على الحب تربينا كمصريين .. لا فرق بيننا نتقاسم اللقمة والكلمة والبسمة الحلوة .. على الحب ودفء الصداقة نشأنا معا صغاراً .. جيران فى البيت الواحد .. فى الفصل داخل مدارسنا .. يربط بيننا حب لا يعرف إلا الوفاء ونبل الصداقة كأننا أشقاء فى أسرة واحدة.. لا أزال أذكر صديقتى الجميلة خلقاً وخلقة «سلوى ميخائيل» فى فناء المدرسة نلعب جميعاً مع الأصدقاء .. وعلى الدراسة نتنافس .. وبعد المدرسة نعود سوياً فى صحبة إلى بيوتنا نمر على الكنائس تجاور المساجد نسمع الأذان ودقات الأجراس معا .. تهتز قلوبنا البريئة فرحاً بألحان السماء التى تجمعنا وتوحد قلوبنا على الحب ..
أدخل بيتها وتدخل بيتى فلا نجد إلا الحب والحنان من أسرتينا .. فى يوم الجمعة يستقبل والدها أصدقاءه بعد صلاتهم الجمعة فى الجامع المجاور لبيته .. وفى الكنيسة كنا معاً نجتمع فى فرحة على أكاليل زفاف ابنته الكبرى .. تمتزج الزغاريد وتنطلق من كل بيت والتهانى من المدعوين مسلمين ومسيحيين.
فى صغرى كنت مثل كل طفلة تخاف طبيب الأسنان ولكن استطاع الدكتور «نقولا» بابتسامته الحنون أن يحتوى خوفى ببراعة شديدة وأصابع ماهرة يخلع سنتى وهو يقص على قصة جميلة ليشغلنى عن فزعى .
أما الدكتور نعيم فهو طبيب العائلة صغيرها وكبيرها يثق فيه الجميع .. وإذا احتاج أحدنا إلى تخصص دقيق أرشدنا إليه لا فرق بين طبيب مسلم أم مسيحى فقط يختاره لكفاءته فى تخصصه .. فى العمارة المجاورة لى يجتمع حب الجيران وثقتهم على الشاب «جميل» الذى اختاره صاحب العمارة المحاسب القانونى «محمود» من قريته بالفيوم وائتمنه على العمارة ليكون حارسها وكذلك كل سكانها الذين لم يرضوا بغيره بديلا لنشاطه الذى لا يهدأ هو وزوجته الطيبة وأولاده مريم وأشرف ومادونا .. أدب ونظافة يلعبون مع أطفال العمارة فى حب وبراءة .
هكذا نحن دائما وفى مؤسستنا الصحفية التى أسسها صاحبها «جورجى زيدان» وأصر على أن يضم بين جنباتها أفضل العناصر الصحفية من الكتاب والمحررين والفنانين التشكيليين والمصورين لا فرق بين مسلم ومسيحى المهم الكفاءة .. كانت ومازالت صورا جميلة من الحب حتى أنه اختار أن يطلق عليها مؤسسة دار الهلال لتكون أعرق دار صحفية تأسست منذ أكثر من مائة عام 1892 .
شهامة المصريين
وعالم الفضاء
عالم الفضاء المصرى الشاب عصام محمد حجى والذى يعمل حالياً بوكالة ناسا» الأمريكية للفضاء يقول فى اعتزاز .. إن أجمل مايميزنا كمصريين هذا الحب الذى يربط بيننا ويظهر قويا فى القرية .. اننى أدين بالجميل الذى كان سبباً فى استمرارى ببعثتى الدراسية بفرنسا عندما نفدت أموالى استضافنى صديق مصرى مسيحى فى بيته لنقتسم معاً الحياة بل اشترك هو وصديق آخر مسلم فى نفقات طباعة رسالة الدكتوراه لى .. ولهما أدين بالفضل وهو خير مثال على حب وشهامة المصريين .. لا فرق بيننا فكلنا مصريون .
السيدة العذراء
ومن قبل لاذت السيدة العذراء بوليدها المسيح عيسى ابن مريم عليهما السلام لتحميه من بطش ملك اليهود هيردوس فى بيت لحم بفلسطين الذى كان يقتل كل الأطفال خوفاً على عرشه وفقاً للنبوءة ..
فكانت الرحلة المقدسة على أرض مصر بلد الحب والأمن والأمان فقالت عنها وعن شعبها طوبى لشعب مصر .. مبارك شعب مصر والتى كرمها الإسلام كما لم يكرم امرأة مثلها .. خير نساء العالمين .. واختص سورة كاملة باسمها فى القرآن «سورة مريم» وأعلى شأنها وقداستها بين كل الأديان .
وعندما لاذ المسلمون من بطش المشركين وعذاب الكفار فى مكة كان النجاشى ودينه المسيحى أول من فتح أبواب الحبشة إليهم بعد أن استأمنه الرسول الكريم «محمد» صلوات الله وسلامه عليه ـ على أرواح المسلمين ودينهم .
فالمسلمون جميعا يؤمنون بالرسل الذين تنزلت عليهم الأديان السماوية ومن بينهم المسيح «عيسى» عليه السلام .. كما جاء فى القرآن سورة البقرة «آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله ...».
هكذا جاءنا رسولنا الكريم يدعونا بدعوة الإسلام التى دعاه اليها الخالق سبحانه وتعالى بنشر الاسلام والحب والتسامح .. وأقر الرسول بمبدأ المواطنة لا فرق بين عربى وعجمى أو أصحاب الأديان السماوية إلا بالتقوى .. فكلهم مواطنون لهم نفس الحقوق .. وقد تزوج رسولنا الكريم من السيدة ماريا القبطية .. هدية ملك مصر «المقوقس» .. ورزق منها بابنه ابراهيم الذى مات صغيرا .. وكانت لها مكانة كبيرة فى قلب رسول الله يعرفها الجميع وجاء القرآن مؤكداًَ على دعوتنا لهذا الحب والتآخى بين المسلمين والمسيحيين.. فى قوله تعالى فى سورة المائدة: «لتجدن أقربهم فى مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن بينهم قسيسين ورهباناً وأنهم لا يستكبرون».
فلنتمسك جميعاً بقيمنا التى تربينا عليها وليغرس كل أم وأب فى أبنائه هذه القيم وليتمسك شبابنا بأجمل ما يميز بلادنا جميعاً.. فمنذ أن وقف المصريون مسلمين ومسيحيين فى وجه الاحتلال الفرنسى ومن بعده الاحتلال الإنجليزى رافضين الاحتلال.. يواجهون بصدورهم رصاص الفرنسيين والإنجليز.. ليسقط الشهداء لتختلط دماء المسلمين والمسيحيين من النساء والرجال من أجل إستقلال بلادهم.. وليسافر لأول مرة الوفد المصرى النسائى على رأسه الرائدة هدى شعراوى ليضم خمساً من النساء المصريات كمسيحيات ومسلمات رافعات علم مصر يتوسطه تعانق الهلال مع الصليب للمؤتمر العالمى للاتحاد النسائى الأوروبى 1922 «بروما» فكان ذلك أبلغ رد على وجود فتنة طائفية بين أبناء الشعب المصرى كما ادعى الإنجليز.. مما جعل الوفد المصرى وعلمه فى الصدارة.. وأعلنوا عن انضمامه رسمياً للاتحاد النسائى العالمى ليصبح خير سفير لقضية بلاده وحقها فى الاستقلال والدستور.
فلنكن جميعاً شباباً وفتيات سفراء للحب والسلام داخل وخارج بلادنا.
وقد كان لمجلة «حواء» شرف التقدير من المجلس الأعلى للصحافة برئاسة السيد «صفوت الشريف» رئيس المجلس لمناقشة التناول الإعلامى وتحديد مسيرة العمل الإعلامى فى المرحلة الدقيقة وتحديد الرؤية الوطنية فى مواجهة النزعة الطائفية التى تحاول أن تطل برءوسها ووأد استثمارها لصالح أهدافها ومنطلقاتها. وقد جاء فى تقرير الممارسات الصحفية عن المعالجة الصحفية التى شكلها رئيس المجلس ورأس اللجنة الدكتور فاروق أبوزيد وضمنت عدداً كبيرا من أعضاء المجلس لترسيخ قيم المجتمع من التناول الصحفى المسئول للقضايا والأحداث: ووضع علامات للعمل الإعلامى والرؤية الوطنية الواجبة فى هذه المرحلة فى مختلف الصحف القومية والحزبية والخاصة لتشمل الكلمة المكتوبة والمسموعة والمرئية فى إطار الحرص على حرية الصحافة لتبصير المجتمع بما يحاول البعض من تفريق وحدته من قوى خارجية.
فالوطن كان ويجب أن يكون فوق كل المسميات ومهما كان الإختلاف فى الرأى فى قضايا العمل السياسى فى وسائل الإعلام المسموعة والمرئية إلا أنه لا يمكن الاختلاف على إتفاق الجميع على وحدة هذا الوطن والتصدى معاً لأى بادرة تهدد وحدته.
ان غالبية الصحف المصرية تناولت هذه القضية بمستوى المسئولية الواجبة مع وجود القلة التى استغلتها كوسيلة للإثارة والترويج بما نشرته من أخبار وتحليلات وحوارات غير دقيقة انعكست سلباً على مصالح الوطن القومية.. وإنهم يساعدون بغير قصد فى تحقيق أهداف الذين يتربصون بالوطن ووحدته واستقراره الأمر الذى يرى المجلس الأعلى للصحافة على الاتفاق أن تعلو قضية الوحدة الوطنية فوق كل القضايا والمصالح.
ولذا جاء تقرير لجنة الممارسات الصحفية ليضع «حواء» فى صدارة الصحف المصرية التى تناولت هذه القضية وتصدت لها بشكل إنسانى ناجح وكان للمقال الصادر بتاريخ 16/1/2010 هذا الشرف.. ننشره لنستمد من جديد ذاكرة تاريخنا وقيمنا الجميلة لكل أجيالنا الجديدة.
ساحة النقاش