<!--<!-- <!--

 تخوض ميزانية الأسرة المصرية الآن حربا ضروسا لتوفيق أوضاعها ، بعد أن استنزفتها مائدة رمضان وملابس العيد والكعك والعيدية، الآن هى تواجه مصروفات العام الدراسى الجديد التى لابد من تسديدها للحصول على الكتب والانتظام فى الدراسة، ولابد من الملابس والأحذية الجديدة وأيضا الكشاكيل والكتب الخارجية والحقائب والكراريس والأقلام والمساطر وغير ذلك من لوازم بدء الدراسة.

ورطة كبيرة تواجهها الأسرة فى ظل ارتفاع الأسعار المستمر والذى طال كل شىء، وثبات معظم دخول الآباء والأمهات، والحاح الأطفال والشباب على أن يكون لديهم الجديد دائما ، إذ كيف يذهب الطفل أو الشاب إلى المدرسة بملابس أو أحذية العام الماضى .

طرحنا الأمر على الأمهات باعتبارهن يتحملن العبء الأكبر من مسئولية الأسرة، كون الأب مشغولا بـ «لقمة العيش» ، كما يقولون ، فكانت الاجابات تحمل قدرا كبيرا من الصبر والحكمة ، حيث لابد من تدبر الأمر بحيث لا تحدث أزمة أسرية تنعكس على جو الأسرة وتشعل حريقا فى البيت .

السيدة ميرفت خليل - موظفة باحدى شركات المحمول - قالت إنها ذهبت الى مدير عام المدارس الخاصة التى تلحق بها أبناءها - طفل فى الصف الثالث وآخر فى الإعدادية وفتاة فى الثانوية العامة - وعرضت عليه أمر تقسيط المصروفات على خمس دفعات، والا فإنها ستضطر إلى تحويل أبنائها إلى مدارس ميرى - حكومية - ووافق مكرها .

وقالت : المدارس التى فيها أبنائى مدارس عربى ، أى نعم خاصة لكنها عربى ، ومع ذلك زادت المصروفات مثلا بالنسبة لابنتى الكبيرة - ثانوية عامة - خمسمائة جنيه عن العام الماضى ، باختصار مجموع مصروفات الأولاد 8 آلاف جنيه ، كان المطلوب قسط أول 4600 جنيه ، والباقى ندفعه قبل امتحانات نصف العام، أنا أجبرت مدير المدارس على تقسيط المبلغ كله فى خمسة أقساط، من أين أتى بالمبلغ كله ونحن خارجون من الصيف ورمضان والعيد، بخلاف أمور أخرى طرأت كمرض زوجى ، والارتفاع المهول فى أسعار الأكل والشرب والدواء والمواصلات .

وأقسمت روحية عبدالصمد - طبيبة بأحد المراكز الطبية - أنها لم تشتر لا لنفسها ولا لزوجها ولا لأولادها ملابس جديدة فى العيد ، وأن خوفها من «زنقة المدارس» جعلها تستغنى عن الكثير من الاشياء، لم نصيف ولم نخرج للإفطار فى رمضان حيث كما اعتدنا انا وزوجى والأولاد الخروج والإفطار فى وسط البلد، وأصلحت حقائب المدرسة للأولاد، وبالنسبة للملابس والأحذية فهى يمكن استخدامها على الأقل فى الترم الأول، وفى الترم الثانى نشترى جديدا».

وأضافت الدكتور روحية: الأمر صار صعبا جدا، لكن ماذا ستفعل، إننى أعمل أنا وزوجى وما نرزق به وإن كان كثيرا لكن مع ارتفاع الأسعار الدائم، لايساوى شيئا، اننى أشفق على هؤلاء الذين يتقاضون رواتب ضعيفة وله أبناء فى المدارس ماذا سيفعلون وقد استهلك رمضان والعيد ميزانيتهم وقام زوج السيدة عصمت رجب - ربة منزل - بالحصول على قرض من البنك الأهلى بضمان وظيفته، وقالت : على الرغم من أننا من فئة ميسورى الحال إلا أن الحمل هذا العام كان ثقيلا ، ذهبنا للمصيف، ثم دخل عليها الشهر الكريم، والعيد ، وهذه مناسبات من الصعب عليك أن تتجاهلها، لم نكن نستطيع أن نمنع تبادل العزومات مع الأهل والأقارب والأصدقاء، كذلك لم نكن نستطيع أن نشترى ملابس جديدة للعيد أو المدارس، من هنا اضطر زوجى للحصول على قرض، دفعنا منه القسط الأول من المصروفات ونصرف من الباقى على مسلتزمات الدراسة من كراريس وكشاكيل وأقلام وغيره، الطفل اليوم والشاب أيضا لا يعنيه إن كان أبوه يعانى من أزمة مالية أو أى شىء ، المهم أن يحصل هو على مايريد، وعندما تجادله يقول لك زميلى يلبس، زميلى عنده، زميلى اشترى ، ينظرون الى زملائهم ويحرجونك ، فتضطر إلى الاستدانة من أجل تلبية طلباتهم، والسبب فى ذلك ارتفاع الأسعار، مصاريف مدارس زادت، مصاريف الباص زادت، ثمن الكتب الخارجية زاد . كل شىء زاد سعره، السيدة فاطمة عبدالمغيث - أرملة وأم لفتاتين فى المرحلتين الإعدادية والثانوية وتعمل مدرسة - قالت انها اضطرت أن تفك وديعة قيمتها «عشرة آلاف جنيه» كانت تستعين بارباحها مع معاش زوجها وراتبها ، لتدفع القسط الأول من المصاريف الذى زاد هذا العام بنسبة 25% ، وأضافت «إننى أم لفتاتين بمرحلة البلوغ ومن الصعب اضغط عليهما بينما أرى زملائهما يلبسن ملابس جديدة وأحذية جديدة وحقائب جديدة، وأنا مدرسة فى مدرسة بنات وأعرف كيف تغار الفتاة من زميلتها، ثم اننى حريصة على عدم التقصير خوفا على نفسية البنتين ، فى البيت نضغط مصروفات الأكل وما ليس ضروريا من الاشياء ، لكن خارج البيت وتحديدا فى المدرسة من الصعب فعل ذلك، لذلك اشتريت لهما كل شىء جديد ، وربنا يرزق» .

وتؤكد عليه جميلة - موظفة بهيئة البريد - ان راتبها وزوجها - يعمل سائقا بهيئة النقل العام - لا يكفى مصروفات مدارس أولادهما - ثلاث بنات وولد - وأن مجموع اجمالى الراتب لا يساوى قيمة مصروفات المدرسة الخاصة عربى - لذا قررت وزوجها تحويل ابنائهما الى مدارس حكومية ، وقالت سنصرف على الأكل والمعيشة أم على المدارس وحدها، ما هذه الزيادة فى المصروفات وما هذه الزيادة فى أسعار الكتاب والكشاكيل والكراريس، ماذا نفعل ونحن لانملك غير رواتبنا، وكما تعرف الراتب يزيد فى العام عشرين أو ثلاثين جنيها ، فى الوقت الذى تزيد فى نفقات المعيشة فى العام عشرة أضعاف هذا المبلغ ، أن زوجى وهو فى الأربعين من عمره حين تراه تقول عنده 70 سنة، يعمل على تاكسى بعد عمله الأساسى ، لا يدخل البيت إلا لساعات قليلة، اليس هذا حراماً، اليس هذه الغلاء يمكن أن يخرب بيوتاً كثيرة ، والله فى بيوت خربت بسبب الغلاء ، أزواج يفاجأون أنهم لا يستطيعون الانفاق فتتأزم حياتهم ويكون الطلاق مصير الأسرة الصغيرة الجميلة .

 

المصدر: محمد حمامصى - مجلة حواء
  • Currently 73/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
25 تصويتات / 1449 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

23,322,506

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز