كتبت : سكينة السادات

حكيت لك الأسبوع الماضى طرفاً من حكاية قارئتى الدكتورة أمينة، 41 سنة التى جاءت من أسرة كلها أطباء، فوالدها طبيب شهير فى محافظتهم وكذلك إخوتها الثلاثة وهى كبيرتهم والأخت الوحيدة لهم، التى نشأت فى المحافظة التى تعيش فيها أسرة والدها ووالدتها، والتى من بين أفرادها اختارت فتاة من قريبات والدها الفقيرات وقربتها إلى نفسها وأحبتها وشجعتها على الدراسة حتى نالت دبلوم التجارة وجعلتها أقرب صديقاتها.

فقد كانت الفتاة إيمان طيبة وذكية، وعندما تزوجت أمينة من طبيب وانتقلت مع زوجها إلى القاهرة أوجدت عملاً لصديقتها إيمان فى أحد دواوين الحكومة وأسكنتها عند إحدى قريبات العائلة، لكنها كانت تقضى اليوم كله بصحبة الدكتورة أمينة تساعدها فى عملها وبيتها، وبعد أن أنجبت أمينة طفلاً جميلاً ورغم وجود شغالة فى البيت كانت لا تأمن إلا لإيمان لرعاية ابنها، وكانت لا تبخل عليها بأى مال حتى أوجدت لها ابن الحلال وساهمت فى جهازها وكل ما يلزمها للزواج، وصارت إيمان بمثابة أختها التى لم تلدها أمها! وسارت الأمور سيراً حسناً حتى لاحظت أمينة أن إيمان أصبحت لا تلتزم بالمواعيد وتعتذر كثيراً عن الذهاب إليها، وعندما سألت زوجها قال إنها فى صحة جيدة وإنها تخرج كعادتها لعملها الصباحى فى الحكومة وتخرج بعد الظهر أيضاً لأن المصاريف كثيرة، وكانت المفاجأة التى أدهشت الدكتورة أمينة وقالت صدق القول الكريم .» اتق شر من أحسنت إليه « lll

***

قالت الدكتورة أمينة: ما حدث يا سيدتى أن صديقتى الدكتورة ناهد كانت قد سافرت للخارج فى بعثة لعدة سنوات للدراسة ثم واصلت العمل فى الخارج عدة سنوات أخرى ثم عادت إلى القاهرة هى وزوجها لتستقر بها لتفتتح مع زوجها عيادة أو مركز طبى كبير فى منطقة التجمع الخامس، وجاءت الدكتورة ناهد لزيارتنا هى وزوجها وقضينا وقتاً جميلاً وكانت قريبتى إيمان تجلس معنا وتشاركنا الحديث كالمعتاد فنحن نعتبرها واحدة منا وليست عاملة أو شغالة بل قريبة وصديقة، وترددت الدكتورة ناهد وزوجها كثيراً وقمنا سوياً بزيارة المركز الذى أنشآه بعد عودتهما من السفر وشاركناهما فى بعض الآراء المفيدة، وعندما عرضا علينا العمل معهما فى المركز اعتذرت أنا وزوجى ولبعد المسافة من جهة ولعدم وجود وقت بعد العمل فى المستشفى صباحاً والعيادة بعد الظهر، ونظراً لوجود الطفل الجميل الذى رزقنا الله به، ووجوب عدم الغياب كثيراً عنه.

***

واستطردت الدكتورة أمينة.. وكما قلت لك لاحظت أن قريبتى إيمان التى أعتمد عليها كثيراً والتى توليت كل أمورها منذ أن كانت صغيرة فى محافظتنا وكنت لا أبخل عليها بالمال ولا بالملابس ولا بالطعام وكانت فعلاً صديقتى الصدوقة، وأنا التى شجعتها على الدراسة وألحقتها بالعمل، وأنا التى اشتريت لها جزءاً كبيراً من جهازها عندما تزوجت، وأنا التى كنت أعطيها أجراً أكثر مما تأخذه مثيلاتها، لاحظت أنها بدأت فى الاعتذار عن المجيء إلي بانتظام كما كانت لتساعدنى فى البيت رغم وجود الشغالة فقط لدواعى الاطمئنان وتحسنرعاية ابنى الصغير، وكما أسلفت قال زوجها إنها ليست حاملاً وتخرج بانتظام كعادتها دائماً وأنه يتعجب لعدم مجيئها عندى فى العيادة أو البيت كما تعودنا سنوات طويلة! وكان الوضع محيراً فعلاً وبدأنا التحرى عن الموضوع فماذا وجدت يا سيدتى؟ وجدت قريبتى التى أكرمتها أشد الكرم وكنت أقتسم معها كل شىء وجدتها قد قبلت وظيفة بعد الظهر فى المركز الذى أقامته الدكتورة ناهد كمشرفة على النظام والنظافة هكذا دون أن تخبرنى أو تخطرنى بأنها سوف تنقطع عن العمل معى؟ وليت الموضوع كان موضوع عمل فقط فقد كنت أعتبرها صديقتى لوضع ثقتى وراحتى فى البيت والعمل! قالت صديقتى الدكتورة ناهد إنها سألتها فكذبت عليها وقالت لها إن الدكتورة أمينة قد استغنت عنى وأتت بواحدة أخرى؟ ماذا تسمين ذلك يا سيدتى؟ حقاً اتق شر من أحسنت إليه!

***

صدق القول الكريم، فقد كنت لا تبخلين عليها بالمال ولا بأى شىء وكنت منذ صغرها ترعينها رعاية كاملة وأنت التى وظفتها فى الحكومة وتوليت جهازها؟ ماذا  أقول سوى أنها لا تستاهل اهتمامك ولا حزنك، وأرجو ألا تسامحيها إذا عادت إليك نادمة فلماذا لم تصارحك ولماذا الخيانة والكذب عليك وعلى زوجها؟

 

المصدر: كتبت : سكينة السادات
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 397 مشاهدة
نشرت فى 19 نوفمبر 2020 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,870,532

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز