بالنساء يتشكل مستقبل مصر
كتب : محمد الحمامصي
منذ انطلاق ثورة الخامس والعشرين من يناير أكدت المرأة المصرية أنها تستحق عن جدارة أن تكون نموذجاً وقدوة في البسالة والبطولة والانتماء والوطنية لكل نساء العالم، وهنا لا أحدد فئة بعينها من النساء، ولكن كل نساء مصر : امرأة شابة وعجوزاً، عاملة وطالبة، وربة منزل وبائعة متجولة، متعلمة وأمية، فقيرة وغنية، نساء مصر اللاتي خرجن مع الثورة وحمينها ووقفن في ميادين الحرية يهتفن ويرفعن علم مصر ويعالجن المصابين والمصابات، نساء مصر اللاتي خرجن بالملايين في انتخابات مجلسي الشعب والشورى ثم الانتخابات الرئاسية في جولتيها الأولى والثانية.
إنني كمصري فخور بالمرأة المصرية وبمشاركتها الحيوية في صنع مصر المستقبل، أشهد أنها كانت محرضة ودافعة لأبنائها لكيلا يتقاعسوا في أداء واجبهم الوطني في كل الانتخابات، وأنها كانت شريكاً أصيلاً في كل الحراك الدائر في مصر على مدار العام ونصف العام الماضيين، كانت عيناها لا تنام في وقت التوتر والقلق، ويداها لا تتوقف عن الضراعة لله أن ينقذ مصر ويحمي أبناءها، ودموعها لا تنقطع وهي ترى أبناءها مختلفين أو مشتبكين في عنف دموي.
لم تتحرك المرأة المصرية بدافع من مصلحة أو هوى، لكن بدافع عشقها لوطنها وآمالها العريضة في أن تراه وطنا عظيما ورائدا وقائدا كما كان دوما على مدار التاريخ، ولسوف يسجل لها أنها لم تتوان لحظة في أن تكون في قلب الحدث وصنع مصر المستقبل داعية لتوحيد الصفوف والتكاتف على قلب واحد هو قلب مصر.
هذه المرأة لابد من أن توضع في مكانتها اللائقة وأن يضاف إلى مكتسباتها وحقوقها التي حققتها على مدار قرن أو يزيد، لا أن يسلب منها أو يحط من شأن حقوقها وآليات حمايتها ورقيها الإنساني والعملي، وليعلم الجميع أن هذه المرأة ليست فقط من تظهر على شاشات التليفزيون والفضائيات أو اللاتي في مواقع ومناصب قيادية، وإنما هي المرأة التي تكافح لكسب لقمة عيشها مساعدة لزوجها وحامية لأسرتها في الأسواق والمحال ومختلف مواقع العمل، وربة البيت التي تحافظ على بيتها وأسرتها وتعلم أبناءها حب الوطن.
إن نساء مصر الفقيرات متعلمات وغير متعلمات في القرى والنجوع والأحياء والحواري الشعبية على امتداد مصر لسن أقل قدرا وعطاء وعظمة وذكاء وحبا وعشقا لمصر من أي امرأة في أحيائنا الثرية، كلهن يحملن نفس الخوف والقلق على مصر، ويفكرن في سبل دعمها ومساندها لتجاوز المرحلة الصعبة التي تمر بها، ويطمحن نفس الطموح ويحلمن نفس الحلم لنهضة ورقي مصر المستقبل.
لقد رأينا جميعا كيف خرجت أمهاتنا وجداتنا العجائز إلى منافذ الاقتراع في الانتخابات البرلمانية والرئاسية، رأينا تحديهن للعجز وإصرارهن على المشاركة، فليس أقل من حماية مكتسباتهن وحقوقهن، وألا نَغفل أو نُغفل دعمهن ومساندتهن أُثناء وضع الدستور أو أي تشريعات، بل آمل أن يفتح لها صفحة جديدة بعنوان "حقوق نساء مصر بعد ثورة يناير" تكون شهادة منا لكل مصرية أنها شريك أصيل في كل ما يخص المستقبل، ونسطر لها فيها آفاق الحرية والمساواة ونملؤها تقديرا وتمكينا.
وتبقى لدي كلمة تحذير لكل من تسول له نفسه المساس بنساء مصر وانتقاص حقهن وحريتهن وأحلامهن، احذر.. احذر.. احذر ففي كل بيت في مصر المحروسة أم وأخت وابنة وجدة وخالة وعمة بهن يتشكل المستقبل، إياك إياك إياك من المساس بحقوقهن ومكتسباتهن، أضف لهن المزيد، لكن إن حاولت الانتقاص فاحذر أنت على خطر.
إن المرأة المصرية قائد أصيل لدفة السفينة المصرية وأي محاولات لضربها سوف يهدد السفينة كلها بالغرق .. فاحذروا .. احذروا .. احذروا .
ساحة النقاش