كتب : عادل دياب

يبدو أنهما كما لو كانا حقا من كوكبين مختلفين، فالنساء والرجال بينهما اختلافات فى التفكير والتعبير عن النفس وعن الحب، تجعل كلا منهما يكاد ينتمى إلى كوكب غير الذى جاء منه الآخر، هذه الاختلافات تكون مزعجة أحيانا، إلا أنها غالبا ما تثرى الحياة، وتكون السبب الرئيسى للجاذبية بين الجنسين، بشرط أن يفهم كل منهما الآخر، فى هذه الحالة يتحقق قانون الطبيعة البسيط (الأقطاب المختلفة تتجاذب) فينجح الحب.

كثيرون من الكتاب والأدباء والمفكرين تحدثوا عن هذه الاختلافات التى يكشف لنا الواقع كل يوم ما يعزز وجودها بين النساء والرجال، لكن صاحب مصطلح الرجال من المريخ و النساء من الزهرة هو الخبير بالعلاقات الزوجية والمحاضر بشأن الاختلافات بين الجنسين د. جون جراىالذى ألف 11 كتابا تستوحى الفكرة بدأها سنة 1992 بكتابه الأشهر "الرجال من المريخ والنساء من الزهرة"، وكان من أهمها "ما بعد المريخ والزهرة" عام 2016 الذى ناقش فيه كيف تأثرت الاختلافات بين الجنسين بالتطور الكبير الذى أصاب العالم فى العمل والاتصالات وطبيعة المسئوليات والأدوار التى يتبادلها كل من الرجل والمرأة فى الحياة.

فقدان ذاكرة

يرى جراى أن الرجال والنساء يتكلمون لغتين مختلفتين وأن حواء تحتاج لأن تتعلم لغة آدم حتى تفهمه وتتواصل معه بسهولة، وأن على آدم كذلك مسئولية التعلم والفهم، وفكرته ببساطة تتلخص فى أن نتخيل أن النساء والرجال كل منهم جاء من كوكب مختلف،فالرجال من المريخ والنساء من الزهرة، ورغم أنهم يتحدثون لغتين مختلفتين إلا أن نظرة خاطفة بينهم تسببت بالوقوع فى الحب.

أمضوا شهورا يتعارفون كانوا سعداء لذلك قرروا اتخاذ خطوة أكبر فقرروا الرحيل والالتقاء معا فى كوكب الأرض، وعلى الأرض كان كل شىء مدهشا وجميلا فى البداية، لكن مع مضى الوقت بدأ التغيير، واستيقظوا ذات صباح وقد أصيبوا بنوع من فقدان الذاكرة الانتقائى ليبدأ الصراع بينهما.

لا أحد ينصت

إن أشهر شكوى للمرأة هى أن أحدا لا ينصت إليها هذه الشكوى يساء فهمها وتأويلها، فينتج عن الترجمة الحرفية لها أن الرجل لا يقدر مشاعر المرأة ما يؤدى للشجار بينهما فالرجل يعتبر نفسه قد أنصت إليها مادام بإمكانه أن يعيد عليها ما قالته مرة أخرى، والحقيقة أن المرأة لا تنتظر منه أن يعيد على مسامعها كلماتها ولا أن يعطيها حلا، إن كل ما تريده هو إظهار التعاطف والمحبة وأنه يقدر مشاعرها لا أكثر.

أبو الهول

 

واحدة من أكبر التحديات التى تواجه الرجل، أن يتمكن من فهم ومساندة المرأة على الوجه الصحيح عندما تتحدث عن مشاعرها، كما أن من أكبر التحديات التى تواجه المرأة أن تفهم وتساند زوجها على الوجه الصحيح عندما لا يتكلم، فالصمت هو من أكثر الأشياء غموضا بالنسبة للمرأة.

عندما يتحول الزوج إلى أبى الهول ويتوقف عن الكلام فجأة، ويصبح صامتا، هذا الشىء لا تفهمه المرأة. ستعتقد أن الرجل أصم أو ربما لم يسمع ما قالته ولهذا لا يرد.. إذ عادة ما تسىء المرأة تفسير صمت زوجها، واعتمادا على ما تشعر به فى ذلك الحين، تتصور أسوأ الاحتمالات؛ إنه يكرهنى، لا يحبنى، إذا صدنى فلن يحبنى بعد ذلك أبدا فأنا لا أستحق أن أكون محبوبة، فى هذه الحالة على المرأة أن تعرف أن الرجل عندما يكون محبطا أو مضغوطا يتوقف عن الكلام بطريقة آلية، إنه يذهب إلى كهفه لدراسة الأمور، وإذا تركته يذهب لكهفه فإنه سيخرج بعد قليل ويعود كما كان.

الموجة وشريط المطاط

إن قيم الرجال والنساء مختلفة في أصلها؛ الرجال يقدمون حلولا للمشاكل ويهملون المشاعر، بينما تعطي النساء نصائح وتوجيهات لم تطلب منهن، الرجال يواجهون الضغوط بالانسحاب بعيدا للتفكير فيما يكدرهم، بعكس النساء اللاتي لديهن غريزة للفضفضة والحديث عما يكدرهن.

الرجل يتحمس عندما يشعر بحاجة الآخرين إليه، والمرأة تتحمس عند الحصول على قدر كاف من التدليل. الرجال بحاجة للضغط على أنفسهم ليستطيعوا التعبير عن الحب، بينما النساء يتعين عليهن الضغط على أنفسهن لتقبل الحب.

الرجال والنساء يتحدثون ويتوقفون عن الحديث لأسباب متباينة جدا، وعليك أن تعرفي ماذا تفعلين إذا توقف الرجل عن الكلام، كما على الرجل أن يجيد الاستماع دون أن يصيبك بالإحباط.

الرجل مثل شريط المطاط، يقترب ثم يشعر بحاجة لأن يرتد بعيدا لفترة ثم يقترب مرة أخرى، أما المزاج العاطفي للمرأة فيعلو ويهبط على نحو متكرر كحركة أمواج البحر.

نوع جديد من الدعم

بعد أكثر من ربع قرن على تأليف كتابه "الرجال من المريخ، النساء من الزهرة" هل حدث تغير فى الأمر؟ يجيب جراى بأن العالم قد تغير تغيرا جذريا، وتغيرت كذلك علاقاتنا، لكننا لا نزال مختلفين تماما ولا نزال نستجيب لأدوارنا بطرق خطأ، عادة ما يفهمها ويفسرها شركاء حياتنا بطريقة خطأ.

لقد أصبحت حياتنا أكثر سرعة فى العمل وفى البيت، وهذا زاد من مستويات التوتر لدى الرجال والنساء على حد سواء، ومع زيادة دخول ملايين النساء إلى سوق العمل، وزيادة مسئوليات الرجال داخل المنزل، تغيرت آليات العلاقات بينهما تماما، كما تغير ما نحتاج إليه فى علاقاتنا لكى نشعر بالرضا، وأصبح كل من الرجال والنساء بحاجة إلى نوع جديد من الدعم العاطفى، الذى يتضمن المزيد من الصدق والحميمية والتعبير الشخصى، هذا التغير جاء معه بتحديات جديدة، على كل من الرجال والنساء فهمها، وحينها ستكون لديهم الفرصة للبقاء على طبيعتهم أكثر من أى وقت مضى، بدون تكلف، وبتقبل لسمات تتخطى الأدوار التقليدية لكل منهم، الأمر الذى سيسمح بوجود حميمية أكثر عمقا بينهما عن أى وقت مضى.

لنتذكر اختلافاتنا

لا تزال احتياجات الرجل من الحب هي الثقة والقبول والإعجاب، واحتياجات المرأة هي الاهتمام والتفهم والاحترام، وتظهر المشكلة، لأن كلا من الرجل والمرأة يعطي الآخر ذلك النوع من الحب، الذي يحتاج إليه هو، لا الذي يحتاج إليه الطرف الآخر فعلا، لكن عندما نتفهم أن الرجال والنساء مختلفون، سيتبين لنا أنه من الممكن أن يعيش الرجل وزوجته دون صراع دائم، وكلما تعرفا على اختلافاتهما أكثر تعلما طرقا جديدة لتحسين علاقتهما.

المصدر: كتب : عادل دياب
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 413 مشاهدة
نشرت فى 8 يونيو 2020 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,795,142

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز