في انتظار تعديله..
قانون مباشرة الحقوق السياسية والعدالة المفقودة
* تشديد عقوبات جرائم الانتخابات في الصدارة
* لا إقصاء دون حكم قضائي
* احترام أحكام القانون، والسماح بتصويت العسكريين
* الكوتة مطلب ملح للمرأة والشباب والأقباط
نبيلة حافظ
بعد ثورة 30 يونيو وإقرار دستور 2014 أصبح ضروريا إجراء مراجعة شاملة لعدد كبير من القوانين التي تتعارض مع مواد الدستور الجديد، فبعض هذه القوانين يحتاج الإلغاء والبعض الآخر بحاجة للتعديل العاجل لارتباطه باستحقاقات سياسية وشيكة، وعلي رأس هذه القوانين المطلوب تعديلها قانون مباشرة الحقوق السياسية.
ولأن الوقت قد حان لاستكمال خارطة الطريق فإن الحديث عن تعديلات قانون مباشرة الحقوق السياسية يجب أن ينتقل من مجرد الأحلام والأمنيات إلى الواقع الملموس من خلال لجنة مشكلة من جانب رئيس الجمهورية تجتمع الآن لوضع التصورات المطلوبة لهذه التعديلات وصياغتها بما يتناسب مع مواد الدستور وطرحها للحوار المجتمعي قبل أن يصدر مرسوم جمهوري بها من جانب رئيس الجمهورية.
قانون مكمل للدستور
بداية لابد أن نؤكد على أن قانون مباشرة الحقوق السياسية في شكله الجديد هو قانون مكمل لدستور 2014 بمعنى أنه يجب إقراره وتعديله عقب إقرار الدستور الجديد، ربما تكون تلك الخطوة تأخرت بعض الشيء، ولكن المهم أنها أتت قبل فوات الآوان وفي تسلسلها الطبيعي قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، ولهذا القانون أهميته في تقوية الحياة الحزبية والسياسية والتي تتطلبها طبيعة المرحلة القادمة.. تلك المرحلة التي تستوجب مزيد من الحرية والمساواة في الحقوق والواجبات بين كل المصريين دون تفرقة بسبب النوع أو الديانة أو التوجه السياسي.. هذا ما نحلم به ونتمناه في المرحلة الجديدة القادمة لنا ولأولادنا وأحفادنا.
ولعل تعديل باب جرائم الانتخابات من أهم الإشكاليات التي تواجه اللجنة المشكلة لتعديل مواد هذا القانون لأن هذا الباب تحديدا يتطلب إجراء تعديل شامل له من منطلق ان العقوبات المدرجة في قانون 73 لسنة 1956 والمعمول به والذي عدلت به بعض المواد في السنوات الماضية، لم تعد العقوبة المنصوص عليها فيه متناسبة مع حجم الجرم أو المخالفة التي تقع سواء كانت العقوبة غرامة مالية أو حبس، ففي هذا القانون كانت جرائم الانتخابات منصوص عليها بالباب الرابع في 13 مادة، ولكن بعد مضي كل هذه السنوات أصبحت معظم هذه المواد تحتاج إلي تعديل من أجل تغليظ العقوبة علي مرتكبي هذه الجرائم أو المخالفات، ومنها على سبيل المثال عقوبة من يكون اسمه مدرجا بجداول الانتخابات ويتخلف بغير عذر عن الإدلاء بصوته في الانتخاب أو الاستفتاء، كذالك عقوبة من يدلي بصوته أكثر من مرة، وعقوبة كل من أبدي رأيه منتحلا اسم غيره، وكل من يتلف أو يعبث بالصناديق أو بالأوراق الانتخابية، وكل من يستخدم العنف أو القوة أثناء إجراء العملية الانتخابية، أيضا تغليظ عقوبة من ينشر أخبارا أو أقوالا كاذبة عن موضوع الانتخاب أو الاستفتاء أو عن سلوك أحد المرشحين أو أخلاقه بقصد التأثير على نتيجة الانتخاب أو الاستفتاء.
تعديل تم رفضه
لا أحد ينكر على المواطن المصري حقوقه السياسية مادامت هذه الحقوق لا تتعارض مع الدستور والقانون، والمواطنة مبدأ أقره الدستور وبه لا يحرم أي مواطن من حقه في الترشح للانتخابات البرلمانية، من هذا المنطلق كان الرفض من جانب قسم التشريع بمجلس الدولة للتعديل المقترح على القانون من جانب مجلس الوزاراء بحرمان المحالين إلى المحاكم الجنائية بتهم جنائية من مباشرة حقوقهم السياسية حتي صدور حكم قضائي في الاتهامات الموجهة لهم، وذلك من منطلق عدم تقييد الحرية الشخصية دون سند دستوري يخالف المبدأ الدستوري والشرعي والدولي الذي يقضي بأن الأصل في الإنسان البراءة.
بهذا الحكم يصبح لا سند قانوني للمطالبين بعزل الإخوان عن الحياة السياسية. إذ أن من حق المنتمين للجماعة والمحالين إلى المحاكمات الجنائية الترشح للانتخابات النيابية طالما لم يصدر حكم قضائي عليهم، والسؤال الآن هل تنجح اللجنة المشكلة لتعديل القانون في التغلب على هذه الإشكالية وإيجاد مخرج قانوني لها يرضي جميع الأطياف السياسية؟ هذا ما ستسفر عنه التعديلات المقترحة وما تسفر عنه أيضا المناقشات المجتمعية لهذه التعديلات.
الحقوق السياسية للعسكريين
القاعدة التي تحكم الحياة السياسية الآن هي احترام أحكام القانون ولا معني لأية خطوة نخطوها إذا لم نفعل هذا الاحترام ونجعله ملموسا على أرض الواقع، ولعل الحقوق السياسية للعسكريين هي من أهم أولويات هذه التعديلات بعد حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية منع ضباط وافراد القوات المسلحة وهيئة الشرطة من التصويت في الانتخابات والاستفتاءات.
والسؤال الذي يفرض نفسه علينا هو: ما هي الحقوق السياسية للعسكريين في ضوء قرار المحكمة الدستورية؟ للإجابة على هذا السؤال علينا أولا أن نفرق بين أمرين، الأول هو حق التصويت في الانتخابات و الاستفتاء التي ينص عليها الدستور، والأمر الثاني حق الترشح في الانتخابات الرئاسية والانتخابات البرلمانية والمحلية، وحكم المحكمة الدستورية كان واضحا وصريحا بحيث أعطي للعسكريين الحق في التصويت بالانتخابات والاستفتاء وحجب عنهم حق الترشح في هذه الانتخابات إلا بعد تقديم استقالتهم من مناصبهم. وإن كان هذا الحكم قد منح العسكريين هذا الحق إلا أنه لم يوضح كيفية ممارسة العسكريين لحقهم في التصويت، هل سيكون طبقا لمحل إقامتهم، أم لمحل عملهم، والنقطة الأهم في هذا الحكم أنه أقر بأنه حق قبل أن يكون واجب وبالتالي إذا تعذر علي العسكري الإدلاء بصوته يصبح لا عقوبة ولا إثم عليه، وردا على المتخوفين من مشاركة العسكريين في الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات والاستفتاء فهذه المشاركة لا تعني إقحامهم بالحياة السياسية إنما هي إعمالا لمبدأ المساواة الذي أقره الدستور وكفله القانون وتعمل بها معظم دول العالم.
كوتة آه..كوتة لأ
ونصل لمبدأ الكوتة والتي يتوافق عليها البعض ويرفضها البعض الآخر، سواء كانت هذه الكوتة تخص المرأة أو أقباط أو الشباب، فهناك الكثير من الأصوات التي تنادي بوجود نظام انتخابي أمثل يضمن التمثيل المتكافئ والمتوازن لجميع الفئات المهمشة، كالمرأة والشباب والأقباط والمعاقين والمصريين بالخارج، وذالك من خلال إقرار كوتة لكل فئة من هذه الفئات، ولعل المطالبة الأقوي الآن هي ضمان تمثيل المرأة في البرلمان القادم تمثيلا يتناسب مع حجم ومكانة المرأة في المجتمع علي ألا تقل نسبة تمثيل المرأة عن 100 سيدة وخاصة مع وجود المادة 11 من الدستور الجديد والتي تنص على أن الدولة تكفل تحقيق المساوة بين الرجل والمرأة في جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ووفقا لأحكام الدستور يجب العمل على ترجمة هذه المادة في صورة قوانين تحقق ما جاء به من حقوق تنصف المرأة وتساعدها على القيام والمشاركة بدورها في المجتمع.
وإن كان المطالبون بوجود كوتة للمرأة يحتجون بأن المرأة لن تتمكن من منافسة الرجال في الانتخابات البرلمانية والمحلية لأنها لا تملك الأدوات التي يملكها الرجل من قوة ومال وحشد بالمجتمع الذكوري الذي نعاني منه حتى الآن، فإن المطالبين بكوتة لباقي فئات المجتمع حججهم ضعيفة حتي اللحظة.
وتبقي الأيام هي خير شاهد ودليل على نتيجة المناقشات والحوارات التي سوف تحدد شكل ومصير هذا القانون الذي يبحث عن موضع قدم له على أرض الواقع أملا في أن يحقق العدل والمساوة بين الجميع.
ساحة النقاش