تحقيق: سمر عيد
وقفت ناهد في المطبخ قبيل الإفطار لتعد صينية مكرونة بالبشاميل، وبعدما أنهكت في الطبخ استراحت على الأريكة وأدارت التلفاز لتشاهد المسلسل الذي تتابعه في رمضان، مضت أحداث الحلقة وانشغلت معها، وتفحمت صينية المكرونة، انفعل زوجها وارتدى ملابسه لتناول الإفطار عند أمه.
مثل هذه القصص تتكرر كثيرا بالشهر الفضيل، الذى لا يخلو منزل من مشاجرات زوجية طيلة اليوم لأسباب مختلفة، لكن بعض النساء تتدارك المشاجرات، والبعض الآخر لا يستطعن ذلك فتتوتر الحياة الزوجية ويخرجن من رمضان بمشاكل لا حصر لها فكيف يمكن تجنب المشكلات فى رمضان.
البداية مع فاطمة محمد، ربة منزل وتقول: مشكلتي الوحيدة في رمضان حماتي التي تأتي لتفطر معنا يوما واحدا بالشهر الفضيل، لكنه يصبح يوما مشهودا له، حيث تنتقد كل شيء تقريبا بداية من الطبخ وحتى نظافة المنزل وتصرفات الأولاد، لكن بعد عدة سنوات أدركت أن التعامل معها بدبلوماسية وتحملها في هذا اليوم أفضل كثيرا من الدخول معها في مناقشات عقيمة تشعل الخلافات بيني وزوجي فيما بعد.
أما مها سيد، معلمة رياضايات بإحدى المدارس الخاصة فزوجها لا يتشاجر معها إلا بسبب مستلزمات رمضان، وتقول: نجد قبيل الشهر الفضيل شوادرا وأسواقا كثيرة في كل مكان بعضها تقيمها القوات المسلحة ووزارة الزراعة والبعض الآخر جهات خاصة فأميل إلى الشراء والتخزين الأمر الذي يربك ميزانية زوجي ويكون سببا للشجار.
ويقول أحمد علي، صاحب سوبر ماركت: من تعود على شرب القهوة والشاي وتدخين السجائر يعاني نقص الكافيين والنيكوتين بجسده ويصاب بالصداع خاصة في أول أسبوع من رمضان ويؤدي ذلك إلى انفلات أعصابه الأمر الذى قد يوقعه فى كثير من المشكلات خاصة مع الزوجة والأبناء.
أسباب وحلول
تقدم د. ريهام عبد الرحمان، الأخصائي النفسي والأسري بعض النصائح لتجنب الخلافات الزوجية في رمضان والطريقة التي ينبغي التعامل بها مع الأزواج في رمضان قائلة: أسباب المشكلات الزوجية فى رمضان كثيرة أهمها ارتفاع سقف التوقعات فى الطرف الآخر؛ فكل طرف يتوقع تعاون الشخص الآخر أو توقع الزوجة من زوجها زيادة المصروف في رمضان ثم تفاجأ أن إمكانياته لا تسمح فهذا يؤدي إلى كوارث جمة، وطبعا لا ينبغي أن ننسى أن جفاف الحلق نتيجة العطش الشديد في نهار رمضان والسهر لساعات متأخرة من الليل لتناول السحور والضغوط المادية والضغوط الاجتماعية وكذا العمل كلها أمور تؤدي إلى فقدان الشخص أعصابه؛ فإذا كان الطرف الآخر غير مقدر لظروف الزوج أو الزوجة المادية والصحية والعملية وكان أنانيا بحيث يطلب من الشريك ما لا يستطيع تنفيذه تثار المشكلات وتطغى على الشهر الكريم، وهناك أمر آخر أود أن ألفت الانتباه له وهو عدم اختيار التوقيت المناسب لطلب ما أريد أو فتح حوار حول موضوع معين فهذا قد يصيب الشخص الآخر بالجنون خاصة إذا كان مدخنا أو يتناول كميات كبيرة من الكافيين.
وتتابع: لتجنب هذه المشكلات يجب التحلى بالذكاء العاطفي ومن أساسياته أن أضع نفسي مكان الطرف الآخر، وعلى الزوج شكر زوجته ولو بكلمات بسيطة حتى لا تشعر أن كل مجهودها في الشهر الكريم من طبخ وأعمال في المنزل لا يشعر به الآخرون، كما أن الاعتذار عن أي تقصير يمكن أن يهدأ من غضب الطرف الآخر مع ذكر إيجابياته وصفاته الحميدة وعدم انتقاده طيلة الوقت واتهامه بالتقصير، ومن المفيد جدا إدارة الوقت بشكل جيد وأن أوزع المهام على ساعات اليوم حتى لا تتكدس كل المهام دفعة واحدة قبيل الإفطار أو بعده، وإذا احتاجت ربة المنزل إلى المساعدة عليها أن تطلبها من زوجها وأبنائها بحب.
الاستعداد لاستقبال رمضان
لأن المدخنون الأكثر انفعالا ينصح د. أحمد علي مصطفى، استشاري الطب النفسي وعلاج الإدمان بالحد من التدخين قبل رمضان بفترة حتى يعتاد المدخن على نقص النيكوتين فى الجسم، مع الاستعداد نفسيا لاستقبال الشهر.
ويقول: من المهام جدا ألا يخلط الإنسان الأمور ببعضها، فإذا كان الزوج غاضبا من مديره بالعمل أو يعاني العطش ويقود سيارتك بعد يوم مزدحم من الأعمال وسط الزحام وإشارات المرور أو أثار غضبك أي شخص في أي مكان فلا ينبغى أن يصب غضبه على زوجته بمجرد الوصول إلى المنزل، وكذلك الزوجة إذا كانت متوترة من أعمال المنزل وعبء الأطفال فلا ينبغي أن تنتظر زوجها حتى يعود من العمل وتنهال عليه بسيل من الطلبات أو الانتقادات.
ويشير د. أحمد إلى أن التمارين النفسية والسلوكية من شأنها مساعدة الشخص على التحكم فى غضبه، فضلا عن مشاهدة المسلسلات الرمضانية فى جو عائلى، مؤكدا أن الجوانب الروحانية من صلاة وذكر وتلاوة للقرآن أهم الأساليب التى تطفئ الغضب.
أما عن شعور المرأة العاملة بالضغط خلال رمضان فتنصحها د. نورة رشدي، أستاذ الخدمة الاجتماعية ووكيل معهد خدمة اجتماعية قائلة: لا داعي أن تحمل حواء نفسها ما لا تطيق في رمضان سواء من الناحية المادية أو النفسية، فنحن لدينا فترة قبل رمضان للاستعداد له سواء عن طريق تجهيز وجبات جاهزة وسريعة لطهيها أو عن طريق عمل ميزانية مخصصة للشهر الكريم، وأحذر من اقتراض نقود من أي شخص من أجل عمل موائد وعزومات في رمضان لا تستطيع تحمل تكلفتها ويمكنها استبدالها بعزومات السحور أو دعوات ما بعد الإفطار لتناول الحلوى، فرمضان شهر الصيام والعبادة وتقوية صلة الإنسان بربه وليس للتباهي وعمل الموائد، ومن الأفضل حل أية مشكلة تنشأ بينها وزوجها في جو من الهدوء والتفاهم.
وتتابع: تلعب بعض العادات الاجتماعية والاستهلاكية دور البطل فى إثارة المشكلات، ومع ارتفاع الأسعار تشكل هذه العادات عبئا على رب الأسرة فيشعر بالضيق ما يجعله عرضة لأن ينفجر غضبا فى زوجته أو أولاده خاصة مع تزايد المتطلبات التى قد لا يقدر على تلبيتها.
ساحة النقاش