مهام أو تكليفات دراسية مطلوبة منه، ومن ثم حصوله على درجات منخفضة في الامتحانات بل واحتمال رسوبه فيها مع ميل الطفل إلى الانطواء والانعزال عن الآخرين، فقدانه المهارات الاجتماعية ومهارات التواصل الإيجابي مع الآخرين، وأيضا معاناة الطفل من بعض المشكلات الصحية مثل أمراض العيون والجهاز العصبي وآلام العضلات المختلفة. 

كيفية توعية الطفل

حول طرق تشكيل وعى الأطفال فى التعامل مع منصات التواصل الاجتماعى يؤكد دكتور تامر شوقى دور الوالدين في تشكيل وعي الأبناء بكيفية التعامل مع منصات التواصل الاجتماعى شريطة ألا يكون الوالدان أنفسهما لدى أي منهما إدمان بتلك المنصات، ويشاركهما في ذلك المدرسة ووسائل الإعلام ودور العبادة وذلك من خلال إكسابهم القيم الأخلاقية والدينية السليمة والتى تمثل الحصانة الأولى لهم ضد مخاطر وسائل التواصل الاجتماعي، وتوعية الأبناء من خلال الوالدين والمعلمين ودور العبادة ووسائل الإعلام بخطورة منصات التواصل الاجتماعى والتى لا يخضع الكثير منها لأى رقابة وقد تنقل محتويات غير أخلاقية للأبناء.

ويشير د. تامر إلى ضرورة فتح باب الحوار بين الآباء والأبناء قائلا: يجب أن يشعر الآباء أبناءهم بالأمان والطمأنينة بحيث يبلغونهم عن أى وقائع أو مشاهد غريبة يرونها أثناء استخدامهم وسائل التواصل ما يسمحهم بتوجيه النصح والإرشاد لهم حول كيفية التعامل معها، مع ضرورة أن يكون الوالدان قدوة للأبناء في كيفية الاستخدام الرشيد لوسائل التواصل الاجتماعي، تشجيع الأبناء على سرد سلبيات منصات التواصل الاجتماعى من وجهة نظرهم وكيف يمكن تجنبها، توعية الأبناء بضرورة تحديد وقت معين يوميا لتصفح تلك المواقع وقت الحاجة إليها فقط وعدم الإفراط في الوقت المخصص لها، توعية الأبناء بالاستخدامات الإيجابية لوسائل التواصل الاجتماعي مثل الاشتراك في الجروبات التعليمية ومعرفة الأخبار من المصادر الموثوق منها، مراقبة الأبناء بشكل غير مباشر خلال استخدام مواقع التواصل وعدم تركهم بمفردهم لساعات طويلة.

ويختم د. تامر حديثه مشددا على ضرورة توعية الطفل بكيفية الحفاظ على بياناته وألا يشاركها مع أحد، ومساعدته فى تحقيق الإنترنت الأمن وذلك من خلال ضبط جهاز الموبايل المستخدم لضمان عدم عرض محتوى غير أخلاقى، وتدريبه على ارتياد الصفحات ذات المحتوى الهادف، وتعريفه بكيفية حماية نفسه فى العالم الافتراضى وعدم قبول صداقة أشخاص لا يعرفهم، والرجوع إلى أحد الوالدين واستشارته فى أى وقت وتجاه أى شيء.ط

المصدر: شيماء أبو النصر
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 96 مشاهدة
نشرت فى 28 نوفمبر 2024 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,935,575

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز