أزواج على

الورق فقط

كتبت : سمر عيد

هل يمكن أن يتحول الحب الي زواج علي الورق فقط ؟!

فقد تزوجت بعد قصة حب عنيفة تحديت بسببها أهلي وأصدقائي وبعد فترة وجيزة بدأت الاختلافات الفكرية تطفو علي سطح علاقتنا .. في البداية كنا نتشاجر .. ويحاول كل منا إثبات وجهة نظره للآخر .. لكن يوماً بعد الآخر سئمنا المشاحنات وتقوقع كل منا في عالمه الخاص لتصبح المسافة بيننا شاسعة ودون تخطيط مني أو منه أصبحنا نعيش غريبين تحت سقف واحد أو بمعني أصح زوجين علي الورق فقط .. فإلي متي سيستمر هذا الوضع؟!.. وهل سيؤثر علي نفسية أبنائنا ؟! 

 ناهد محمد مترجمة : لقد اختفت العلاقة العاطفية بينى وبين زوجى تماماً وأصبحنا لانتحدث إلا من خلال الأولاد ، لقد تزوجت وأنا طالبة بالثانوى وكان هو أستاذا بالجامعة وقد كان يذكرنى دائماً بأننى أقل منه فى الشهادة الأمر الذى دفعنى إلى التمسك بإكمال دراستى حتى تخرجت من كلية الألسن وأصررت على العمل كى أثبت له أننى لست أقل منه علمياً ولا عقلياً وعلى الرغم من أننى كافحت كى أرقى إلى مستوى أستاذ فى الجامعة إلا أنه دائما ما كان يتهمنى بالتقصير فى كل شىء وعندما عجزت أن أرضيه فقدت شعور الحب له واختفت رويداً رويدا المشاعر بيننا وأصبحت أنام فى غرفة ،وهو ينام فى غرفة ولكننا نحيا تحت سقف واحد من أجل الأولاد حتى يكون مظهرهم الاجتماعى جيداً أمام الناس .

نادمة

وتقول سلوى مصطفى ربة منزل : كل معانى الطلاق الحقيقية موجودة بينى وبين زوجى الذى أعيش معه تحت سقف واحد نعم.. فلقد تزوجنا منذ خمس سنوات وأنجبنا خلالها 3 أطفال ثم سافر إلى الخليج ومكث هناك (15) عاماً لم أكن أراه خلالها إلا شهراً واحداً فى العام ، ورفض زوجى أن يأخذنى معه أنا والأولاد بحجة أن تكاليف الحياة هناك باهظة وأنه لايستطيع الإنفاق على أسرة مكونة من خمسة أفراد فى الخليج وصبرت عليه طيلة الـ 15 عاماً..نعم عاد أخيراً ليستقر فى مصر ولكن المفاجأة أن أول شىء فكر فى تهميشه والتخلص منه هو أنا.. فلقد اجتذب أولادى بالنقود وحرضهم علىّ وكثيراً ما سمعته ينتقدنى أمامهم من أعلى رأسى حتى إخمص قدمى فلا يعجبه شكلى ولا ملبسى ولا تسريحة شعرى و لا عطرى ولا كلامى ولا حتى الهواء الذى أتنفسه ولا أدرى ماسبب كل هذا.. هل هذه هى المكافأة التى يعطيها للمرأة التى صبرت على غربته 15 عاماً وربت له أولاده ؟ وبالتالى أصبحنا منفصلين ..إنه يطمح أن أطلب منه الطلاق حتى يطلقنى ويتزوج فتاة صغيرة بنقوده ولكن لن أطلب الطلاق الفعلى حتى لا أضيْع حقى وحق أبنائى.. إننى نادمة على كل دقيقة أضعتها من عمرى فى انتظار مثل هذا الرجل .

طلاق فكري

وحدثتنا صفاء السيد ربة منزل قائلة : كل ذنبى أننى قد تزوجت أستاذاً فى الفلسفة وأنا تعليمى متوسط..إنه يتهمنى دائماً بالجهل والسطحية وأننى لاهمْ لى فى الحياة إلا التليفزيون ومتابعة المسلسلات فقط ، ولقد حاولت أن أقرأ فى الفلسفة حتى أرقى إلى مستوى تفكيره ولكن مع الأسف لم أفهم شيئاً كما أننى وجدت أن الفلسفة دمها ثقيل وبدأ زوجى يهمشنى فى أى حوار ولا يتحدث معى إلا إذا سأل عن الطعام والشراب والملبس وشعرت كأنه يعاملنى كإحدى قطع المنزل وليست امرأة فلم أره ذات يوم قد أتى إلىّ بهدية أو عزمنى على فسحة ، لقد طلقنى طلاقا عقليا.. فهل أطلب الطلاق الفعلى ؟!!

الطلاق العاطفي

وتعلق الدكتورة إيمان صبرى أستاذة علم النفس ووكيلة كلية الآداب بجامعة الفيوم على هذا الموضوع قائلة :الطلاق العاطفى أو النفسى كما يسمونه : هو عبارة عن انفصال نفسى وجسدى وروحى وفكرى بين الرجل وزوجته رغم وجودهما فى بيت واحد وخطورة الطلاق النفسى بالإضافة طبعاً إلى تدمير نفسية الزوجة وخطورة تعرض الأولاد لمثل هذه المشاهد خاصة وإذا كان الأب أو الأم أو كلاهما يتحدث إلى الأولاد عن عيوب الطرف الآخر وبدون الحديث فإن الأولاد يرون أن جو المنزل أصبح غير طبيعى ولقد قمت ببحث كبير فى الطلاق العاطفى وكانت أمامى حالة أب لثلاث فتيات وهو من بيئة أسرية ريفية وقد انفصل هو وزوجته عاطفياً وإذا أراد أحدهما شيئاً من الآخر فإنه يكتب له ورقة على مائدة السفرة ولو استدعى الأمر وكان الأمر ملحاً فإن الزوجة ترسل لزوجها أحد الأبناء والعكس صحيح وهذه حالة واحدة من بين مئات الحالات فكم من البيوت تغلق على مشاكل وعلى طلاق نفسى ليس فعلىاً والسؤال الذى يتبادر إلى الذهن :

ماذا لو خيّرت المرأة بين الطلاق النفسى والطلاق الفعلى؟!

أيهما أفضل للمرأة ؟!!

أقول لحواء إن الطلاق النفسى له ظروفه والطلاق الفعلى له ظروفه ، بمعنى لو كنت مرتاحة مادياً ولديك دخل جيد تعيشين به، الطلاق الفعلى هو الأفضل بالنسبة لك ، لأنه لايوجد مايجعلك تصبرين على طلاق نفسى قد يدمر نفسيتك ونفسية أولادك..أما إذا كنت تعيشين به ولا تستطيعين تربية أولادك بمفردك فإن الطلاق النفسى يكون حلا ولكنه ليس له بديل وأقول لحواء إن الطلاق الفعلى يمكن الرجوع فيه ويمكن أن يعيد كل طرف حساباته بمفرده فيكتشف أنه المخطىء ويعود للطرف الآخر ، أما الطلاق النفسى فلا عودة فيه لأنه فعلاً يكون نهاية الحياة .

وتتفق الدكتورة نورا رشدى أستاذة الخدمة الاجتماعية مع الرأى السابق وتضيف : أن الأخطر من الطلاق النفسى هو مايترتب عليه من خيانة زوجية ومشاكل أخرى مثل انقسام المنزل إلى قسمين أحدهما للأم والآخر للأب ومن هنا يتفكك الأولاد ويبدأ كل طرف فى محاولة اجتذاب الأبناء تجاهه، الجفاء يولد الحيرة لدى الأبناء وينشىء جيلا معقداً ، ومن ناحية أخرى يعد نوعاً من أنواع التضحية من أجل الأولاد ، والطلاق النفسى هو طلاق الفقراء عادة لأن الأب لن يستطيع أن يحصل على مسكن منفصل وكذلك الأم لو حصل طلاق عادى لذا يصبر كلا الطرفين سبب ضيق ذات اليد ، وهذا الركود فى العلاقات بين الطرفين يجعل أعصاب كل طرف مشدودة باستمرار ويجعله دائم الانفعال والعصبية على كل صغيرة وكبيرة كذلك المقاطعة بين الزوجين وعدم وجود لغة حوار فى المنزل تحول البيت إلى كآبة وتجعله مشروعا أسريا فاشلاً فى النهاية .

اغتراب الأبناء

وتشير د. رحاب أحمد مدرسة العلوم التربوية فى كلية التربية النوعية بجامعة القاهرة إلى أن الطلاق النفسى يؤدى إلى مايسمى باغتراب الأطفال داخل الأسرة ويتحول الأم والأب من رعاة للأطفال إلى مجرد ممولين لهم ويؤدى أيضاً إلى أن يصبح الطفل عنيفاً ويتوجه إلى النت والمواقع غير المشروعة أو يستقى الحنان والحب من الأصدقاء وربما يقع فى أصدقاء السوء الذين يوجهونه توجيهات غير صحيحة وطبعاً لو الأسرة مفككة والأم والأب كل واحد منهما فى واد فسوف يكون تأثير أصدقاء السوء على الطفل أقوى ، والطلاق النفسى نوع من اندلاع الحرب بين الزوجين الذى يدمر الأبناء ، والحل هو احتضان الأبناء وعدم إشعارهم بالطلاق النفسى فى البيت وأن يظل سراً بين الأم والأب لأن الأطفال أمانة فى أعناق الآباء والأمهات وألا تكون لديهم أنانية فيبحثون عن مصلحتهم الشخصية على حساب الأولاد. 

 

 

المصدر: مجلة حواء -سمر عيد

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,703,485

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز