بيكاسو الخزاف ..وسحر النساء على الأوانى والأطباق

كتب : صلاح بيصار

بيكاسو.. بيكاسو.. الحلم والرغبة وحب الحياة.. اسطورة القرن العشرين ومعجزة الإبداع.. دائما تتجدد سيرته وحياته رغم رحيله عن عالمنا عام 1973 وعمره ثلاثة وتسعين عاما.. عاش خلالها مع سبع نساء.. كل امرأة احدث معها انقلابا في الفن.. وكانت آخرهن جاكلين روك التي رسمها في عشرات اللوحات وظل يرسمها حتي آخر لحظة في حياته .. وكان يكبرها بأربعين عاما .. ولم تطق الحياه بعده فانتهت حياتها برصاصة عام 1986

بيكاسو العبقري.. الفنان والمصور الرسام والمصمم.. والمكتشف والمخترع فى دنيا الخطوط والألوان.. سبعون عاما من التوهج والتحفز والانطلاق يعبر خلالها بالفن إلى آفاق بعيدة وشواطىء جديدة وترك ثروة تقدر حاليا بمليار ونصف فرنك فرنسى وأكثر.. موزعة على متاحف العالم .

وأخيرا بيكاسو الخزاف .. الذى شكل سحر النساء على الأوانى والأطباق والمزهريات .

بين الخزف والعطور

فالوروى بلدة صغيرة من الريف الفرنسى .. تقع فى الجنوب بالقرب من مدينة كان .. كان لها شهرة كبيرة فى انتاج الخزف منذ العصر الرومانى والذى تمثل فى الأوانى المصنوعة من الطين.. واسمها يعنى وادى الذهب.. وتمتد حدائقها الغناء بغابات الصنوبر وأشجار الزيتون مع زهور البنفسج والياسمين.. وقد اشتهرت مع الخزف بصناعة العطور .. ولكن من بداية العقد الخامس من القرن العشرين بدأت تنقرض وتتآكل مهنة الخزف لدى الكثيرين من أبنائها .. مكتفين باستخراج الروائح العطرية.. حتى لم يتبق بها سوى ورشة وحيدة تمتلكها وتديرها السيدة سوزان وزوجها جورج رامية وكان الاثنان من أبرع صانعى الخزف فى ذلك الوقت.. وبالصدفة جاءت زيارة بيكاسو لهما عام 1946 وجرب بيكاسو أن يصوغ من الطين بعض الأشكال وعندما عاد بعد عامين كانت هناك ثلاثة حمامات احترقت فى الفرن واكتسبت طلاء لامعاً وأصبحت قطعا جميلة من الخزف .. وقد فجر هذا الحدث ينابيع إلهامه وكان مولعا بهذا الفن يطلق عليه فن «بلا دموع».. فن الخزف بعيدا عن المجهود العضلى لفن النحت فالخزف أدواته قليلة وهو سهل التشكيل والصياغة يستوعب أكثر من أسلوب من أساليب الخلق والابداع .. العجيب أنه أنتج ألفى قطعة فى عام واحد.

البيت الأبيض

هناك فى فالوروى عاش بيكاسو بعد أن اختار مصنع مهجور للتقطير جاء بمثابة الاستوديو .. يجرى فيه أشكاله وبيت أبيض على ربوة عالية يقيم فيه .. كان بيكاسو يشكلا أبقارا وحيوانات وطيورا حتى الاطباق التقليدية والأوانى والسلاطين وعلى تلك الأشكال يرسم اسماكا وازهارا ووجوها نسائية مسكونة بالسحر والجمال .. وأشكالا هندسية ونقوشا وهكذا عادت روح الخزف من جديد فى تلك البلدة الصغيرة .. وبدأ يلتف شباب الفن من مبدعى الخزف حول بيكاسو . مع مئات المعجبين وصائدى السمك الذين خلدهم فى لوحاته .. وأعاد للقرية اسمها ولمعانها الشهير وأصبح يتردد ويتداول فى الصحف والمجلات فى جميع انحاء العالم.. وتحولت صور انتاج بيكاسو من الخزف الى بطاقات بريدية وفى عام 1950 حمل بيكاسو لقب مواطن بلدة فالوروى مما دعا إلى اهدائه المجلس المحلى للبلدة نسخة من تمثاله الراعى والحمل وهى نسخة برونزيه وضعت فى ركن من ميدان الكنيسة هناك قريب من تمثال الحرب الكبير.. وقد حاول أحد الأمريكان شراء هذا التمثال بأربعة ملايين فرنك فى ذلك الوقت رفعها إلى عشرة ملايين لكن بيكاسو لم يوافق حبا وتقديرا لتلك القرية التى فجرت طاقاته الابداعية فى فن الخزف.

هذا هو بيكاسو الذى كان يحمل اسم اسطورة ميدياس فى أنامله ما أن تلمس أصابعه الأوراق حتى تتحول إلى قطع من الذهب مع ما كان يشكل ويبدع بطرق عديدة جاعلا نصب عينيه افكاره الخلاقة والتى تؤكد أن حرية الفنان هى لغة القرن العشرين وأن الالتزام بقضايا الإنسان هى الهدف والغاية من الفن.

ولقد بدأت غرائبه يوم ولد عام 1881 فى مدينة مالاجا جنوب الساحل الاسبانى .. فعند ولادته عندما غادر بطن أمه رفض أن يتنفس واضطر عمه الطبيب أن ينفث فى وجهه سحابة كثيفة من دخان السيجار.. وعندئذ تحرك وجهه وعلا صوته بالبكاء.. ايذانا واعلانا عن أهم فنان فى القرن العشرين .

 

 

المصدر: مجلة حواء -صلاح بيصار
  • Currently 1/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
1 تصويتات / 1158 مشاهدة
نشرت فى 15 سبتمبر 2011 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,895,581

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز