<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-fareast-font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-theme-font:minor-fareast; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin; mso-bidi-font-family:Arial; mso-bidi-theme-font:minor-bidi;} </style> <![endif]-->

كلما رأيت في الجرائد صورة لفنانة صغيرة، أو قرأت في برامج اللهو اسما لطفلة أو صبية، ثارت الدماء في عروقي لإهمالنا الذريع في رعاية النشء، وتمنيت لو كان الأمر بيدي،حتى أضع حدا لهذه المهزلة الإنسانية، التي تنكرها المبادئ الخلقية السليمة، ولا تقرها أبسط قواعد التربية الاجتماعية الصحيحة.. ففي كل بلد متحضر تحاط الطفولة بسياج قوي من القوانيين الكفيلة بحمايتها، ورد عدوان المستغلين عنها، والغرض من ذلك أن نبقى الطفولة في المكان المخصص لها: أي البيت والمدرسة.

وأنا أعرف أن لدينا قانونا يحرم على الفتاة الإشتغال في الملاهي قبل سن معينه، ولكني لا أرى أثرا لتطبيقه، ففي كل يوم نسمع بطفلة أو صبية، احترفت الغناء أو الرقص، وخرج بها أهلا إلى أسواق اللهو، لتسهر حتى مطلع الفجر في أجواء بعيدة عن الوقار والإحتشام...

ولو كان الأمر قاصرا على الحفلات الخاصة، لظننت أن الخطأ يحدث في غفلة من القانون، ولكن ماذا أقول وقد رأيت بعيني خلال زيارتي لبعض البلاد العربية في الصيف الماضي، فنانات مصريات صغيرات يرقصن في كباريهات لا يبدأ العمل فيها قبل منتصف الليل، وشهدتهن بنفسي يبدين من فنون التثني والإغراء، ما تعجز عنه الضالعات في المهنة!

أولئك الصغيرات لم يسافرن من مصر بغير علم القانون، فقد استخرجت لهن جوازات السفر، ومنحن الإذن بالخروج بصفتهن المهنية المعروفة، وبناء على عقود العمل في الخارج، وفي هذا دلالة أكيدة على تساهلنا في تطبيق القوانين الرشيدة الصريحة.

وهذا الكلام ينطبق على ما يجري داخل بلادنا أيضا، فالمفروض لنا جميعا أن الفنانات الصغيرات يمارسن العمل علنا، ويسهرن الليالي على مشهد من السلطات، وكان واجبنا أن نردهن إلى الأوضاع الطبيعية لسنهن، فنحرم عليهن احتراف الفن إلا في أضيق الحدود وأسلمها عاقبة، وبذلك نمتعهن بحقهن من الحياة البيتية الهادئة، ونمكنهن من الثقافة المدرسية الواجبة.

المسألة كلها غلطة فاحشة، ما كان يصح أن تقع في مصر الناهضة، فنحن بالتساهل مع الفنانات الصغيرات، نقضي على المواهب وندمر الأخلاق، فما من صوت جميل يستغل قبل تمام النضج، إلا مصيره الفناء. ولدينا أمثلة بالغة من مطربات صغيرات كان ينتظرهن مستقبل عظيم، ولكن مستغليهم استهلكوا أصواتهن قبل الأوان، فضاعة الواهب، وأنتهى الأمر بصاحباتها إلى مؤخر الركب.. فما بالنا بما يصيب بنات في سن الطفولة، يحترفن الرقص في أجواء المجون، ويمارسن فنون الإغراء في أوساط السكر والعربدة!

أي مستقبل ينتظرهن، وأي حياة نسوقهن إليها؟

أذكر عند زيارة الأوبرا الأمريكية لمصر، أن رأينا بين ممثلي الفرقة طفلين صغيرين، وكنا نعرف مدى اشتداد القانون الأمريكي فيما يختص بأحوال النشء، فلما سألنا في هذا الموضوع، قيل لنا: إن الحكومة هناك ألحقت الممثلين الصغيرين بمدرسة كبيرة معروفة، وحملتها مسئوليتهما كاملة. وإذا اضطرت الفرقة إلى السفر، تنتدب إدارة المدرسة معلمة ترافقهما طول الرحلة، ومهمتها لا تقتصر على التثقيف، فهي مكلفة أيضا برعاية حياتهما، وعرضهما على الطبيب كل أسبوعين، وقد يحين موعد الأامتحان في أثناء السفر، فتبرق المدرسة إلى أقرب مدرسة أمريكية إليهما، وتكلفها بامتحانهما، فإذا نجحا كان بها، وإذا رسبا أصبح لزاما عليهما أن يعودا إلى وطنهما فورا، على أن لا يسمح لهما بممارسة التمثيل مرة أخرى- لا في أمريكا ولا خارجها- قبل أن يتمكنا من النجاح.

هذا ما تفعله البلاد الحريصة على رعاية المواهب وحسن تربية النشء، ولسنا أقل منها غيرة على أولادنا، فجدير بنا أن نضع حدا لمأساة الفنانات الصغيرات، حتى لا يقال أننا نتغاضى عن أقبح ألوان الرق في عهد الحرية والآباء

رئيسة التحرير

 

المصدر: أمينة السعيد - مجلة حواء
  • Currently 45/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
15 تصويتات / 1264 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,699,376

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز