هدية آدم لـ«حواء »مرسال غرام .. ولّا !!

فى الأسبوع الماضى وعدتكم أن أكلمكم عن "الهدية" عندما يهديها الرجل لامرأة سواء كانت حبيبته أو خطيبته أو زوجته.. لكن قبل أن نبدأ فلابد من أساسيات نعرفها معا.. أول هذه الأساسيات أن الرجل بطبيعته قليل الخبرة إلى حد كبير فى موضوع الهدايا هذا.. وهو كحبيب يختلف عنه كخطيب ويختلف أكثر كزوج... كيف؟ 

الرجل كحبيب يريد أن يثبت وجوده ويلفت نظر حبيبته له فيلجأ للهدايا فى أحيان كثيرة ،وغالبا ما يقدم هداياه بعد استشارة فتاة مقربة له كأخته مثلا لذلك تأتى هداياه مناسبة إلى حد كبير، وعندما يصبح خطيبا تتأثر هداياه بذوق أمه وتأخذ طابعا عمليا لكنه مفرحا للعروس غالبا.. أما فى حالة أن يصبح زوجا فالمسألة تختلف لذلك يصيبه الإحباط عندما يكتشف أن زوجته التى يهبها كل شيء -كما يصور له إحساسه- ناقمة وحزينة لأنه لم يحضر لها هدية فى مناسبة ما، أو أن هديته التى أحضرها لم تكن على مستوى أحلامها.. الشىء الثانى وهو مهم جدا، أن المرأة تحزن بشدة عندما ينسى الرجل أعيادهما الخاصة، والرجل يشعر بالغبن عندما يرى زوجته وقد أصابها الحزن لأنه نسى عيد زواجهما أو نسى عيد ميلادها مثلا،ليت النساء يعرفن أن الرجل لا يتوقف عند هذه المناسبات ولا يتصور أن نسيانها هو ذنب لا يغتفر،بل عندما تواجهه زوجته بالاستياء يشعر بالجحود،يشعر أنها نسيت كل ما فعل من أجلها وتذكرت فقط خطأ يعتبره بسيطا ولا يدرك أنه مصيبة المصائب عند المرأة.

أقول لكم تجاربى وتجارب أصدقائى وكيف بحنا لبعضنا عن هذه الإشكالية حتى تفهمنا أكثر ما يدور بأذهاننا...

صديقى محمد.. تزوج منذ سنوات وكل عيد زواج تحدث مشكلة لأنه لا يحضر لها هدية.. وعندما حاولت أن أعرف لماذا يحجم عن إحضار الهدايا رغم أنها شيء بسيط ويدخل الفرحة على قلب زوجته ، فهمت أنه أحضر لها فى أول عيد لهما فرنا كهربائيا كانت تتمناه منذ فترة وتصور وقتها أن تفرح بالهدية، أذهله أن قابلت الهدية بنفس غير راضية من وقتها شعر بالإحباط.. المرأة لا تعرف أن الرجل عندما يعطى يشعر بالقلق لأنه يخاف ألا يتم تقدير هذا العطاء وهى لا تعرف أيضا أن الرجال تنتابهم حساسية شديدة جدا عندما يتعرضون للوم أو عدم اهتمام بعطاياهم، محمد قدم ما تصور أن يشيع البهجة بنفس ريهام لكنه للأسف لم يدرك أن هناك بعض الهدايا لا يفضل أبدا أن يتم تقديمها لامرأة، فأنت هنا تقدم الهدية لنفسك،لتطبخ لك، تنسى أنك تقدمها لمساعدتها وتشعر أنها فقط موجودة للخدمة.. أما إذا قدمت لها الفرن ومعه باقة ورد فالأمر يختلف كثيرا، فى هذه الحالة أنت تقدم لها ما يساعدها ويخفف عنها العبء لكنك لا تنسى أنوثتها ومشاعرها ومكانتها لديك..هذا هو عالم النساء وعلينا أن نفهمه..

أما تجربة شيماء صديقة زوجتى فقد كانت مختلفة فى التفاصيل وإن اتفقت فى المعنى... كيف؟ أقول لكم... شيماء زوجة محترمة جدا ومحبة لبيتها وهى متحفظة وامرأة عاقلة، لذلك لم أصدق عندما عرفت أن ثمة مشكلة بينها وبين زوجها الذى هو جارنا، ولأن شيماء صديقة زوجتى فطبعا عرفت كل التفاصيل.. المشكلة بدأت بهدية! نعم واندهشوا معي.. شيماء بعد ولادة طفلها الثانى تراكمت بعض الكيلوات وأضيفت إلى وزنها، وكان هذا يضايقها جدا، وكلما جلست مع زوجها يشاهدان الفضائيات لاحظ ضيقها من الرشيقات اللاتى يتبخترن على الشاشة...وذات مرة قالت بعفوية إن زيادة وزنها تضايقها وإن ملابسها لم تعد تناسبها، وأضافت أنها لا تتمكن من الخروج للزيارات بسبب هذه المشكلة، هى كانت فى حالة بوح عندما قالت هذا،كانت تتوقع من زوجها أكمل أن يقول لها "بالعكس أنا شايفك أجمل واحدة فى الدنيا" أو يقول لها «ولا يهمك هى مسألة وقت وستعود المسائل لطبيعتها» للأسف سوء التفاهم الذى يحدث بيننا وبين النساء يأتى دائما من عدم فهم كل منا لتركيبة الآخر وعدم مصارحته ومحاولة فهمه، فعندما قالت شيماء هذا لم تتلق أى إجابة من أكمل وبذلك أيقنت أنه موافق على أنها انضمت لحزب أشجار الجميز وأنها لم تعد تعجبه خاصة أنه ظل يتابع ما يعرضه التليفزيون. هى لا تعرف أن أكمل كان بدوره قلقا على مشاعرها، فعلا زاد وزنها،ويراها تضايقت من هذا التغيير، بل وحرمت نفسها من الخروج بسبب عدم مناسبة الملابس لوزنها الجديد، فصمت الرجل هنا لأنه يبحث عن حل... فى اليوم التالى أحضر لها ثوبا جميلا لكنه أكبر من قياسها السابق بدرجتين حتى يناسب وزنها الجديد، الرجل لم يخطئ، هى شكت له أنها لا تتمكن من ارتداء ملابسها القديمة وهو ابتدع الحل ،لكن من يقنع شيماء؟ أحست بالاستياء والضيق ويبدو أنها قالت له شيئا أشعره بالإحباط وظلت تبكى لأنها فى تصورها لم تعد تعجبه... ليته صمت عند هذا الحد، ففى اليوم التالى أراد أن يصلح الخطأ فأحضر لها دواء للتخسيس ،وهو دواء غال وفعّال، كان يتصور أنه يخدمها بهذا الحل إلا أن الوضع تأزم جدا،وبدلا من أن تصبح المشكلة مجرد زيادة وزن وثوب ودواء صارت "أنا طول عمرى ناكرة ذاتى ومضحية من أجل أسرتى ولا أحد يشعر بى" وتم تبادل اتهامات لم تكن أصلا مطروحة وحدثت المشكلة.. للأسف لا شيماء ولا أكمل فهم كل منهما الأخر.

المشكلة الحقيقية أن الرجال فى علاقتهم بالنساء يعطون المرأة ما يريدونه هم والنساء ينتظرن من الرجل ما يردنه هن،كل منهما يفكر بعقله هو ويحب بقلبه هو رغم أن المسافة مختلفة، فلو دخل الرجل عقل المرأة سيحبها ويعاملها بالطريقة التى تفهمها ونفس الشيء للمرأة عليها أن تدخل عقل الرجل لتعطيه ما ينتظره.

العجيب أن الرجل لا تضايقه مثل هذه الهدايا بل على العكس لو أهدتها له زوجته شعر بالامتنان لأنها تهتم به وتريده الأفضل دائما وتقلقها صحته ومظهره،لكن عليه أن يفهم أن فرقا كبيرا بين الرجل والمرأة فى هذا المجال.

شيء أخر لفت نظرى بشدة فى موضوع الهدايا هذا.. الرجل كثيرا ما يتصور أن هداياه الثمينة تعفيه عن أداء بعض اللفتات الصغيرة،ولا يدرك أن النساء تهمهن التفاصيل البسيطة.. هو لا يدرك أن الأشياء الثمينة شيء وتفاصيل الحياة شيء أخر.. هو لا يعلم أن كلمة تقدير لها فعل سوار الماس لو كانت امرأته سوية.. إنا جربت هذا الأسلوب،كنت أحضر هدايا وكنت أحضر ورودا ،وبصراحة كنت أفعل ذلك كاعتذار منى فالعلاقة بيننا كانت متوترة.. نصحنى أكثر من صديق أن أحضر هدية من حين لآخر... فعلت، لم أشعر بأى تغّير، بل لم تستخدم هداياى رغم استحسانها لها.. ولكن عندما عدت البيت ذات ليلة وجدت صندوق القمامة لم يتم إخراجه ،فأخرجته،لم أكن أتصور أبدا أن تفرح زوجتى بهذا الشكل لقد قالت لى جملة لم أنسها للأن،قالت لي" ربنا يخليك لينا ،كان ظهرى يؤلمنى جدا وكنت أؤجل إخراج الصندوق" وقتها شعرت إننى فعلت شيئا يسعدها اكتشفت أن أشياء صغيرة جدا تسعد المرأة وأنها عندما تسعد يشعر الرجل برجولته لأنه استطاع إسعادها فيتقن عطاءه أكثر فتهبه حبا أكثر وهكذا... المشكلة الحقيقية إننا نريد دائما من يأخذنا للطريق الصحيح ويفهمنا ما يريده الطرف الأخر حتى تصبح الحياة أجمل وأهدأ 

 

المصدر: مجلة حواء -آدم
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 2279 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,789,809

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز