كتبت : أماني ربيع

كان خليل رجل يصنع"الحُصر"فنذر لله أنه كلما وجد مُصلى بلا حصير يفرشه، وفي أحد الأيام جاءته رؤيا حيث رأى أن عموده الفقري من العنب، والناس يأكلون منه ولا ينفذ، فذهب إلى أحد الشيوخ ليفسر له رؤياه، فقال له ألحق ابنك بالأزهر، فالتحقولده محمود بالأزهر ليصبح الشيخ ذائع الصيت الذي لا يوجد بيت في عموم مصر إلا ودخله صوته تاليا للقرآن، ومات الشيخ الجليل ومازلنا نأكل من عنقود العنب.

و لُد الشيخ القارئ محمود خليل الحصرى يوم 17 من سبتمبر عام 1917 بقرية شبرا النملة، مركز طنطا بمحافظة الغربية بمصر، وحفظ القرآن الكريم وهو في عمر الثامنة، وبعد أن تخرج فى الأزهر تفرغ لدراسة علوم القرآن، ثم تقدم لامتحان الإذاعة عام 1944 ليصبح قارئا بالمسجد الأحمدي بطنطا، ثم مسجد الحسين منذ عام 1955 ، وعين مفتشا للمقارئ المصرية ثم أصبح شيخا لعموم المقارئ عام 1961.

كان أول من سجل المصحف الصوتى المرتل برواية حفص عن عاصم عام 1961 ، وظلت

إذاعة القرآن بمصر تقتصر على صوته منفردا حوالى عشر سنوات، ثم سجل رواية ورش عن نافع عام 1964 ، ثم رواية ، قالون والدورى عام 1968 وفى نفس العام سجل المصحف المعلم وانتخب رئيسا لاتحاد قراء العالم الإسلامى.

براعة صوته

تميز صوته بالرزانة والوضوح، وقراءته بحسن المخارج، يوفي الحركات حقها ويعتني بمساواة مقادير المدود والغنات ومراتب التفخيم والترقيق، هذه الموهبة والقدرات منحت صوته بهاء وقدرة على النفاذ إلى قلوب وعقول الشعوب الإسلامية حتى التي لا تجيد العربية منها، فكانوا يفهمون تلاوته ويأخذون القرآن ويتعلمونه عنه.

كانت قراءته مميزة لأنها نابعة عن علم وخبرة بفنون القراءة، وعلوم التفسير والحديث، وكان من القلة الذين يجيدون قراءة القرآن بالقراءات العشر، ونال شهادة من ، الأزهر في القراءات عام 1958 وألم بهذه القراءات علما وفهما وحفظا.

تجلت موهبته في إحساسه بعلوم التجويد ما جعل من قراءته أشبه بسيموفنية تترجم من خلالها معاني القرآن وصوره وبلاغته، وعن ذلك يقول: الترتيل يجسد المفردات تجسيدا حيا ومن ثم يجسد المداليل التى ترمى إليها المفردات، وإذا كنا عند الأداء التطريبى نشعر بنشوة آتية من الإشباع التطريبى فإن الترتيل يضعنا فى مواجهة النص القرآنى مواجهة عقلانية محضة تضع المستمع أمام شعور بالمسئولية.

شهرة عالمية

شدى صوته في جمع عواصم العالم من القصر الملكي بلندن إلى مقر الأمم المتحدة في نيويورك، وقاعة الكونجرس في واشنطن، وهو أول من نادى بإنشاء نقابة لقراء القرآن الكريم، ترعى مصالحهم وتضمن لهم سبل العيش الكريم، ونادى بضرورة إنشاء مكاتب لتحفيظ القرآن فى جميع المدن والقرى، وشيد مسجدا ومكتبا للتحفيظ بالقاهرة.

مؤلفاته ووفاته

كان مراجعا لكتاب الله في الإذاعة، ومختبرا للقراء الجدد، ومراجعا لكتابة المصحف، وعضوا فى مجمع البحوث الإسلامية )هيئة كبار العلماء( بالأزهر الشريف، وله أكثر من عشر مؤلفات فى علوم القرآن الكريم منها: أحكام قراءة القرآن الكريم، والقراءات العشر من الشاطبية إلى الدرة، أحسن الأثر في تاريخ القراء الأربعة عشر، النهج الجديد في علوم التجويد، كما كتب العديد من المقالات في مجلة لواء الإسلام.

في آخر أيامه حرص على بناء مسجد ومعهد دينى ومدرسة تحفيظ بمسقط رأسه قرية شبرا النملة، وأوصى بثلث أمواله لخدمة القرآن الكريم وحفَّاظه وإنفاق فى كافة , وجوه الخير، لينتقل إلى جوار ربه فى 24 نوفمبر عام 1980 تاركا إرثا لا ينضب في مجال تلاوة القرآن وعلومه.

المصدر: كتبت : أماني ربيع
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 677 مشاهدة
نشرت فى 7 مايو 2020 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,365,789

رئيس مجلس الإدارة:

أحمد عمر


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز