حاجة تشرف..شبابنا صناعة مصرية

كتبت: نجلاء أبو زيد

«الرجالة تبان وقت الشدة».. مثل شعبي لخص وببساطة حال شبابنا الذي أعاد اكتشاف نفسه في الأيام الماضية. عندما مرت مصر بأشد شدة عند اختفاء الأمن وانتشار البلطجة وفجأة ظهر ابن الحتة الذي نسمع عنه في حكايات الجدات ليدافع ويحمي وينظم المرور، وتم إطلاق مسمي اللجان الشعبية علي حماة أحيائنا في كل مكان.

وحول طبيعة هذه اللجان وكيف شكلت وقصص أبطالها خلال ليالي الحماية كان التحقيق

المسؤلية

محمود أحمد بكالوريوس تجارة تحدث قائلاً عرفت داخل أسرتى بأننى لا أهتم بأى شيء ولا أفكر إلا فى نفسى ولكن بعد إنسحاب الشرطة وسماعى وأصدقائى عن هجوم البلطجية اكتشفت أننى شخص آخر فنحن جميعاً نجلس فى الشارع فى عز الليل وكلنا إصرار على ألا يقترب أى بلطجى من أى بيت فى الشارع وبدأت الأفكار فأقترح أحدنا الصعود على سطح البيت للبحث عن أشياء يمكن استخدامها فى اعادة الدراجة النارية أو العربة النصف نقل التى سمعنا أنها تتجول فى الشوارع لنركز فى شوارع بعينها ونظمنا أنفسنا ولم نتشاجر على فكرة من القائد فكلنا نشعر بالمسئولية وظللنا لليال نحمى بيوتنا المسلم بجوار المسيحى لا فرق فكل منا على استعداد للموت ليحمى عائلة الآخر لقد أرادوا أن نموت من الخوف لكنهم أعطونا حياة جديدة!!

- يتفق معه ويكمل خلف - شاب من الصعيد لم يكن حتى هذه الأزمة يعرف أحداً فى الشارع الذى يسكن فيه لعمله بأحد المصانع الصغيرة بالمنطقة ولكن فجأة وجد نفسه ينزل ومعه السكين ليدافع عن البيت الذى يسكن فيه وعن الحى ولأول مرة بعد أكثر من عام يتبادل الحديث مع شباب الحى الجامعى منهم والعامل والتلميذ وشعروا كأنه يحمى أهل قريته فى أسيوط فكلنا مصريون وحماية العرض والبيت واجب على كل قادر!!

 

حركة المرور

عمرو الصعيدى صيدلى قال:- بمجرد أن أختفى الأمن ظهرت حالة من الهرج والمرج والخوف فى الشوارع والميادين الرئيسية فأغلقت الصيدلية وعدت لبيتى وبعد وقت بدأت أسمع عن سيارة ميكروباص بها رجال بلطجية وتضرب بالرشاشات فنزلت وتحدثت مع الشباب وعملنا مجموعة للوقوف على مدخل الشارع الرئيسى لنفتش السيارات التى تظهر بعد وقت الحظر وفوجئت بأن محل حداد يحضر لنا بعض أسياخ الحديد لتساعد فى حماية أنفسنا وإرهاب أى بلطجي، وفى الصباح بدأنا بتنظيم حركة المرور ووجدت لأول مرة أن الناس متعاونة جداً وملتزمة لأقصى حد وبعد فترة سمعنا أن الأسعار ارتفعت فى بعض المحال فاتفقنا على أن نشكل مجموعات كل مجموعة تذهب لمكان لإقناع البقال وصاحب المخبز والبائعين فى السوق والحمدلله اقتنع أغلبهم ولأول مرة أشعر أن لى أهمية وأن جيرانى من الشباب لهم أفكار كلنا اكتشفنا أننا نقدر على أشياء كثيرة لكن لم تكن لدينا الفرصة فقط وبعد أن بدأت الأحوال تهدأ بدأنا نتحدث مع بعض التجار على عمل كرتونة مساعدات لبعض عاملى اليومية بالحى وتحدث شيخ الجامع فى الميكرفون طالباً أن يسأل كل جار على جاره لأننا فى نهاية الشهر.. بصراحة المصرى راجل بمعنى الكلمة وربنا يحمى مصر.

اللجان الشعبية

جورج ميلاد صاحب محل يقول: علاقتى بجيرانى محترمة لكننى دائماً فى حالى لأننى أعمل طوال اليوم لكن فى ظل هذه الظروف سهرت معهم فى اللجان الشعبية وتبادلنا الحديث فى كل شيء ووجدتهم بجوارى لحماية محلى وبيتى وعندما سمعوا أن هناك سيدة عجوز مسيحية فى منطقة مجاورة لا يجلس معها أحد تطوع أحدهم بإرسال أمه للجلوس معها أو دعوتها قبل أن أنطق لأعرض الموتى لتأتى لبيتى فى الصباح علمت أن أحدهم ذهب وسألها عن طلباتها واشتراها لها ورفض أن يأخذ منها فلوس حتى تحصل على االمعاش وعندما أصررت على أن أدفع له قالى لى لو كانت أمى وفعلت أنت ذلك هل كنت ستقبل أن أدفع لك فصمت، بصراحة كونت صداقات فى هذه الأيام السوداء جعلتنى أصدق عبارة رب ضارة نافعة فأنا الآن لا أشعر أننى وحيد حتى عندما عدت لفتح محلى مطمئنا وبشدة على أهل بيتى فالشباب الصغير الذى لا يعمل مازال حامياً للجميع!

هذه كانت بعض تجارب اللجان الشعبية التى تشابهت فى شبرا والمهندسين ومدينة نصر فكلنا مصريون!!

الايجابية

وتعليقاً على ما قامت به اللجان الشعبية وكيفية الاستفادة مما حدث فى المستقبل تحدثت مع د. زينب شاهين أستاذ علم الاجتماع.

فقالت: هذه الثورة التى شهدتها مصر أظهرت امكانيات وقدرات تم قمعها لدى الشباب، فالشباب كان يعانى ضغوطاً كثيرة منها غياب الفرص وعدم الاحساس بإمكانية التحقق كل هذا جعله يظهر مشاعر اللامبالاة والسلبية لكن كانت دائماً بداخله طاقة لم تستغل وعندما بدأت الأحداث واحتاجت مصر الأمان كون اللجان الشعبية واشتركت فيها كافة الأعمار ووجدنا إيثار للآخر عن الذات وأن هناك صفات إيجابية كامنة وأن هذا الشاب ذكى ومبتكر ومنظم لأقصى درجة لقد قام بتنظيم المرور وصعد بعضهم لوسائل الموصلات العامة لحث الناس على التحقق من شخصية أى شخص يقول أنه شرطي، فالاحباطات الكثيرة التى عانى منها الشباب لم تعطهم الفرصة لإظهار مواهبهم فانعزلوا عن المجتمع وعن أنشطته وجنحوا للسلبية لكن عندما وجدوا الفرصة ظهرت الإيجابية وشعروا أنها الفرصة للتغيير وشكلت اللجان الشعبية للتأكيد على أننا لا نخاف ولا نسمح لأحد بإهدار كرامتنا ليعطينا الأمان، لقد قام الشباب بتنظيف الشوارع فأجبروا المجتمع المحيط على ألا يلقى أحد أى شيء لأن الأسر شعرت أن أبناءها تعطيها درساً فى المسئولية فاندمج المجتمع معهم لقد ساعدت الأحداث الأخيرة على إعادة اكتشاف أنفسنا من جديد وأكدت على أنها تتوقع أنه فى المستقبل سيتم تفعيل دور اللجان الشعبية لتخدم مجتمعها فى النظافة والتكافل وأمور أخرى لربما لا يكون بينها الأمن بعد نزول الشرطة لكن ستستمر اللجان فى تطوير مجتمعها الصغير لأن الشباب شعروا بأن الوطن وطنهم والحى ملكهم ومسئوليتهم.

 

المصدر: مجلة حواء- نجلاء أبو زيد - تصوير: حسام عبدالمنعم

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,744,500

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز