يواجهون صدمة تغيير أسلوب حياتهم:

كريمة المجتمع تتنحي عن الرفاهية

 

كتبت:مروة لطفي

اذا كانت الطبقات الفقيرة تعاني من تداعيات الأزمة الاقتصادية بعد الثورة فمعاناتها هذه تعد استمراراً لأزماتها قبل الثورة، إلا أن الطبقات الغنية والتي لم تعرف هذه المعاناة قبلاً أصبحت تواجه صعوبة بالغة في إعادة ترتيب أولويات ونمط حياتها والتعود علي مستوي انفاق أقل من ذي قبل.

فما هو تأثير الأزمة الاقتصادية علي تلك الطبقات؟ وكيف تواجه هذه الفئة محاولات تغيير أسلوب الحياة ليتلاءم مع متطلبات المرحلة؟

هذا ما حاولنا التعرف عليه من خلال لقاؤنا بعدد من سيدات المجتمع الراقيll

وبدايتنا كانت داخل أحد النوادى الكبرى حيث التقيت بمجموعة من النساء فأجمعن على توقف أعمال أزواجهن بعد الثورة بخاصة أن أغلبهم يعملون فى التجارة إلا أن وسيلة تعاملهن مع هذه الأزمة اختلفت من واحدة لأخرى.

تقول: نيهال عادل «ربة منزل» رغم أن زوجى جواهرجى معروف إلا أن عمله توقف تماماً بعد الثورة.. فمن ذا الذى يشترى الذهب فى ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة ؟ وحتى لو اشتراه فكيف يرتديه وسط الانفلات الأمنى الحالى؟!.. الأمر الذى يضطرنا للإنفاق من أصول أموالنا خاصة أن أبناءنا فى مدارس دولية مصاريفها مرتفعة جداً.

والمشكلة تكمن فى عدم معرفتنا بكيفية مواصلة الحياة بعد انتهاء المبلغ المتبقى معنا.. فضلاً عن صعوبة نقل أبنائنا لمدارس أخرى بعد وصولهم إلى مرحلة الإعدادية واعتيادهم علي نمط حياة معين ولا أدرى ماذا أفعل ؟!

بينما تؤكد هند العوضى- صاحبة جاليرى، متزوجة من رجل أعمال - على اضطرارها للاستغناء عن خادمتها الخاصة مكتفية بأخرى تأتيها مرة أسبوعياً لتنظيف المنزل وذلك توفيراً للمصاريف.. مما يرغمها على القيام بباقى الأعمال المنزلية وهو ما أثر سلباً على حالتها الصحية لدرجة أنها تتعرض لنوبات إغماء نتيجة عدم اعتيادها على تلك الأعمال منذ زواجها من سبعة عشر عاماً..

مصاريف الصغار

أما رنا محمد «ربة منزل» فلها مشكلة مختلفة وعنها تقول: أزمتى الحقيقية تكمن فى أولادى فهم بمرحلة المراهقة.. لذا طلباتهم المادية لا تنتهى.

وإذا كان أولاد «رنا» لا يشعرون بالخوف فمشكلة داليا عاصم «سكرتيرة تنفيذية بإحدى الشركات العالمية» على عكسها تماماً.. فقد تعرض أحد أصدقاء أبنائها الصغار للخطف أثناء ذهابه لمدرسته الدولية.. ومن يومها وهي وصغارها يعانون من فوبيا مرضية عند الذهاب للمدرسة مما حّول المنزل إلى عنبر نفسى على حد قولها..

تهريب الأموال

وبعد أن استمعت لمشاكل عضوات النوادى الكبرى توجهت إلى جمعية أحباء مصر.. وهناك التقيت تهانى البرتقالى - رئيسة مجلس إدارة الجمعية - فحدثتنى عن مشاكلها قائلة: للأسف أدى القلق النفسى الذى تعيشه كافة سيدات المجتمع الراقى إلى دفع بعضهن لتهريب أموالهن ومصوغاتهن للخارج، بينما توقفت أخريات عن مساهمتهن المعتادة فى أعمال الخير تجنباً لنفاد رصيدهن المادى فى ظل الظروف الاقتصادية غير المستقرة التى نعيشها الآن، ولأن اعتمادنا كجمعية خيرية يقوم على التبرعات، فقد تأثرت مشاريعنا الخيرية مما انعكس على الفقراء المستفيدين من الجمعية.. لهذا أرى أن آثار الأزمة الاقتصادية متداخلة ومتشعبة فى كافة الطبقات..

أما آمال نامق - رئيسة نادى روتارى المعادى - والمعروفة بمواقفها الفعالة فى التصدى للغلاء وأشهرها عن فترة الثمانينيات حين جمعت نساء المعادى للاتفاق على مقاطعة اللحوم بسبب ارتفاع سعرها مما أجبر الجزارين على خفض أسعارها تقول: لكل زمن أوانه فما نجحت فيه من قبل يصعب إعادته حالياً..

فالمرأة محاطة بغول يسمى «الغلاء» ومن ثم تشكو كافة الطبقات من ارتفاع سعر الغذاء والدواء حتى أن كثيراً من سيدات المجتمع الراقى يقمن بالحد من مصاريفهن حتى تمضى بأسرهن سفينة الحياة، ودائماً ما أنصح النساء اللاتى لديهن صغار بضرورة إقامة مؤتمر عائلى لوضع الأزمة المالية الأسرية على طاولة الحوار حتى يقدم كل فرد ما يستطيع من حلول تساعد فى تقليص المصاريف..

التغير الفجائي

ولأن غالبية سيدات المجتمع يعانين من صعوبة تكيفهن مع التغيرات الاقتصادية فإلى أى مدى يؤثر هذا الوضع على نفسيتهن ؟! وما هو السبيل للخروج من أزمتهن ؟!

- يقول د. أسامة القناوى- خبير التنمية البشرية -: يعتبر التغير الفجائى من أخطر المشاكل المؤثرة على صحة الإنسان النفسية.. فهو يحدث نوعاً من الفجوة النفسية التي تتسلل لكل أفراد الأسرة لتصيبهم بالخوف، القلق، والاكتئاب.

لهذا أرى أن الوسيلة المثلى للتعامل مع تلك المتغيرات هى التدريب عليها تدريجياً بمعنى أن يبدأ رب الأسرة بتقليل نفقاته أولاً ثم الزوجة، يليها الابن وأخيراً الابنة..

كذلك يفيد إشراك الأبناء فى وضع خطة لميزانية الأسرة لمدة خمسة أشهر لاحقة فى الحد من مطالبهم لما يشعرون به من تحمل المسئولية..

ولأن الوقاية دائماً خير من العلاج أنصح الأسر بتدريب أنفسها وأبنائها على التكيف مع المتغيرات الطارئة من خلال تخصيص يوم شهرياً يسمى «يوم التغير» وفيه يغير كل منهم نمط حياته من مأكل ومشرب ووسيلة مواصلات حتى يعتاد الشخص على التعامل مع المتغيرات الأتية رغماً عنه.. وهذا يحدث فى كافة الدول الأوروبية.

المصدر: مجلة حواء- مروة لطفي

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,839,370

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز