كتبت: نجلاء ابو زيد

 وسط مناخ سياسي جديد غير مستقر يشهد صراعاً غير معتاد في مجتمعا المصري وأسعار ترتفع بلا رقيب ، تأتى امتحانات نصف العام وهناك حالة شديدة من الارتباك تعيشها الأسرة المصرية المطالبة بتوفير المناخ المناسب لأبنائها من أجل المذاكرة والتركيز

وفى محاولة منا لرصد ما تعانيه الأسرة من ضغوط وكيف تتعامل معها كان هذا التحقيق 

البداية مع شيماء حسين - ربة بيت - حيث تقول :منذ قيام ثوره 25 يناير لم نعش فتره أصعب من هذه التي نعيشها الآن، فالأحوال غير مستقرة بشكل مقلق لدرجة أنني أمنع أولادي من الذهاب للمدرسة، لأننا على مسافة قريبة من قصر الإتحادية وأعطيهم دروسا خصوصية ليستعدوا للامتحان، لكن حياتنا صعبة وأشعر أنهم غير مؤهلين للامتحان لأن متابعة الأخبار وحالة القلق الذي يدركونه تقلل من تركيزهم فعلا ظروف صعبة على أي طالب وأتمنى أن يدرك واضعو الامتحانات ذلك.

وتتفق معها نرمين مجاهد قائلة: "احنا تعبنا ولم نعد قادرين على تحمل كل هذه الضغوط فأنا لم أعد قادرة على متابعة أولادي في مذاكراتهم لأنني أقضى معظم الوقت في متابعه أحوال البلد وأطالبهم بالمذاكرة".

وتواصل..أعرف أنهم لا يركزون وأعذرهم فهم ليسوا صغارا وقد زادت أوضاعنا سوءا بقرار رفع الأسعار وإن تراجع الرئيس فالتجار لم يتراجعوا.. نحتاج هدنة من السياسة حتى يسير الحال وننتبه لأولادنا.

فقدان وظيفة

أما ولاء جمال الدين - ربة بيت- فتقول : تم الاستغناء عن زوجي من عمله في إحدى الشركات الاستثمارية بسبب الأوضاع غير المستقرة، ومنذ هذا الوقت ونحن نعانى حالة نفسية سيئة، وعلى الرغم من أن أولادي في الابتدائى لكنهم يشعرون بالقلق، وقد انعكس ذلك على تركيزهم ،وأشعر بخوف شديد من الامتحانات لأنهم لا يركزون في شىء ،وأعتقد أنه كان من الأفضل تأجيلها لأن كل شىء مضطرب

ويؤكد محمد طه - مدرس انجليزي - أن التزام الحضور في الكثير من المدارس ضعيف وأسر كثيرة تبقى أولادها في البيت وتكتفى بالدروس، فأنا أمنع أولادى من الذهاب للمدرسة فى أى يوم فيه مظاهرات لأنها تنطلق من مكان قريب من المدرسة بشبرا

وأشعر من خلال طلاب الثانوى الذين أدرس لهم أنه ليس لديهم أى حماس للمذاكرة أوالتحصيل، عكس ما كانوا يشعرون به العام الماضى عندما كان لديهم أمل وحلم بمستقبل أفضل، فكل هذه الأمور تشكل ضغوطا على الطلاب

مشاهدة الأفلام

ويحاول عاهد عبد الله - موظف - إبعاد بناته عن متابعة الموضوعات السياسية قائلا: أسمح لبناتي فى وقت راحتهن من المذاكرة بمشاهدة الأفلام أو البرامج الفنية حتى لا تزداد عليهم الضغوط فيكفى ما أعانيه أنا، والحمد لله تركيزهم عال فى المذاكرة، وإن كنت أرى أنه على المدرسة أن طمأنتهم بشأن ما يحدث ومساعدتهم على التركيز، وعلى واضعي الامتحانات مراعاة ذلك

"ربنا يرحمنا"..هكذا تحدث محمود خلاف موظف، وأكمل قائلا: "الأسعار، والامتحانات، والسياسة كلها ضغوط على كل بيت بسيط يحلم بالستر وراحة البال لكننا عايشين وبندعى ربنا الحال ينصلح علشان أولادنا يطمنوا على مستقبلهم ويركزوا فى الامتحانات "

وإذا كانت هذه آراء الأسر المصرية ومخاوفهم من الامتحانات في هذه الظروف الصعبه فإن المتخصصين يقدمون لهم روشتة تساعدهم على تحمل كل هذه الضغوط

وعن ذلك تقول د مديحة الفتى - أستاذة علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية-:

الظروف العامة التي يعيشها أي مجتمع تنعكس بوضوح على أفراده وحياتهم وقراراتهم ومدى إنجازهم فى الموضوعات المختلفة، وإذا تحدثنا عن المجتمع المصري سنجد أنه يعيش فترة حساسة جدا من حياته يطرأ خلالها تغيرات كثيرة بين لحظة وأخرى.

وإذا ربطنا هذا بطباع الشعب المصري الذي يميل للاستقرار ويتخوف من كل جديد لا يعرفه سنجد أن هناك شعوراً عاما بالقلق والحذر والترقب الممزوج بقدر عال من الإحباط، وهذا ينعكس على أسلوب الأسر فى تعاملها مع أبنائها فى الموضوعات المختلفة.

الإحساس عدوى

ودون أن تنتبه الأسرة تنقل الإحساس بالقلق والخوف والإحباط للأبناء وهذا يشكل ضغطا غير مقبولا خاصة إذا كانوا صغارا لا يستطيعون فهم ما يحدث حولهم من أحداث سياسية تكون سببا فى توتر أسرهم.

لذا على الأسرة الانتباه لطبيعة الرسائل التى تنقلها لأبنائها بشكل مباشر من خلال نصائحها لهم أو بشكل غير مباشر من خلال تصرفاتها التي تعكس الخوف والقلق والإحباط، وأن تهيئ الأسره مناخا مناسبا للمذاكرة، وتقلل من تعرض الأبناء للحوارات السياسية خلال هذا الوقت.

أيضا عليها أن تدعوهم للتركيز فى المذاكرة خاصة وأنها ليست المرة الأولى التى يعانى فيها الأبناء من عام دراسى غير منضبط، فنحن نعيش سنوات دراسية مليئة بالقلق منذ ما يزيد عن خمس سنوات ما بين انفلونزا الطيور والخنازير والثورة بأحداثها ثم التغيرات السياسية التى تلتها، لذا يجب أن تكون الأسرة إيجابية وتدفع أبناءها للمذاكرة بدون توتر

حياة يومية

وترى د عزيزة السيد - استاذة علم النفس بكلية البنات جامعة عين شمس - ضرورة أن نترك أبناءنا يعيشون ما نعيشه من أحداث وألا نحاول عزلهم عما نعانيه من ظروف سياسية غير مستقرة بحجة أن يركزوا فى الامتحانات، لكن على العكس يجب أن يدركوا ما يحدث خاصة وأن السياسة أصبحت جزء من حياتنا اليومية.

فأحيانا لا يتمكنون من الذهاب للمدرسة بسبب أحداث سياسية، لذا علينا أن نساعدهم فى إدراك ما يحدث وفى نفس الوقت نقدم لهم كاهل القدوة الإيجابية فى استمرار الحياة، فعندما يجد الطالب أن والديه يؤديان دورهما ومسئولياتهما فى العمل بشكل معتاد، سيجعله ذلك يتابع ما يحدث ثم يذهب للمذاكرة، فالأحداث رغم صعوبتها وما تسببه لنا من توترات نفسية وقلق يجب ألا نجعلها توقف حياتنا.

فنحن نعمل ونعيش حتى تتحسن الأحوال لا أن نظل فى أماكننا حتى ينصلح الحال ثم نعمل، وعلى كل أسرة أن تقدم لأبنائها القدوة الإيجابية فى التعامل مع الضغوط وأعتقد أن ما يعانيه المجتمع الآن سينعكس إيجابيا على الشخصية المصرية، لأن الأبناء يعيشون مناخا حرا، كل يعبرعن رأيه وسيتعلمون معنى المشاركة ولن يسمحوا لأحد أن يسلبهم هذا الحق.

وختمت حديثها مؤكدة أن الطلاب يجب أن يدركوا مسئولياتهم، وأن يجتهدوا ويذاكروا وألا يجعلون اليأس يقتلهم، فبهذا الفكر الإيجابى سيجتازون الامتحانات وأى مشاكل قد يقابلونها فى حياتهم 

 

المصدر: مجله حواء- نجلاء ابو زيد

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,462,321

رئيس مجلس الإدارة:

أحمد عمر


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز