لا للصمت .. لا للإهانة .. لا للتحرش !!
كتبت:تهاني الصوابي
لمـاذا يعـتـبـر التحــرش مـــن القـضــايـا المسكــوت عنها ؟ !.. وماهو الطريق لكسـر حـــاجـــــز الصـمــت والسكوت ؟!
مأساة تتكرر مشاهدها كل يوم ، حينما تخرج المرأة من منزلها تعد خطواتها بصعوبة ، وكأنها فى طريقها إلى معركة ،هى مأساة يومية لكل امرأة عاملة كتب عليها التعايش مع عمل تتعرض فيه للتحرش الجنسى .
ظاهرة
حتى وقت قريب كان التحرش ظاهرة فى طى الكتمان ، فالخوف والفضيحة جعلا المرأة أسيرة تلك الأهانة لسنوات عديدة ، حتى فاض الكيل ، مما قد تتعرض له من أهانات بسبب التحرش الذى ينتهك آدميتها يومياً بالفعل أو بالقول ، فبدأت الظاهرة بالخروج تدريجياً إلى ساحات النقاش على يد جمعيات وأصوات حقوقية نسائية على أمل وضع حل لما تلاقيه تلك الأم أو الفتاة من ألم وعذاب بين جدران عملها اليومى ، فقد أصبح يقال علناً وجهراً ما كان يقال همساً ، وأصبحت وسائل الاعلام تتناوله بالمناقشات والبحث عن حلول ، وهو ما شاهدناه مؤخراً على شاشات السينما من خلال فيلم ، «678» ، الذى يعالج الظاهرة ويطرحها بكل جرأة وشجاعة ، ودون خجل أو كسوف ، تلك المعاناة التى أصبحت ملازمة للمرأة بصفة عامة والمرأة العاملة بصفة خاصة ، وما تتعرض له من إهانة شبه يومية .
المرأة العاملة
ففى دراسة نشرتها مؤسسة تابعة للاتحاد الأوروبى، أن المراة العاملة فى كل من مصر والأردن وتونس تعانى التمييز على أساس النوع فضلاً عن التحرش الجنسى ، حيث ركزت الدراسة التى أعدتها المؤسسة ومقرها تورينو فى إيطاليا بين عامى 2008 ، 2010 على عمل المرأة ، «أن الحكومة استثمرت بشكل كبير فى تسهيل وصول النساء إلى التعليم فى السنوات الأخيرة ، لكن حذرت من أنه مالم يتم بذل الجهود لتيسير وصولهن إلى العمل ، فإن هذا الاستثمار سيذهب هباء»، وقالت الدراسة ان هناك تحدياً آخر يواجه المرأة العاملة فى البلدان الثلاثة بصفة. عامة تتمثل فى التحرش الجنسى سواء فى مكان العمل ، أو فى طريقهن إلى العمل فى الحالات التى لايتم فيها توفير وسائل النقل لهن .
ركزت الدراسة على ظاهرة التحرش بالمرأة فى العمل نظرآً لحساسية الموضوع ، فكثير من الضحايا يخاف من الفضيحة ، وتلويث السمعة ، لأن أصابع الاتهام سوف تشير بالدرجة الأولى إليها ، لذلك تفتقد المرأة الجرأة والشجاعة فى التحدث عن معاناتها ، فالتحرش يعتبر من القضايا «المسكوت عنها» فى المجتمعات العربية بصفة عامة ، ومنها مصر نظرا لحساسية القضية ، ناهيك عن خوف بعض الضحايا من فقد عملها ، خاصة إذا كان المتحرش هو رئيسها بالعمل ، فتصبح عاجزة عن مقاومة إساءاته وتحرشاته المباشرة .
الاضطهاد
المؤكد أن ضعف المرأة فى مقاومة التحرش من قبل رئيسها إلى جانب الاضطهاد الذى قد تتعرض له بالحرمان من العلاوات والترقيات، وهو مايسبب لها الانهيار العصبى خاصة إذا كانت ظروف المرأة لاتسمح لها بمغادرة مكان العمل والانتقال لآخر ، فقد تكون محظوظة إذا كان بإمكانها الهروب إلى مكان عمل آخر ولا تجد مديراً أو زميلاً آخر يهوى التحرش بالنساء .
المؤكد أن إزدياد معدل تعرض المرأة العاملة للتحرش الجنسى أثناء العمل ، وهو نتيجة طبيعية لما تذيعه وسائل الاعلام كل ساعة من مشاهد جنسية مثيرة ، تدفع الرجال للتحرش بالزميلات والعاملات ، ولا تسلم منه المرأة المحتشمة أو غير المحتشمة ، وسواء كانت المرأة محترمة أو غير محترمة ، كلهن سواء ، لكن المؤسف أن تتحول المرأة هنا من ضحية إلى متهمة فى مجتمع لايرحم المرأة فى ظل مجتمع ذكورى ، لايرحم الأنثى فى مثل هذه القضايا ، وهو مايؤكده بعض أساتذة علم النفس من أن طبيعة الرجل الشرقى تجعله يعشق المرأة التى ترفض مغازلته وتتمنع عليه ، أو التى تشعره أنها بعيدة المنال ، فيظل يلهث وراءها حتى ينال غرضه منها بأى وسيلة ، وكلما عنفته كلما ازدادت رغبته ، فى الوصول إليها باهانتها من خلال التحرش بها .
الدراسات كثيرة ، وكلها تؤكد تعرض غالبية النساء العاملات للتحرش ، ومنها ما كشفته دراسه مصرية أعدها الدكتور طريف شوقى أستاذ علم النفس بجامعة القاهرة والدكتور عادل محمد هريدى أستاذ علم النفس المساعد بجامعة المنوفية أن من بين مائة امرأة يوجد 68 تعرضن فعلاً للتحرش الجنسى داخل محيط العمل سواء كان هذا التحرش لفظياً أو بدنياً .
العقوبة
أرجعت الـدراسـة سـبـب التحرش بالمـرأة فـى العمل إلى زيادة أعداد النساء العاملات حيث أنهن يمضين وقتاً طويلاً فى التعامل مع الرجل داخل بيئة العمل ، إلـى جـانـب الضعـف النفسى للالتزام بالقيم الـدينيـة لدى بعض الـزمـلاء ، فضـلاً عـن المشاهـد المثيرة التى تبثها وسائل الاعلام ، لذا توقعـت الدراسـة زيـادة معـدل تعـرض المـرأة العاملة للتحرش الجنسى أثناء العمل سـواء من رؤسـائها ، أو مــن زمـلائها ، أو حتى من بعض أفراد الجمهور المتعامل معها فى ظل غياب قانون رادع حيث أن عقوبة التحـرش حـددتـها المادة 279 مـن قانون العقـوبات ، والتى تقر بأن يعاقب بعقوبة الفعل العلنى الفاضح كـل مـن ارتكب مع امرأة أمراً يخدش حياءها سواء بالقول أو الفعل ، ولو فــى غـيـر علانية، وهى الحبس مدة لاتزيد عن سنة والغرامة التى لا تتجاوز 200 جنيه ، فهل هذا يكفى لمنع التحرش؟ بل كيـف يمكن إثبات هـذا التحرش فى مجتمع يخشى الفضيحة ويسكت على التحرش ، وهـذا هـو السؤال ؟!
ساحة النقاش