الدكتورة حكمت أبو زيد - ابنة (كفر الشيخ داود) بأسيوط والأستاذ المساعد لعلم النفس بكلية البنات بجامعة عين شمس والتي وقع عليها الاختيار لتكون أول وزيرة بل أول امرأة عربية تتولي منصب الوزارة كوزيرة للشئون الاجتماعية منذ عصر شجرة الدر أطلق عليها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر «القلب الرحيم للثورة» تلك السيدة التي تهوي النقد وقراءة الشعر والكتب الأدبية بل عشقت التنس والألعاب السويدية حاورتها حواء في حوار خاص بتفاصيل عن حياتها ومنصبها السابق في عصر سمي «بعصر التنوير» وكانت المرأة وتحررها وتطورها جزءاً من تفاصيله .
الدكتورة حكمت.. أول وزيرة عربية.. تلقت دروسها الابتدائية فى مدرستى سوهاج وأسوان الابتدائية ثم التحقت بمدرسة حلوان الثانوية وبعدها دخلت كلية الآداب قسم التاريخ ونالت دبلوم معهد التربية عام 1941.
ودبلوم آخر فى التربية أيضاً من جامعة (أدنبرة) عام 1949 وحصلت على ماجستير التربية من جامعة «سانت الدروز» اسكتلندا عام 1950 ودكتوراه فى علم النفس التربوى من جامعة لندن عام 1957.
تحدثت معها فى حوار ممتد وكانت ودودة يقظة تؤرخ لكل التفاصيل بمنتهى الدقة وكانت المحطة الأولى فى حديثى عن العصر الذى ولدت فيه وسر التنوير والحياة الثقافية الغنية والاتجاه لتعليم الفتيات وحرص بعض الآباء على ذلك.
ثورة 1919
أكدت د. حكمت أبوزيد إن ثورة 1919 كانت ملهمة لعصر التنوير.. كبار المفكرين بعثوا الحياة الثقافية والتعليمية به أمثال طه حسين ولطفى السيد بل إن كثيرين من رجال هذا العصر كانوا فلتة من فلتات الزمن» وتكمل د. حكمت الحديث قائلة: أما والدى هذا الأب الملهم كان يعتبر البنات أحق من الذكور فى التعليم ومن هنا كانت لديه روح مجاهدة من أجل تعليم بناته اللائى سبقتن أولاده الذكور فى الولادة لم يسع والدى لشراء أطيان يتركها لنا ولكن هذا الفلتة الطبيعية تنبأ بأهمية تعليم الفتيات وتغلب على الصعوبات الجغرافية وانتقالنا من مدرسة لأخرى بسبب تنقله للعمل بالسكة الحديد فى أماكن مختلفة.
كان والدى رحمه الله يصر على ذهابنا للمدرسة الابتدائية «بديروط الشريف» التى كانت تبتعد عنا عدة كيلومترات كان أبى يفعل ذلك فى وقت كان الصعيد بلا أى نهضة تربوية أو تعليمية وكان يؤكد أن فتياته أبداً لن يتخلفن عن الدرب لمجرد إنهن إناث. هذه كلمات يجب أن تسجل له بأحرف من نور.
التعليم الثانوى للفتيات لم يكن منتشراً بل لم يكن وقتها سوى ثلاث مدارس ثانوية للفتيات بالقطر المصرى مدرسة السنية ومدرسة حلوان الداخلية ومدرسة الأميرة فوزية بالإسكندرية ماذا عن ذكريات تلك المرحلة.
هيبة المعلم
بالفعل انتهيت من تعليمى الجامعى من كلية الآداب والتاريخ كان المادة التخصصية وذهبت للتدريس للفتيات بمدرسة حلوان وكانت تلميذاتى نابهات منهن آمال فهمى ونعمات أحمد فؤاد ونوال السعداوى وعواطف البدرى كن فتيات شعلة من الوطنية والحماس والابتكار وحب لمادة التاريخ.. حفنة من الفتيات متميزات.. نابهات من حيث الكفاءة والعلم والتطور منهن من يرتبط بى حتى الآن هذه الرابطة القوية المتينة التى نفتقدها الآن بين المعلم وتلاميذه لم يكن التدريس مهنة لذلك لم تنتشر الدروس الخصوصية وقتها لم تكن علاقتنا بالطلبة مادية ونفعية وإنما كانت علاقة تربوية ومؤثرة.. كان المعلم يساعد فى اعادة صياغة شخصية الطالب فكان يرتبط به ويحترمه ويبجله.
خطوات كثيرة دبلومات وماجستير من جامعة «سانت الدروز» باسكتلندا ودكتوراه من لندن وربط بين التاريخ والعلوم التربوية ماذا عن تلك الفترة لفتاة مغتربة تعيش بالخارج فى وقت كانت مصر تنادى بالاستقلال.
حب الوطن
فى الحقيقة كانت فترة غنية بالوطنية وحبنا لمصر كنا هناك وأذكر الكثيرين منهم د. حامد عمار شيخ التربويين ود. أحمد أبوزيد مجموعة متوهجة بحب مصر.. كنا هناك سفراء لبلدنا ننادى بالاستقلال وكنت فى الحقيقة أنادى به منذ كنت طالبة بالثانوى فى مدرسة حلوان الثانوية وكنا ننادى «يسقط هدر.. يسقط هدر وزير خارجية بريطانيا ومنها.
كنا أصحاب مبادىء وقيم ورسالة نسعى لتوصيلها كان العلم والتعلم هو هدفنا فى الحياة كرجل وامرأة معاً.
رائدات التنوير
د. حكمت.. معالى الوزير كنت واحدة من رائدات التنوير أمثال سهير القلماوى وعائشة عبدالرحمن بنت الشاطيء وأمينة السعيد وإنصاف سرى وشاركت فى المقاومة الشعبية أيام العدوان الثلاثى ما تفاصيل هذه المشاركة..
- رجعت من إنجلترا بالدكتوراة وعينت فى جامعة عين شمس بكلية البنات التى أنشأتها أستاذتى أسماء فهمى وعينت مدرسة بها وشاركت وقت العدوان الثلاثى بالفعل فى المقاومة الشعبية.
كنا نشارك فى المقاومة الشعبية وكانت جزءاً من تكويننا فبعض الفتيات يقمن بالتمريض والبعض يحمل البنادق ويتعلم استخدامها استعداداً للمعركة.
فى الحقيقة كانت المرأة وقتها دوؤبة متميزة.. متحمسة وطنية.. تحب العلم والعمل كنا نعمل جميعاً لخدمة المجتمع هنا وهناك.
تولى الوزارة
معالى الوزيرة لحظة توليك الوزارة سبقتها خطوات لخدمة المجتمع ونشاط مع الطالبات ومشاركة ميدانية ووطنية فى مشكلات المجتمع ومن هنا تم اختيارك أول وزيرة ماذا عن تلك اللحظة والخطوات السابقة لها وخاصة وقد اشتهرت بمعارضة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وهل كانت لحظة متوقعة منكي.
- بالفعل كان هناك لجنة الميثاق الوطني.. لجنة مكونة من مائة شخص لمناقشة هذا الميثاق ووردت جملة تتحدث عن المرأة فى باب المجتمع قلت وقتها هى إنسانة يطبق عليها ما جاء على الرجل واعترضت أيضاً على المراهقة الفكرية التى تحدث عنها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وطالبت أن تكون الثورة عقلانية لأنه لن تثمر إذا كانت عاطفية وكان حواراً تليفزيونياً منقولاً على الهواء وقتها كتب الرئيس الراحل جمال عبدالناصر اسمى فى ورقة أمامه.
وكانت لحظة لن أنساها لها وقع عظيم ليس على الأهل فقط ولكن على المجتمع ككل الذى صفق تصفيقاً شديداً لهذه الخطوة وقتها لم تكن هناك ردة بل كانت المرأة يرحب بها ترحيبا شديداً وليس مثل الآن يرفض البعض مشاركتها فى مجلس الدولة وما حدث به وفى ذات التوقيت تم تعيين سيدتين بمجلس الأمة.
رائدات ريفيات
د. حكمت عينت وزيرة فى 25 سبتمبر 62 كوزيرة للشئون الاجتماعية ماذا عن أهم المشروعات والخطوات التى نفذتها ومازلت تذكرينها حتى الآن بالوزارة .
- مشروعات كثيرة أذكر منها مشروعات الأسر المنتجة والرائدات الريفية والتى اقتبستها الأمم المتحدة ونفذتها والتى تؤهل الفتيات الريفيات للمشاركة فى تطوير وتنمية المجتمع بالريف من حولهن.
أيضاً مشروع تهجير النوبة إلى منطقة شمال كوم أمبو الذى أعجب به الكثير ومنهم (باندرانيكا) رئيسة وزراء الهند وقتها هناك أيضاً قانون الجمعيات الأهلية وكان يهدف إلى جعل تلك الجمعيات ليست مجرد رئاسة وعنجهية فقط وإنما لها دور فعال.. مؤثر.. إيجابى بالمجتمع وأيضا من أهم القوانين كان قانون الضمان الاجتماعى الذى يحمى أصحاب الحاجات ويحمى المواطن.
ساحة النقاش