<!--<!--<!--<!--<!--

أحكام الشريعة تراعى واقع الناس وأحوالهم

كتبت :أمل مبروك

أجمع العلماء على أن الشرائع السماوية عند نزولها من الخالق متفقة على أمرين: أحدهما الإقرار بوجود إله خالق رازق لهذا العالم، وواضع لقواعده ، وثانيها الدعوة إلى مكارم الأخلاق مثل الوفاء بالعهود والعقود، والإخلاص في الأقوال والأفعال، وأداء الأمانات.. وغير ذلك مما تدعو إليه هذه الشرائع. . لكنها تختلف من حيث الأحكام العملية في العبادات، والمعاملات، والشهادات، وجزاء الجنايات، ونظم المواريث ؛ فلكل شريعة أحكامها الخاصة بها.

فى ظل حالات الفساد التى تتكشف الآن هل الشرع يحكم الواقع الذي نعيش فيه؟ أم أن الواقع الذي نعيشه هو الذى يحكم الشرع؟

د. منال صلاح _ طبيبة أطفال

- تؤكد د. آمنة نصير _ أستاذة الفقه بجامعة الأزهر - أن الشرع هو الحاكم، وأنه ينبغي التعامل مع الواقع من خلال معرفة أحكام الشريعة، وهذا أصل مقرر لا يحتمل التردد، قال تعالى: وَيَقُولُونَ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ ، وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ، وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ، أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ، إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ، وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ .

وقال سبحانه: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالا بَعِيدًا، وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا، فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا ، أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلا بَلِيغًا، وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا ، فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا .

وهنا لابد من التنبيه إلى أن الشريعة تراعي في كل أحكامها واقع المكلفين الخاص والعام، ولذلك جاءت قواعدها الكلية والجزئية تتلاءم مع هذا المبدأ، فمن هذه القواعد أن الاستطاعة هي أساس التكليف، وأن الضرر يزال، وأن المشقة تجلب التيسير، وأن العادة محكمة، وأن الأمور بمقاصدها. ومن يدرك الغرض من هذه القواعد وأمثالها من قواعد الشريعة يعلم يقينا مدى ملاءمة الشريعة لمعايش الناس، مهما اختلف واقعهم، وتنوعت مقاصدهم، وتعددت أهدافهم.

وهنا يوجد تنبيه آخر لا بد منه، وهو أن الحكم الشرعي ذاته ثابت لا يتغير متى اتفقت القضايا والمسائل ، وإنما قد يتغير الحكم تبعا لتغير صور هذه المسائل أو دخول العوارض المعتبرة في الشرع، ومن ثم تتغير الفتاوى والأحكام عند تنزيلها على المسائل والوقائع تبعا لذلك، ومن أمثلة ذلك: الأحكام الشرعية المعتمدة على العرف والعادة، فإنها تتغير بتغير هذا العرف زمانا ومكانا.

نتعاون ونختلف

هل يعتبر قول بعض الأئمة نتعاون مع بعضنا في ما اتفقنا فيه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا عليه.. هل يعتبر صحيحا؟

يارا محمد سليم _ طالبة بكلية الحقوق

يوضح فضيلة د. أحمد عمر هاشم _ عضو مجمع البحوث الإسلامية _ أن الشق الأول من العبارة وهو : نتعاون فيما اتفقنا عليه يراد به أن يتعاون المسلمون على النهوض بالقيام بأمور الخير التي لا يختلفون في مشروعيتها.

وهذا من التعاون الواجب الذي فرضه الله تعالى في محكم كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ، حيث يقول الله تعالى:وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثم وَالْعُدْوَانِ .

ولا يظن بقائل هذه العبارة أنه يريد أن يتعاون المسلمون فيما اتفقوا عليه ولو كان باطلاً، فهذا مستحيل طبعاً وشرعاً لأن الأمة لا تجتمع على ضلالة، فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله لا يجمع أمتي على ضلالة.وأما الشق الثاني وهو قوله: ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه فإنه قد يحمل على محمل محمود، وقد يحمل على محمل مذموم، لأن إعطاء العذر للمخالف يتوقف على نوع المخالفة، فليس كل خلاف يعذر صاحبه، بل ينظر في خلافه، فإن كان سائغاً مقبولا عذر فيه، وإن كان غير سائغ كخلاف الفرق الضالة وأصحاب البدع من غلاة الصوفية وغيرهم، وكذلك خلاف النص الصريح أو الاجماع الصحيح فإن صاحبه لا يعذر، بل يجب أن ينكر عليه ويحذر من بدعته ومخالفته .. إذ لو عذر المخالف خلافاً لا يستند إلى حظ من النظر لتعطلت فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتبس الحق بالباطل، والمعروف بالمنكر، والسنة بالبدعة.. ولا يخفى ما في ذلك الفساد.

وحتى الخلاف المعتبر فالإعذار فيه لا يمنع الحوار بين المختلفين لبيان الحق ووجه الصواب دون تأثيم أو تشنيع على المخالف، وعلى هذا درج علماء الأمة من السلف والخلف.

التشهد

كثير من المسلمين يبدءون صلاتهم بخشوع جميل ... وما هي إلا ثوان حتى يبدأ الشيطان في الوسوسة لهم .. حتى يصل المسلم للتشهد الأوسط أو الأخير وقد وقع في شباك الشيطان أو شباك نفسه الأمارة بالسوء ، وفي خضم كل هذا يفقد المسلم لحظات الخشوع .. ويجدر للمسلم وقتها أن يسترجع ويتخيل ذلك الحوار الرائع .. الخاص بقراءة التشهـّد

يبدأ المشهد بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يمشي بصحبة سيدنا جبريل في طريقهما لسدرة المنتهى في رحلة المعراج . ففي مكان ما .. يقف سيدنا جبريل عليه السلام ، فيقول له سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم :أهنا يترك الخليل خليله؟

قال سيدنا جبريل : لكل منا مقام معلوم يا رسول الله ... إذا أنت تقدّمت اخترقت ... وإذا أنا تقدّمت احترقت ، فتقدم سيدنا محمد إلى سدرة المنتهى .. واقترب منها ..ثم قال سيدنا رسول الله : التحيات لله والصلوات الطيبات ، رد عليه رب العزة : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، قال سيدنا رسول الله : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، فقال سيدنا جبريل - وقيل الملائكة المقربون - : أشهد أن لا إله إلا الله .. وأشهد أن محمدا رسول الله .

هل نستشعر عند قراءة التشهد هذا الحوار الراقي ؟ هل نستشعر أن سيدنا رسول الله تذكرنا هناك عند سدرة المنتهى .. حيث مواطن الأنوار والأسرار ..وحيث من المستحيل من روعة المكان أن تتذكر الأم وليدها. ولكنه بحنانه تذكرنا هناك ..هل بعد هذا ستقرأ التشهد كما كنت تقرؤه..

 

المصدر: مجلة حواء -أمل مبروك
  • Currently 55/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
17 تصويتات / 718 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,762,647

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز