<!--<!-- <!--

كل عام ونحن .. والأمة الاسلامية جميعا بخير بمناسبة شهر رمضان الكريم شهر البر ، والاحسان .. في هذا الشهر لي ذكريات كثيرة ، وعزيزة علي قلبي منذ أن كنت طفلة صغيرة ألهو، وألعب بالفانوس مع الاصدقاء .. لكن مرت الأيام ، واختلفت الأحوال ، وأصبحت الآن امرأة ناضجة أعمل في إحدي الوظائف الحكومية متزوجة ولي بيت وزوج وأولاد .. ولد في الجامعة ، وبنت في المرحلة الثانوية وكما اختلفت الاحوال اختلفت معها ذكريات رمضان التى تبقى لى من كل عام .

لذا ففي هذا العام قررت أن أكتب يومياتي .. البداية دائما ما تكون فى ليلة الرؤية ، ورغم اننا منذ عدة سنوات نعرف بشكل شبه مؤكد موعد بداية شهر رمضان لكن مازال لليلة الرؤية مكانها فى نفوسنا ، فما أن يعلن المفتى أن غدا رمضان حتى تنتابنى حالة من النشاط المفاجئ المصحوبة بالتوتر أبدأ أعد كل شئ استعدادا لقدوم هذا الضيف العزيز ، والبداية تكون من المطبخ أعد قائمة بما يلزمنا من اشياء لافطار اليوم التالى، ورغم أننى منذ ما يقرب من اسبوع اعد العدة لرمضان ، واشتريت الكثير من المستلزمات لكن دائما ما يكون هناك أشياء ناقصة خاصة أننى ما أن بدأت اعداد القائمة حتى وجدت قائمة أخرى من الطلبات يطلقها زوجى، والأولاد الكل يريد أن يكون افطار رمضان مميزا وكأننا لا نأكل إلا فى رمضان.

هنا أطلب من ابنى أن يحضر ما ينقصنا من أشياء اندهش من رده بأنه عنده موعد مع اصدقائه للاحتفال بليلة الرؤية ، ولا وقت عنده لشراء شئ تثور اعصابى من عدم تحمله للمسئولية وأنانيته ، وابدأ فى الانفعال لكننى أجد أننى سأضيع وقتى ، وجهدى دون فائدة فلا أجد غير زوجى ليقوم بهذه المهمة التى يؤديها على مضض بعد أن يعطينى محاضرة أخرج منها بأننى السبب فى أى شئ لا أدرى لكننى دائما ما أكون السبب، وها أنا قد تعودت على مثل هذه الاتهامات وأصبحت لا ألتفت إليها .. كل ما يعنينى الآن هو تحضير الأوانى اللازمة والاطباق والتى ستزيد طبعا عما نحتاجه فى الأيام العادية ، وإعداد الجزء الأكبر من طعام الغد.. وتنظيف المنزل.

أتعجب من حالى لماذا كل هذا المجهود فى هذا الوقت القصير هل رمضان هكذا يأتى مفاجأة كل عام ؟!

أطلب من ابنتى المساعدة ، فتتكاسل قليلاً فهى لديها قائمة أخرى تعدها هى وصديقاتها فهن يتحدثن عبر الهاتف عن المسلسلات التى سيشاهدنها فى رمضان .. كما يتحدثن ويرتبن بعض السهرات خاصة أنهن فى أجازة ابدأ فى الغضب ، فتأتى ابنتى مسرعة لمساعدتى أظل اعمل ، وأعمـــل حتى موعــد السحور ..

نوم علي المكاتب

أنام قليلاً جداً ، وأستيقظ فى الصباح الباكر لتبدأ رحلة العمل.

أستيقظ متكاسلة وأنا لم أنل حظى من النوم .. اشعر بالعطش من بداية اليوم فالجو حار جداً.. استغفر الله واستعد للذهاب للعمل .. سبقنى زوجى إلى عمله أما الاولاد فمازالوا يغطون فى نومهم .. تركت لابنتى ورقة بالمطلوب منها عمله .. وكذلك فعلت مع ابنى ، واسرعت بالذهاب للعمل الذى كنت قد تأخرت عليه كثيرا بدأ رأسى ينذر بالصداع لكننى تغافلت عنها ، ودخلت مكتبى مسرعة لأجد الزملاء مثلى تشى عيونهم بانهم لم يناموا وأن الكسل والحر قد أنهك قواهم حتى أن البعض بدأ يومه بالنوم على المكتب ..

حاولت متابعة عملى لكننى كنت أشعر بالتعب الشديد .. كان الوقت يمر بطيئا كذلك ما انجزه من عمل إن كنت اعتبر نفسى موظفة مثالية لأننى مازلت أنظر لأوراقى ، بينما غيرى راح فى نوم عميق.

يزداد الألم فى رأسى فأضعه بين راحتى وانتظر انتهاء اليوم الذى طال اكثر من اللازم .. فى النهاية نخرج افواجا من مقر العمل .. نسرع لنلحق بإحدى وسائل المواصلات .

سائق التاكسي

الشمس حارقة ، والحرارة بلغت من وجهة نظرى المائة وستين درجة فاخرج من تفكيرى ركوب أى وسيلة مواصلات عامة لأنها ستعنى اختناقى بكل تأكيد حتى الميكروباصات لا سبيل لها.. اضحى واسعى لركوب تاكسى فلا يهم من المعروف أن مصروفات شهر رمضان كبيرة ، وهذا العام لن نذهب للمصيف فرمضان جاء فى منتصف الصيف لذا لدينا الاستعداد الكافى ، وحتى ان لم يكن لدينا لا يهم رأسى يكاد أن ينفجر فلأضحى بثمن اجرة التاكسى فكم ستكون؟ بعد عناء يوافق تاكسى على توصيلى إلى الشارع العمومى .. يبدأ طول الطريق فى سلسلة من الشكوى ، والضجر من الحر ، وازدحام المرور، وأنه .. وأنه.. يضيق صدرى من عصبيته التى يبررها بأنه صائم ، ولا يشرب سجائر اتعجب من تبرير سوء الاخلاق بالصيام.

فى النهاية اصل إلى الشارع العمومى ، وأعطى السائق الأجرة المعتادة .. أجده يصبح ثائراً مطالباً بمبلغ اكبر، والتعليل أننا فى رمضان اعطيه على مضض ويزداد تعجبى من إلحاق أى شئ برمضان .

اسرع إلى البيت وقد انهكت كل قواى لاجد ابنتى جالسة أمام التليفزيون ، وابنى يلعب على الكمبيوتر وعندما اسألهما عما فعلاه بخصوص الأوراق التى تركتها لهما يدعيان ، انهما لا يعرفان شيئاً عن الأوراق .. لا أجد الوقت كافيا حتى للكلام .. فحلقى قد جف تماما وأذان العصر يملأ المكان اسرع للصلاة ، واسرع ، واسرع لأنهى ما تبقى لدى القيام به بخصوص طعام الافطار .. يأتى زوجى حاملا كيلو من الكنافة مطالبا بأن اطهوها لنأكلها بعد الافطار .. لا استطيع الرد ، فقد اعطانى ما اشتراه واسرع هو لينام واوصى بأن نوقظه عند أذان المغرب.

انظر إلى الكنافة واشعر بمدى القهر الذى اعانى منه فاضعها فى الثلاجة دون أن انطق بكلمة .. تزداد حدة نوبة الصداع .. لكننى لا التفت اليها وازداد سرعة .. وسرعة حتى انهى كل شئ .. أنادى على الأولاد دائما ، وهم دائماً يتكاسلون .. اوازن بين اضاعة الوقت والجهد معهما أو القيام بالعمل وتحمل المجهود فاختار الاخير..

أخيراً يؤذن المغرب .. هنا يساعدنى الثلاثة فى تجهيز المائدة ويبدأ كل واحد منا فى الدعاء بما يريد لنفسه مع شرب العصير.. اسرع أنا بتناول اكبر كمية من الماء ، فالعطش قد بلغ منى مبلغا كبيراً ، اتناول احدى ثمرات التمر حتى اتمكن من أخذ مسكنا لرأسى الذى انفجر من الصداع .. اجلس معهم على المائدة أراهم يتناولون الطعام بشهية ولا أحد يشكرنى أو يثنى على ما فعلته بل ان بعضهم يبدى ملاحظاته على الطعام.

لا التفت لأحد فرأسى منشغل بما سأفعله فى اليوم التالى والذى سأبدأ فى اعداده من بعد الانتهاء من الافطار مباشرة.. يفاجئنى زوجى بسؤاله عن الكنافة.. هنا أصيح بأعلى صوتى ، وكأننى بركان قد انفجر لتوه مافيش كنافة .. الكنافة مارضيتش تتعمل .. الكنافة قالت «لأ .. لأ ..

 

المصدر: ايمان العمرى - مجلة حواء
  • Currently 75/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
25 تصويتات / 1303 مشاهدة
نشرت فى 8 سبتمبر 2010 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

23,346,158

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز