كتبت - دعاء برعي:
- المشروع النووي المصري توقف بفعل فاعل.
- إذا كنت صانعاً للقرار وثبت أن موقع الضبعة ملائما سأبدأ في البناء وسيتم تشغيل أول مفاعل بعد خمس سنوات فقط.
- ألوم الأسلوب الذي تم التعامل به مع سد النهضة في الفترة السابقة.
- نجحنا بنسبة 110% في تصميم وتصنيع نموذج أول مفاعل مصري بأيد مصرية .
- نسبة السولار والغاز والمازوت تمثل 90% من كهرباء مصر يتم استيرادها الآن .
- النووي حل حتمي لأزمة الطاقة في مصر وليس اختياريا .
- نحن علي مشارف أزمة طاحنة في ظل استيراد الغاز الطبيعي بأرقام باهظة الثمن .
التقت حواء د. يسري أبو شادي كبير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية ليروي لنا مشوار حياته العلمي والإنساني ويفتح خزينة أسراره كاشفاً عن خروجه الغامض وزوجته من ليبيا أثناء حكم القذافي .. ومؤكداً لـ " حواء " أن تأخر مصر في المجال النووي إنما هو بفعل فاعل .. وأننا بصدد الدخول في أزمة طاحنة في ظل استيرادنا للسولار والمازوت إلي جانب الغاز الطبيعي بأرقام باهظة الثمن ، لتمثل نسبة الكل 90% من كهرباء مصر .. ويرى د.يسري أن الحل يكمن في حتمية الطاقة النووية للخروج من هذه الأزمة .. لذا كان علينا أن نسرد ما قاله تفصيليا
* نرغب أن يتعرف القارئ على د. يسرى أبو شادى الإنسان والعالم .. كيف كانت رحلتك العلمية داخل مصر وخارجها ؟ ومن هو د. يسرى أبو شادى الإنسان ؟
- أنا عاشق للطاقة النووية , جاء عشقى لها منذ الصغر , مولود بحى شبرا بالقاهرة , خريج مدرسة التوفيقة الثانوية بحى شبرا ، كانت نشأتى درامية بعض الشئ ، فولادتى وافقت استشهاد والدى فى فلسطين حيث كان ضابطا بالجيش المصرى ولا يزال مدفونا بالأراضى الفلسطينة إلى الآن ، كان ضمن دفعة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر , وعبد الحكيم عامر , استشهد فى سن صغيرة ، فعشت مع عمى وأسرة والدى فى شبرا فترة طويلة من حياتى , تفوقت دراسياً وكنت محبا للكيمياء حتى أننى اقتطعت جزء من البيت لإنشاء معمل كيمياء صغير وإجراء التجارب فيه , جذبنى جدا المجال النووى وبدأت أقتنع أن الطاقة النووية ليست مجرد هيروشيما وناجازاكى التى قتلت آلافاً من البشر ، ولكن يمكننا أيضا الاستفادة منها فى مجالات سلمية كالكهرباء وبعض التطبيقات المختلفة ، عاشق للكتب , قرأت لقصص العلماء فكنت أذهب إلى سور الأزبكية وانتقى الكتب العلمية أو غير العلمية , ثم علمت أن جامعة الأسكندرية أنشأت قسما للهندسة النووية ، تزامنا مع كون الكلية الأولي في مصر هي الفنية العسكرية – في عهد عبد الناصر – فكانوا يرسلون العربات لأخذ الأوائل، ولأنني كنت من أوائل الثانوية العامة ذهبت معهم ، لكن طبيعة حياتي مختلفة تماما عن العسكرية .. فأنا محب للعمل "بمزاج "، أذاكر علي " السرير" مع أغاني أم كلثوم وكوب الشاي ، وبالتالي وجدت صعوبة في الاستمرار بالفنية العسكرية ، وأصررت علي الأسكندرية علي الرغم من كوني قاهرياً ، ورفض أهلي للذهاب إلي هناك وقتها ، لكن عشقي للنووية جعلنى ألتحق بقسم الهندسة النووية بالأسكندرية , كان ما تمنيت ، وتفوقت فى دراستى ، فكنت أول الدفعة دائما ثم عينت معيدا بالكلية ثم أستاذاً دكتوراً بها ، رسالتي للدكتوراه كانت ما بين مصر وفرنسا ، وكان د. يحيي المشد أستاذي في مصر ، عالماً مصرياً فزاً في العراق وقتها .
* لماذا اخترت العمل مع القذافي وما هي قصة خروجك الغامض من ليبيا ؟
- جاءتني فرصة السفر إلي ليبيا علي الرغم من دعوتي للعمل في ألمانيا لكني فضلت ليبيا لعدة أسباب :
كانت ليبيا وقتها تصنع مفاعلا جديدا علي وشك التشغيل ، إضافة إلي امتلاكهم برامج حسابية كبيرة ليس لديهم ما يمكن تشغيلها فيه ، وقد كنت إلي جانب عشقي للنووي أخترع برامج حسابية كبيرة تم تشغيلها في فرنسا وأوروبا وإلي الآن تستخدم في تصميم المفاعلات علي مستوى العالم ، وهي ما عدت بها منذ عام إلي مصر لتفعيلها ، عملت بليبيا عامين أو أكثر ، كانت مدة خصبة جدا ، فعلت خلالها أشياء فنية علمية ضخمة ، إلي أن وصلت لنوع من الخلاف السياسي مع القذافي وشعرت أنه لا يمكن أن أضع ثقتي فيه ، حيث علمت من أحد أصدقائي أن القذافي كان يدرب الطيران الليبي لضرب السد العالي ، وأنه المسئول عن وضع القنابل علي مداخل قناة السويس ، في الوقت الذي لم يكن أحد يعلم من المسئول عن تلك الأفعال ، لكن القشة التي قسمت ظهر البعير كانت المعلومات التي وصلتني عن تدريب القذافي الطيران الليبي لضرب السد العالي ، كان منهم من يرفض ويحاكم لرفضه ، لكن في النهاية مجرد تفكير القذافي في هذا جعلني أفكر أن تواجدي في ليبيا إنما هي لمعاونته في المجال النووي ، وبخاصة أنه أعطاني صلاحيات كبيرة حيث كنت في منصب نائب وزير ، أتحكم في أغلب الطاقة الذرية الليبية حوالي 400شخص يعملون بها ، و كل أفكاري وبرامجي تنفذ ، لكني سألت نفسي " ماذا بعد ؟ هذا الرجل إن امتلك شيئاً خطيراً فإن الدولة الأولي المهددة ستكون مصر وليست إسرائيل " وبالتالي تركت ليبيا ، ولم يكن بالسهولة أن أترك ليبيا ، حيث كان يلازمني الحرس الليبي في سفرياتي من ليبيا إلي أن أعود إليها ثانية ، ومن غير المسموح السفر وزوجتي معاً خارج ليبيا حتي أن الوزير الليبي كان يحتفظ بجواز سفرها أثناء غيابي عن الحدود الليبية إلي أن أعود ، ولأنني لم أترب علي التحايل قررت التخلص من هذا الموقف دون كذب ، فأعييت نفسي بحيث عندما نقلت للمستشفي بالفعل مريضاً ، وبرؤيتهم سوء حالتي أخرجوا زوجتي من ليبيا ، كانت هذه هي الوسيلة الوحيدة التي نجحت للخروج وزوجتي نهائياً من ليبيا.
* ومتي بدأت رحلتك الطويلة مع وكالة الطاقة الذرية ؟
- بعد تركي ليبيا قدمت لي الوكالة الذرية عرضاً مغرياً للعمل معها ، وأضع أمام تقديمها لي هذا العرض في هذا التوقيت كثيراً من علامات الاستفهام ، لماذا اختارت الوكالة هذا التوقيت علي التحديد ؟ من المؤكد أنهم أرادوا إبعادي عن ليبيا بأي طريقة ، تم قبولي العرض وتفرغت للعمل بالوكالة الدولية 25 عاما ، وقدر الله لي طيلة هذه المدة التفتيش علي جميع المفاعلات والمنشآت النووية في العالم أجمع ، فزرت 40 أو 50 دولة لأكثر من 400 أو 500 مفاعل ومنشأة نووية .
* أعلنتم عن مشروع تجريبي نووي من تصميمك .. هلا تشرح لنا أبعاد التجربة التي نراها مهمة للغاية ؟
- بعد الانتخابات السابقة للرئاسة قررت التوقف عن السياسة لنعطي الرئيس المنتخب - بغض النظر عن نسبة انتخابه - محاولة تنفيذ شئ ، أقمت عدة ندوات في مجالات مختلفة وبدأت في اقتراح تنفيذ شئ عملي ، عرضت علي قسم نووية إقامة مشروع مع الطلبة لبناء وتصمم نموذج مفاعل صغير حقيقي بأيد وصناعة مصرية ، بدأنا بالفعل ، وجاءني تأييد قوي من عميد الكلية ثم أكادمية البحث العلمي ، وبعد بحثي كثيراً للعديد من المصانع وفقت في اختيار مصنع مصري وطني كان العمال به متحمسين لمشاركتي في التصنيع ، صممنا المفاعل وأخذ الطلبة خبرة كبيرة ، نجح المشروع بنسبة نجاح 110% وهي نسبة أكثر مما توقعنا، ذلك لأن كل من عمل معنا وبخاصة العمال الفنيين علي مستوى عال من الفنية وشعروا بأنه مشروع وطني فأرادوا أن يكملوه ، وإذا تم حصولي علي وقود نووي وتأكدت من سلامة كل الإجراءات الأمنية له فإن هذا النموذج المصغر الذي تم تصنيعه سينتج كهرباء 1 ميجاوات، وهو نموذج لمفاعل نووي قدرته 50 ميجاوات قادر علي تشغيل 200 ألف أسرة أو ما يعادل مدينة صغيرة ، الغرض الأساسي منه أو فكرته هو عمله في أماكن نائية ، فحيث المياه التي يحتاجها محدودة ، ومن الممكن التفكير في صحراء سيناء ، لأستطيع عمله هناك وحصولي علي المياه عن طريق المياه الجوفية أو مد أنبوب للبحر، ويمكن من خلاله الإحياء العمراني لمنطقة بالكامل ، كان في ذهني تصميم مفاعل الـ50 ميجاوات هذا العام ولكنه يحتاج إلي إمكانيات ..هذه المفاعلات لن تغني عن مفاعلات الضبعة التي نتحدث فيها عن 1400ميجاوات .
* هل كفاءة وجودة تصنيع المفاعل بأيدي مصرية تعادل كفاءة وجودة التصنيع الأجنبي ؟
- البعض ممن تساءل أو انتقد كان ردي عليه أنني عرضت علي هيئة الأمان النووي أن يعتبروه كتمرين ، ويحضروا الأخصائيين لديهم لدراسة تصميم وتصنيع هذا النموذج ، كاللحامات والمواد التي تم استخدامها ليروا هل هي ملائمة للمواصفات العالمية أم لا ؟ ولا يزال هذا قائما فلم يأت لي رد نهائي إلي الآن ، البعض متحمس والبعض الآخر لا ، أتمني أن يأتوا ويروا ويدلوا بدلوهم ما إذا كان هذا التصنيع به أخطاء يمكن إصلاحها ، أيضاً ما أتمناه أننا بدخولنا في مشروع الضبعة ندخل كشركاء فلا نريد تنفيذ مفاعل تسليم المفتاح فنتعاقد مع شركة تكون هي المسئولة بالكامل عن كل شئ يخص المفاعل ونكون مجرد حاصلين علي كهرباء ، كما هو الحال الآن في الإمارات ، هذا ما أرفضه في مصر ، فنحن مختلفون لما لنا من قدرات صناعية بدليل التجربة التي مررت بها ، ومن الممكن أن ندخل كشركاء معهم وبالطبع ليس وحدنا ، فهذا المفاعل الضخم لا أستطيع بناءه وحدي ، لأننا لا نملك الخبرة الكافية ولا التراخيص الكافية ، لكن نريد أن نخطو خطى كوريا الجنوبية الذين بدأوا أولا مع الأمريكان والفرنسيين وخطوة تلو الأخرى تعلموا منهم التصميم والتصنيع واليوم يصنعون المفاعلات الكورية الجنوبية إلي جانب تصديرهم للخارج .. إذن علينا أن ننتهج نهجهم بالدخول كشراء لأول وثاني مفاعل ليكون المفاعل الثالث مصرياً 100% وهذا ما أطمح إليه .
* ما هي التكلفة التقريبية للمشروع ؟ وهل باستطاعة مصر تمويله حال إحجام أو صعوبة شروط الغرب لتمويله ؟
- نتحدث هنا عن ثلاثة مشاريع :
الأول : النموذج الذي تم تصنيعه وتكاليفه في حدود من 50 إلي 60 ألف جنيه , وانتهينا من مرحلته الأولى , أما المرحلة الثانية منه فلم تكتمل بعد وهي تعتمد على اكتمال "البودي" بتوصيله دائرة تبريد ثانية , وأخري ثالثة للحصول منه على كهرباء قدرها 1ميجاوات , وكنت سأستعين بتخصصات مكيانيكا وكهرباء وأجهزة , توقعت استكمال المشروع خلال هذا العالم لكن مع الأسف توقف بشكل مؤقت لأن بعض الأفراد غير مؤيد هذا.
الثاني : مشروع الـ 50 ميجاوات والذي يجب أن تدعمه الدولة لأنني أتحدث هنا عن بضعة ملايين , هذا إلي جانب توفير الوقود النووي من خلال اتفاقيات دولية على أعلى مستوى , لذا فإن جميع أجزاء نموذج المفاعل الذي تم تصنيعه حقيقية عدا اليورينيوم الداخلي الذي استبدل بالاستالستيل ليحاكي اليورينيوم فقط .
الثالث : وهو المشروع الكبير الذي نرجو أن يتم بالضبعة وتكلفته تصل من 4 إلى 5 مليار دولار , من الممكن خفض هذه التكلفة بشكل كبير حال دخولنا كشريك مع شركة أجنبية ، ويقيني أنه بعد خبرة التصنيع التي اكتسبناها للمفاعل نستطيع توفير الكثير من ميزانية المفاعل الواحد .
* وما المطلوب لتحويل المشروع إلي واقع علي الأرض ؟
- الآن تمت أولى الخطوات المهمة التي انتظرناها لمشروع الضبعة وهي تسليم أهالي الضبعة أرض الموقع للقوات المسلحة بعد أن تم استيلاء الأهالي على الموقع منذ حوالى عامين على التقريب , والخطوة الثانية هي تلبية طلبات أهالي الضبعة التي أراها متواضعة فهم يريدون تأكيد صلاحية الموقع وأنه لا توجد خطورة عليهم , ويتم هذا بتشكيل القوات المسلحة للجنة فنية محايدة من الخبراء المصريين والأجانب للدراسة وإعادة النظر مرة أخرى في الموقع , وهذا ما فعلته مع الطلبة العام الماضي , حيث أعدنا النظر في موقع الضبعة وفي بعض الدراسات والحسابات , وطورتها وطلبت من الطلبة إعادة حسابتها ليوضحوا لنا لو أن مفاعلا ما في هذه المنطقة حدث له حادث كيف سيكون تأثيره على المنطقة المحيطة به , تم عمل هذا وأتمنى أن يستكمل .. القوات المسلحة هي المسئولة الآن عن تأكيد صلاحية موقع الضبعة وسلامته وقد رأينا عدلي منصور رئيس الجمهورية المؤقت يعلن دعمه للبرنامج النووي , لتبقى الخطوة التي تلي التأكد من ملائمة الموقع وهي شراء محطة نووية عن طريق طرح مناقصة لجميع الشركات العالمية أو بالأمر المباشر بأن يتم الاتفاق مع دولة بعينها للتفاوض معها على الإنشاء .
* ما المدى الزمني لانتهاء المشروع ؟
- بناء المحطة النووية يستغرق من 4 : 5 سنوات ، لكن قلقي الدائم يكمن في الإجراءات الإدارية قبل وبعد البناء و بالتحديد قبل البناء , فتطرح مناقصة عطاء ستأخذ وقتاً كبيراً ، ثم بعد ذلك نستغرق عاماً أو اثنين لاختيار الشركة التي تلائمنا وهذا كله قد تم فعله العام الماضي مع الطلبة لنختار ونعرف من يستطيع تقديم ما نريد , إذن إن كنت صانعاً للقرار وثبت أن موقع الضبعة ملائما سأبدأ في البناء , وبعد خمس سنوات سيتم تشغيل أول مفاعل .
أما المدة الزمنية لمفاعل الـ 50 ميجاوات فتتوقف أولا على دعم الدولة بالكامل ومعرفة من أين يمكن الحصول على الوقود النووي والمواد المرتبطة به , ثم أنني في حاجة إلي مركز الخبرة المصري والأجنبي الذي يؤكد لي الأمان في كل أجزاء التصميم ، إذا تم هذا فإن تصنيعه لن يستغرق سوى عامين على التقريب .
* هل سيساهم المفاعل المصري بشكل جزري في حل أزمة الكهرباء في ظل تزايد مهول للاستهلاك حاليا ؟
- بالطبع ، فالغاز الطبيعي والمازوت والسولار يشكلون 90% من كهرباء مصر ، وقد بدأنا في استيرادهم العامين الماضيين لأجل محطات الكهرباء على الرغم من امتلاكنا محطات كهرباء كثيرة حوالي 30 ألف ميجاوات من القدرات الكلية ولكن القدرات الكلية مجرد اسم , فالحقيقة أنني أحتاج إلي طاقة غاز لتشغيلها ، والآن نحن على مشارف أزمة طاحنة , فاستيرادي للغاز بأرقام باهظة الثمن في حين بيعه داخل مصر بثمن بخس يمثل عبئاً ، فنحن في حاجة للطاقة النووية كمصدر حتمي لحل الأزمة, فهي أرخص ما يمكن ، طاقة مستمرة تعطيني بصفة مستديمة حيث يعمل المفاعل 60 عاماً من العطاء المستمر للطاقة التى لا تنقص ولا تزيد ، بخلاف طاقتي الشمس و الرياح المحدودتان للغاية ، وعلى الدولة أن تتنبه أن الحل النووي حتميا وليس خياريا .
* ما حاجة مصر من المفاعلات لتغطية مشروعاتها التنموية على المدى البعيد ؟
- نتحدث عن أربعة مفاعلات في الضبعة وهي بداية جيدة ستشكل حوالى 10 أو 15 % من كهرباء مصر لكن هل مفاعل الضبعة فقط ؟ بالطبع لا .. فمصر بها مواقع أخرى غير الضبعة وبصورة خاصة في البحر الأحمر , البحر الشمالي , وسنتطرق إلي كل هذه المجالات .
* البعض يرى في مشروع المفاعل النووي المصري ردا عاجلا وسريعا على مشروع سد النهضة .. كيف ترى هذا ؟
- ربما تختلف وجهة نظري عن سد النهضة ، وألوم الأسلوب الذي تم التعامل به معه في الفترة السابقة , فما اعتادنا عليه أن أثيوبيا تسرق حقا ليس لها , لكني أرى أنها من أكثر الدول الفقيرة في الطاقة على مستوى العالم كله , لذا من حقها أن تفكر , أيضا مصر تضيع مصادر مياه كثيرة , فكم التبخر الحادث في بحيرة ناصر مثلا يفقدنا كمية هائلة من المياه , أيضا ما يفقد في رشيد ودمياط .. وما إلي ذلك , إذن أثيوبيا من حقها أن تفكر في مشاريع للطاقة وليس علينا أن نأخذها بهذه الحدة بل على العكس نمد يد العون لها , قطعاً مشروع النهضة الأثيوبي سيؤثر على السد العالي, ونحن بحاجة للحفاظ على نسبة الـ 10 % من كهرباء مصر التي يشكلها في ظل أزمة الكهرباء .. هذه حقيقة ، لكن النسبة تقل مع الوقت بزيادة التعداد السكاني المستمر وثبات كهرباء السد العالى ، حيث كان يمثل 50 % من كهرباء مصر في فترة معينة ، أما الآن فهو أقل من الـ10% ، وبالتالي انخفاض نسبة السد العالي ليست بالمؤثرة علينا بل أن النسبة المؤثر هي الغاز و السولار والمازوت التي تمثل 90% من كهرباء مصر والتى يتم استيرادها الآن .
* ماهي أهم الأسباب المحلية والدولية التي أدت إلي تأخر الدولة المصرية في تنفيذ مشروعها النووي السلمي حتى الآن ؟
- التأخر النووى بفعل فاعل .. مصر كانت سباقة ومن أوائل الدول فى الخمسينيات فى المجال النووى , الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كان رئيساً للطاقة الذرية المصرية عام 1955م , و صنّعت أول مركز للمفعلات النووية والطاقة النووية فى أنشاص مع الاتحاد السوفيتى , مصر خطت خطوة جيدة وكان لديها مشروع مفاعل للكهرباء فى عام 1963م و 1964م من المفترض تنفيذه سنة 1976أو 1978 , لكننا دخلنا فى سلسلة من الحروب لم نفق منها إلى الثمانينيات , ثم وقع السادات اتفاقية منع انتشار الأسلحة النووية , فكانت عقبة رئيسية لفتح مصر على مجال إنشاء المحطات النووية قد تمت , وعلى الرغم من هذا كان للرئيس الأسبق حسنى مبارك حساباته الخاصة حيث قال إن حادثة تشيرنوبيل هى السبب , وفى تقديرى إن هذه حجة فليس لنا أى علاقة بتشيرنوبيل ولا نوع المفاعلات التى سنصنعها له أى علاقة بذلك ، وبالتالى جمد البرنامج النووى المصرى بشكل سيئ للغاية , واليوم تحولنا - مع الأسف - إلى دولة هامشية فى المجال النووى , سبقنا ويسبقنا دول عديدة جدا , الهند سبقتنا بمراحل فاليوم تمتلك 23 مفاعلا نوويا , وتبنى 20 مفاعلا آخر , كوريا الجنوبية تصنع وتصدر للخارج , كذلك إيران تملك اليوم مفاعلا نوويا وتخصيبا , الإمارات تبنى أربعة مفاعلات , تركيا تبنى أربعة مفاعلات , السعودية والأردن والسودان متطلعين إلى مفاعلات , مصر تأخرت كثيرا.
* البرنامج النووى المصرى منذ عهد عبد الناصر يتعرض لحروب وضغوط من الكيان الصهيونى وأمريكا التى أوقفت البرنامج أكثر من مرة .. ماذا فعلت مصر حيال هذا ؟ وكيف تواجه تلك الحروب والضغوط مستقبلا ؟
- تعرضت مصر لكثير وبخاصة ما تعرضت له مع الأسف بيد أحد أبنائها المصريين عام 2004 – 2005 م والذى ادعى عليها تقارير إما كاذبة أو مبالغ فيها أو عادية لم يكن من المفترض أن يضعها ، لكن مدير الوكالة وقتها وضع مصر فى اتهامات مبالغ فيها كان لها بعض الأثر في التفكير لإحياء البرنامج النووى المصرى ، وعندما بدأ مبارك فى إحياء البرنامج عام 2007م بدأ التجهيز إلى تقارير أخرى ضد مصر ، لتوضع مصر فى 2009م ضمن دول محور الشرق كدولة تخالف الاتفاقية , وهذا كلام غير صحيح ، لكن بيد أحد أبنائها المسئول عن المنظمة والوكالة الدولية للطاقة الذرية وقتها .. أتمنى أن نتخلص من هذه الفترة ومن الأثر السلبى الذى فعله هذا الشخص ونبدأ فى الإقدام بأنفسنا على المرحلة القادمة إن شاء الله .
برواز
يسري أبو شادي الزوج والأب
- حياتي بسيطة جدا ، أركز في علمي أكثر فلم يكن لدي أية طموحات أخرى خارجية .. تزوجت وأنا طالب بالجامعة ، فمنذ التحاقي بها وأنا مرتبط بزوجتي إلي أن تزوجنا مع تخرجي في الجامعة ، كانت قد جمعتنا قصة حب دامت 7سنوات قبل زواجنا ، بدأت في مرحلة الثانوية ، كانت طالبة جامعية بالأسكندرية مما تسبب في بعض المشكلات لي ، فتخيل البعض أنني جئت إلي الأسكندرية لأجلها لا لأجل التحاقي بنووية ، والحقيقة أن عشقي لنووية هو ما أتي بي إلي الأسكندرية ، ما تصادف مع وجودها هناك .. لدي أربعة أولاد وبنت هي الصغري ، ولدت بالنمسا وعمرها الآن 18 عاماً ، تعشق مصر بصورة كبيرة ، كان هناك تخطيطاً لالتحاقها بالجامعة المصرية تلبية لرغبتها ، لكن الظروف الأخيرة جعلت هناك شيئاً من عدم الاستقرار والقلق ، لدي ابن لا يزال مقيما بالأسكندرية مع أسرته ، أحد ابنيّ في النمسا سيأتى للعمل بمصر .. أولادي ككل يعشقون مصر بصورة كبيرة .
ساحة النقاش