حريم سليمان

كتبت : ماجدة محمود

كلما جلست إلى سيدات و بنات العائلة، والصديقات لاحظت أن لا هم لهن إلا الحديث عن "حريم السلطان" ذلك المسلسل التركى الذى استحوذ على اهتمامهن وجانب كبير من مشاعرهن، انبهار غريب ألمحه على الوجوه عند ذكر أبطال المسلسل وبصفة خاصة "إبراهيم صديق السلطان سليمان، وهيام الجارية التى أنجبت ولداً للسلطان فأصبحت محظيته، وخديجة شقيقة السلطان تلك الفتاة الناعمة التى أحبت إبراهيم بشدة ثم فازت فى النهاية بالزواج منه"، الكلام عن الأبطال بهذه الصورة أدهشني لأن سخونة الأحداث من حولنا هى ما يجب أن تنال كل الاهتمام، إلا أن العكس هو ما يحدث، الهروب للمتابعة اليومية للمسلسل، بل أيضاً مشاهدة الإعادة للحلقات عادة تملكت كثيراً من البيوت مما يعنى أمرين، إما أن السيدات تافهات و غير مباليات بما يحدث من تحول خطير وجذري للبلد من حولهن، أو إن الضغط النفسي الذى أصابهن والشعور باليأس والإحباط وكثيراً من الاكتئاب ذهب بهن إلى هذه المحطة البعيدة تماماً عن حياتنا و طقوسنا، كراحة و استراحة وهروب من الواقع الأليم الذى يعيشونه ليس كل يوم، بل فى كل لحظة، بالإضافة إلى ضبابية المشهد و عدم وضوح الرؤية بالنسبة لمستقبل مصر، إنما أكثر ما أخافني وأصابني بالرعب إعجاب كثير من المثقفات وبالطبع سيدات البيوت، بحياة القصور والحرملك، واستوقفنى كلمات صحفية شابة، ام لطفلين بقولها " أتمنى أن أعيش حياة الحرملك، تلك الحياة الناعمة التى تتمثل كل مشاكلها فى مقالب الحريم " وأخرى تساءلت: لماذا نفتقد مع رجالنا هذه المشاعر الدافئة، والنظرات الساحرة، هل رأيت نظرة السلطان سليمان إلى السلطانة هيام، إنه يهيم بها حبا وغراما رغم إنها كانت جاريته . هذا أكبر دليل على أن الحب لا يعرف سلطان أو صعلوك.. كلمات السيدات أوجعتنى و أشعرتني بالخوف من القادم إذا حدث و حكم التيار الإسلامي البلاد، لإنه فى هذه الحالة ستكون النساء فى حالة استعداد نفسى لتقبل كثير من الأمور، مثل العودة إلى المنزل، الزواج المبكر، والرضا بالزوجة الثانية، وأشياء أخرى كثيرة، ونعيش ردة فكرية غاية فى الخطورة على نسائنا و بناتنا، والحل ؟ هل نمنع مثل هذه المسلسلات من العرض؟ بالطبع لا، ولكن علينا أن نتحرك لزيادة وعى النساء، لأننى وبعد سماعي للأحاديث الكثيرة عن " حريم سليمان" دفعنى فضولى لمتابعة بعض الحلقات، للوقوف على أسباب ترديد النساء لهذه المعانى، وإذ بى أجد أجواء تطل منها رائحة التاريخ

بسحره و جاذبيته، إضافة إلى النعومة والهدوء فى الأداء التمثيلي حتى أثناء المواقف الانفعالية الساخنة، أبطال يتحركون فى تناغم و سيميترية واحدة تجعل المشاهد متواصلاً مع الأحداث، غير منفصل عنها، إلا أن كل هذا الإبهار لا يدفعنا إلى اللهث وراء أفكار رجعية حتى ولو كان من منطلق " الهزار" لأن لكل عصر أوانه، ولكل زمن فرسانه، ولا يصح أن نعود للخلف لمجرد إعجابنا بالأبطال، وانبهارنا بالديكور والأضواء.

المصدر: مجلة حواء- ماجدة محمود

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,458,798

رئيس مجلس الإدارة:

أحمد عمر


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز