كتبت :عبير بشر

فى الأسبوعين الأخيرين اعتلت زوجتا المرشحين الرئاسيين الأمريكيين المنصة للحديث نيابة عن زوجيهما. بدأت آن رومنى بمدينة تمبا، وتلتها ميشيل أوباما فى شارلوت. وحاولت كل زوجة جاهدة أن تستميل الرأى العام لصالح زوجها نظرا للفارق الضئيل الذى يفصل بين الاثنين فى استطلاعات الرأى العام، فقد فشل أوباما فى تحقيق الوعود الانتخابية التى قطعها على نفسه فى فترته الأولى، كما يبدو رومنى مضطرا لإقناع الشعب الأمريكى بقدرته على قيادة دفة السفينة أثناء الأزمة الاقتصادية الطاحنة التى تعصف بالطبقة المتوسطة والتى لا ينتمى لها من قريب أو بعيد هو وزوجته ll

مطلوب من الرئيس القادم الإحساس بمعاناة الفقراء ومحاولة تخفيفها بدلا من استعراض قصص مصطنعة من الماضى، لقد أصبح المر يتعلق بالحاضر البائس والمستقبل الأسوأ وفقا لتوقعات الخبراء الاقتصاديين.

ولم يقتصر تركيز الإعلام على كلمات الزوجتين بل امتد ليشمل اختياراتهما فى الأزياء؛ وفى الوقت الذى اعتمدت آن على بيت أزياء أوسكار دولارنتا، 81 سنة، مصمم أزياء سيدات أمريكا الأول الذى بدأ من نانسى ريجان وهيلارى كلينتون ولورا بوش، إلا أنه توارى فى الظل خلال سنوات حكم أوباما وعاد من جديد لبؤرة الضوء بفضل آن رومنى التى ارتدت فستانا أحمر من تصميمه. وكان اختيارا ذا مغزى يتطابق مع تقاليد الرأسمالية فى واشنطن، ويضع آن فى مواجهة حادة مع ميشيل التى تفضل أسماء بيوت أزياء شابة ناشئة أكثر عملية وأقل شهرة. وكان فستان آن من تفتاه الحرير الطبيعى وصل ثمنه إلى 2490 دولارا وبلغ سعر الحزام 2090 دولارا أخرى. ورغم أن الخطبة التى ألقتها حرصت على تأكيد شعورها بمعاناة الطبقة الكادحة فى الولايات المتحدة، إلا أن الفستان لم يتناسب مع رغبتها فى التنصل من مكانة أسرتها المالية.

واختارت ميشيل أن ترتدى فستانا لمصممة الأزياء تريسى رييز ذات الأصول الأفريقية وصلت تكلفته إلى 500 دولار، وحرصت أن يكون اللون محايدا سياسيا فاختارت الوردى الفاتح. والقضية الكبرى تكمن فى هل يعكس الزى بيانا عن النوايا السياسية؟ خاصة مع رغبة كلتيهما فى جذب أصوات الطبقة المتوسطة، الأكيد أن آن ليست الوحيدة التى تنتقد لبذخها فى الإنفاق على الموضة، يكفى أن نلقى نظرة على صور ميشيل فى مناسبات عديدة لنعرف أنها نالت حظها هى الأخرى.

لم يدخر الأمريكيون جهدا فى السخرية من فشل ميت رومنى فى كسب أصوات النساء، بل ازدادت الفجوة بينه وبين نساء أمريكا رغم مجهودات فريقه السياسى. وانتُقد بسبب فشله فى دعم مبدأ المساواة فى الأجور وفرص العمل، وحٌملت على عاتقه المواقف المتشددة التى يتبناها حزبه تجاه الإجهاض. وصورته رسوم الكاركاتير على أنه من مخلفات حقبة ماضية كانت المرأة تنحى فيها طموحاتها الوظيفية جانبا. ولن نجد أفضل من كلمات وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت والمعروفة بولائها للديمقراطيين حين قالت: بصراحة لا أستطيع أن أفهم لماذا تصوت أى إمرأة لميت رومنى باستثناء، ربما، السيدة رومنى!"

حصدت خطبة ميشيل ضعف التغريدات التى حصلت عليها آن أثناء كلمتها، فقد حققت 28003 تغريدة فى الدقيقة فى الوقت الذى حققت آن 14289 تغريدة، وذلك طبقا لما أورده موقع التواصل الاجتماعى تويتر. والمضحك أن ميشيل لم تهزم آن فقط بل هزمت زوجها أيضا الذى حصد 14131 تغريدة خلال خطاب حالة الاتحاد لعام 2012.

عقب شهور من تجنب إلقاء الضوء على حياتهما الإيمانية أو الخاصة، تحرك الزوجان رومنى نحو النقيض ببطء وثقة، صارا يعلقان على الكنيسة المورمونية التى يعتنقان مذهبها، وأكدا أن أنصار هذا المذهب يشعرون بالفخر لأن واحدا منهم ترشح للرئاسة، وأضاف رومنى أن إيمانه ومشاركته فى خدمة مجتمع الكنيسة ساعدا فى انتشاله من عالم الأعمال والدفع به إلى عالم السياسة.

وقد استغل رومنى هذا الحوار فى تحسين صورته لدى الرأى العام الذى يظن أن الثنائى الثرى مغيب عن المعارك الاقتصادية التى تشكل قضية محورية فى سباق الرئاسة. وصرحت آن أنهما لم يواجها تحديات مالية فى حياتهما كزوجين، ثم انتقلت للحديث عن التحديات الصحية التى تواجهها، وأعلنت عن اصابتها بمرض التصلب المتعدد كنموذج لصراع مختلف واجهته الأسرة.

فى خطابها أمام مؤتمر الحزب الجمهورى، حكت آن ذكريات بداية زواجها من رومنى وكانا لا يزالان طالبين فى الجامعة، وكيف تزوجا فى شقة بالبدروم وتقاسما الأعباء المنزلية والذهاب للجامعة وأكل التونة والمكرونة. إلا أن كلماتها بدت كما لو كانت : أوه لالا.. كم هو ممتع أن تكون فقيرا! فالكل يعلم أن ميت كان ابن الرئيس التنفيذى لشركة سيارات كبرى وأصبح حاكما لولاية ميتشجان، وكانت آن ابنة أسرة غنية تتلقى تعليمها فى مدرسة تبلغ مصاريفها 28300 دولار.

وقفت المحامية ميشيل أوباما بجانب زوجها دون أن تخطف منه الأضواء أو تبقى فى الظل، واحتلت مكانة بارزة فى البيت البيض وقلوب الأمريكيين لأنها نجحت فى أن تجمع بين دورها كأم وسيدة أمريكا الأولى. وذكرت أن أوباما اعتاد أن يمر عليها بسيارة تملؤها الثقوب من الصدأ حتى انها كانت ترى الرصيف عبر تلك الثقوب، وكان هذا الثنائى قد تخرج من مدرسة الحقوق بجامعة هارفارد، إلا أن أوباما هجر المحاماة وانغمس فى منظمات المجتمع والسياسة، على عكس رومنى الذى أغراه عالم المال والأعمال.

طبقا لاستطلاعات معهد جالوب المنشورة مؤخرا فإن ميشيل أوباما نالت نسبة تأييد بلغت 65% أكبر من الرئيس أوباما نفسه بعشرين نقطة، ولذلك تسعى سيدة أمريكا الأولى لإعادة البريق إلى الحملة الانتخابية من أجل كسب قلوب الأمريكيين عن طريق تأكيدها أن قيم زوجها وقناعاته التى اكتسبها عبر خبرات حياته لم تتغير بعد أربع سنوات قضاها فى البيت الأبيض، مؤكدة أنه يستحق ثقة البلاد لأربع سنوات أخرى.

والأيام وصندوق الانتخابات وحدهم الكفيلين بالاجابة عن الفائز فى هذا السباق المحموم نحو البيت الأبيض  

 

المصدر: مجلة حواء- عبير بشر

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,832,491

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز