المسامح كريم! «2»

كتبت :سكينة السادات

حكيت لك الأسبوع الماضى طرفا من حكاية قارئتى راوية وهى جامعية (35 سنة) تمثل مركزا مرموقا فى شركة أدوية لأنها درست التجارة بالانجليزية وكانت أصلا تجيد الفرنسية والعربية ، وقالت إنها أم لطفلتين جميلتين وحكت أنها لم ترتبط طيلة مشوارها الجامعى بأى شاب بل كانت فى حياتها صداقات وزمالات لم تصل إلى مرتبة الحب أو التفكير فى الزواج، وعندما تقدمت للشركة ونجحت، تدربت على يد (الدكتر) أى الدكتور إيهاب هكذا كانوا ينادونه وهو عالم وباحث وسيم وهادىء ورائع يكبرها بعشر سنوات لكنه للأسف يلبس دبلة فضية فى يده اليسرى ويشاع أنه متزوج وله أولاد لذلك وقف الأمر بينهما على التشجيع فى العمل فكيف لها أن تفكر فى رجل متزوج وله أولاد وباحث ومحترم فى عمله ورئيس القسم كله!!

وقالت أنه عندما مرض وأرسل له الزملاء باقات الورد والخطابات التى تتمنى له الشفاء مع زميل محترم لهم ، عاد الزميل وصارحها بما رآه فى بيته واستحلفها ألا تقول لأحد إذ قال أن الفيلا الكبيرة ليس بها سوى أمه العجوز وخادما كبير السن بخلاف الحارس الذى يقوم بأعمال الحديقة .

ولما سألت راوية زميلها .. ربما الزوجة والأبناء خارج البيت فى زيارة أو خلافه ؟

قال لها زميلها بالحرف الواحد .

لقد دفعنى الفضول فسألت البواب عن المدام والأولاد فرد على رداً عجيبا جدا إذ قال:

- مدام مين وأولاد مين ؟ مفيش إلا الست الكبيرة والدة الدكتور إيهاب بس !! ما شفنالوش لا زوجة ولا أولاد !!

 

واستطردت راوية .. بصراحة بعد أن سمعت من زميلى طارق هذا الكلام سألته فقال .. ما اعرفش أنا قلتلك كل حاجة .

وعاد (الدكتر) بعد أن شفى من مرضه لكننى كنت واحدة أخرى !

واحدة أو امرأة محبة عاشقة تريد أن تكون إلى جوار حبيبها وأن تخدمه وأن تحيطه برعايتها ! وفعلا رأى منى الحب والعاطفة التى كتمتها كثيرا عندما كنت أظن أنه متزوجا وله أولاد !!

وتجرأت وسألته فقال ..

أمى كانت تريد أن تزوجنى بابنة أختها وأنا لا أحبها وهى أقسمت ألا تدخل البيت زوجة غيرها وأنا لا أريد أن أغضب أمى وكنت لا أريد أن أتزوج بمن لا أحب !

وصرح لى لأول مرة أنه أحبنى منذ أن رآنى لكنه أكبر منى بعشر سنوات ولا يعرف أى شىء عن ظروفى !

وتستطرد راوية .. وجدتنى أقول له.

- يا دكتر .. سوف نذهب سويا إلى والدى اليوم وسوف أتزوجك اليوم أيضاً فى بيتنا وسوف أعود معك بشنطة هدومى إلى البيت وسوف أتعامل لأسترضى أمك!

 

وتستطرد راوية .. ذهل الدكتر وقال ..

- معقولة ؟ وفعلا نفذت ما قلته وذهبنا إلى البيت وسألنى أبى :

- هل تحبينه حقا وتتحملين من أهله كل شىء ؟ قلت نعم .. ودمعت عيون إيهاب وطلب منى مهلة ليوم واحد يشرح فيها لأمه لكننى قلت له :

- ليس أفضل من المفاجأة !!

 

وتستطرد راوية .. طبعا صرخت أمه وحاولت طردى من البيت لكن زوجى إيهاب دافع عنى برفق أمامها وقال إنه أتى بى لكى أرعاها وأخدمها وقال لأمه أن ابنة أختها قد تزوجت فعلا ولم يقولوا لها الحقيقة حتى لا تغضب وتكتئب وقمت إليها أقبلها وأبوس رأسها وأقول لها ..

- طيب جربينى يا أمى فإذا لم أعجبك اطردينى من البيت كما تريدين .. أنا راضية ؟

وتستطرد .. ولم أدخل إلى غرفة زوجى إلا بعد أن أخذت حماتى حبوب ضغط الدم وذهبت إلى فراشها وأخذنا أسبوعا أجازة أنا والدكتر زوجى وأخذنا معنا والدته وسافرنا إلى الساحل الشمالى وعدنا إلى القاهرة وعدنا إلى العمل .

 

كل الزملاء والزميلات فى حالة فرحة هائلة وأنا فى نعيم أقبل يدى وأحمد الله على النعمة فهو إنسان رائع، وحملت فى ابنتى الكبيرة ثم الصغيرة وطول أيامى وأنا أعانى من حماتى وتحكماتها وإهاناتها لى وطردها لى من البيت وعدم السماح لى برعاية بناتى فقد قررت أن تربى البنتين كما تريد وهى الآن مريضة جدا ومقعدة وأحيانا أتذكر ما فعلته بى من إهانة وطرد من المنزل لكننى استغفر الله وأخدمها وأرعاها وأعطيها الدواء بنفسى .. هل يغفر الله لى أننى كنت أحيانا أضيق بها وأتذكر مساوئها ؟

 

يا راوية .. لقد رزقك الله بزوج رائع وبنات زى القمر ، وحماتك سيدة مسنة ، رجل فى الداخل ورجل فى الخارج فلا بأس يا سيدتى أن تكملى مشوارك، بل اطلب منك أن تزيدى من رعايتك لها خصوصا ونحن فى شهر التسامح والجود شهر رمضان المعظم ، أحييك وأوصيك خيرا بحماتك مهما كانت اساءاتها لك! 

المصدر: مجلة حواء- سكينة السادات
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 836 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,693,278

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز