كتبت : أماني ربيع

عرفناه قارئا للقرآن ومنشدا للمديح والتواشيح، صوت بديع أينما حل تجلى وأطرب، من أشهر المؤذنين في مصر والوطن العربي، بصوته الذي يراقص المقامات الموسيقية في عذوبة ليس لها مثيل، تسمعه يتلو القرآن فلا تصدق أنه من يتغنى بالمديح، ولطالما نعمنا في ساعة العصر بنداء الأذان يُرفع بصوته فنخشع ونتجه للقاء الله، إنه الشيخ طه الفشني.

ولد الشيخ طه الفشني عام 1900 بمركز الفشن بمحافظة بني سويف، ومنذ نعومة أظفاره عُرف عنه حلاوة الصوت وجمال الأداء، اكتشف موهبته ناظر المدرسة الذي أسند إليه قراة القرآن في حفلات المدرسة.

بعدما حصل على كفاءة المعلمين من مدرسة المعلمين سنة 1919، قدم إلى القاهرةوالتحق بمعهد القراءات التابع للأزهر، ودرس على يد الشيخ عبد الحميد السحار والشيخ المغربي، وحصل على إجازة علم القراءات على يد الشيخ عبد الحميد السحار, وأتقن علوم التجويد، ثم التحق مع الشيخ زكريا أحمد ببطانة الشيخ علي محمودالذي قدمه معه في الحفلات، وكان الشيخ علي محمود مدرسة في الطرب تتلمذ على يديه عظماء عصره في الموسيقى والإنشاد ومنهم الموسيقار محمد عبد الوهاب، وفي بطانته تعلم الفشني أصول المديح والإنشاد.

بدايته مع الإذاعة

بعدها التقطه الشيخ درويش الحريريليصقل موهبته وتعليمه الموسيقي لينطلق بعدها مغردا ومنشدا في الحفلات، وفي أحد أيام عام 1937 في مسجد الحسين وبحضور سعيد باشا لطفي, رئيس الإذاعة المصرية ونظرا للعلاقة الوثيقة التي جمعت الشيخ علي محمود بالفشني حيث كان يعتبره خليفته وامتداده أعطه يومها الفرصة أن يقرأ أمام رئيس الإذاعة،لينطلق الفشني بصوته ليسحر الجميع، وقدرت لجنة الاستماع صوته بأنه قارئ من الدرجة الأولى الممتازة، لينتهي الأمر بضمه وكان مخصصا له قراءة 45 دقيقة في المساءوهكذا بدأت محطة جديدة في مشواره وانتشر اسمه في أنحاء مصر.

بعدها صار الفشني ملازما للشيخ مصطفي إسماعيل في السهرة الرمضانية بسراي عابدين ورأس التين لمدة تسع سنوات في عهد الملك فاروق الذي كان يحرص على حضوره حفلاته.

شهرته

لمع نجم الشيخ طه الفشني في مجال تلاوة القرآنلكنه كان عاشقا للإنشاد الديني حتى سنحت له الفرصة لعرض موهبته في أحد المناسبات التي تبث عبر أثير الإذاعة، حيث كان من المقرر أن ينشد الشيخ علي محمود لكنه مرِض، فطلبت الإذاعة منه أن يحل محله، وذهب الفشني يطمئن على أستاذه ويستأذنه في إحياء المناسبةفوافق الشيخ، وبعد إذاعة الحفل ازدادت شهرة الفشني كمنشد، وفي عام 1942 أنشأ فرقته الخاصة للإنشاد الديني، واستمر في عمله أيضا كمقرئ.

قارئ ملكى

وعين قارئا لجامع السيدة سكينة عام 1940, واختير رئيساً لرابطة القراء خلفا للشيخ عبدالفتاح الشعشاعى عام 1962، وكان يذاع للشيخ الفشني على الإذاعة يومي السبت والأربعاء أسبوعيا فى المساء تلاوته على الهواء مباشرة، وظل الفشني منذ عام 1943 وحتى قيام ثورة 1952 يقرأ القرآن الكريم بقصري عابدين بالقاهرة ورأس التين بالإسكندرية لمدة 9 سنوات،مع الشيخ مطصفى إسماعيل في حضور الملك فاروق، وفي كل عام كانت تقدم له دعوة ملكية لتناول الإفطار على المائدة الملكية في شهر رمضان.

وبعد ثورة 1952أصبح الشيخ الفشني القارئ المفضل للرئيس جمال عبد الناصر الذي أهداه طبقا من الفضة الخالصة ممهورا بتوقيعه، ومن بعده الرئيس محمد أنور السادات، وفي عام 1991 كرمته الدولة بمنح اسمه نوط الامتياز من الطبقة الأولى، وأطلق اسمه على أحد الشوارع الرئيسية بمدينة نصر بجوار مدرسة ابن الأرقم.

وكرمه زعماء ورؤساء وملوك دول السعودية وباكستان وتركيا وماليزيا وتونس والمغرب وليبيا والسودان وسوريا، وغيرها من الدول التي سافر إليها مبعوثا وقارئا ومنشدا، فكان خير سفير للقرآن.

قال عنه المتخصصون في فن التلاوة وعلم الصوتيات إن الله وهبه موهبة وقدرة خاصة ومقامات صوتية تعدت الـ 17 مقاما صوتيا، كان يتنقل بينها في سلاسة لا ينافسه فيها أحد، إضافة إلى معرفته الواسعة بالموسيقى وتوظيفها في التلاوة دون الإخلال بأحكام القراءة.

وفي يوم 10 ديسمبر عام 1971 رحل الشيخ طه الفشني مخلفا وراءه إرثا كبيرا من التلاوات القرآنية والابتهالات التي غرد بها في مشواره الذي قضاه في خدمة القرآن الكريم.

المصدر: كتبت : أماني ربيع
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 323 مشاهدة
نشرت فى 30 إبريل 2020 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,827,362

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز