نزيف الأسفلت متى يتوقف ؟!

كتبت :سماح موسي

 5 آلاف قتيل سنوياً -وهو رقم مرشح للزيادة- عدد قتلي حوادث الطرق، والذين يكلفون الدولة ما يزيد علي 4 مليارات تأمينات وتعويضات وعلاج بالمستشفيات، في ظل تفاقم المشكلة التي تبدو كاللقيط الذي يرفض الجميع تحمل مسئوليته تبدو الحلول العاجلة والسريعة أمراً مستحيلا.. والسؤال كيف نضع حدا لإزهاق الأرواح ومامدي مسئولية جودة ونوعية تخطيط الطرق، وإلي أي حد تقع المسئولية البشرية في مثل هذه الحوادث هذا ماقررنا البحث عنه من خلال التحقيق التالي

 فى البداية كان لزاماً أن نتعرف على أبعاد المشكلة وأسباب تفاقم الحوادث المرورية التى يرصدها لنا اللواء مصطفى سعد راشد مدير الإدارة العامة للمرور يقول: إن حوادث الطرق ترجع إلى غياب التخطيط السليم، وهذا أدى إلى عدم وجود طرق كافية لاستيعاب السيارات سواء داخل المدن أو خارجها على الطرق السريعة، ونلاحظ هذا على الطريق الزراعى وداخل المدن، وهناك أيضا العنصر البشرى (السائق) والميكانيكى (السيارة) والفنى (الطريق) والعناصر الخاصة الأخرى منها (البيئة والمناخ) وضباط المرور والتشريعات والثقافة المرورية.

 ويؤكد أهمية نشر الثقافة المرورية خاصة فى المدارس الابتدائية، وتوضع كمادة أساسية تدرس فى جميع مراحل التعليم، وأيضا لابد من الفحص الفنى للمركبات فى محطات خدمة يقوم عليها مهندسون متخصصون، واجراء واعطاء شهادات لإدارات المرور بصلاحيات المركبة قبل اعطاء التراخيص.

 النقل الثقيل


 وعن تنظيم حركة النقل الثقيل على الطرق كشف اللواء راشد عن أن البروتوكول الذى سيوقع قريبا بين سائقى النقل الثقيل ووزارة المالية التى أنشأت (صندوقاً للتمويل) يعطى مهلة للسائقين تنتهى فى 2013 لتوفيق أوضاعهم، حيث تبلغ نسبة اعتماد مصر فى نقل البضائع على النقل الثقيل الكبير (97%) وهى تفوق نسبة الاعتماد على السكك الحديدية والنقل النهرى.

 وتتركز أسباب وقوع الحوادث على الطرق السريعة فى عبور المشاة الخاطئ وانفجار الإطار الأمامى للسيارة بالإضافة إلى عدم يقظة ووعى قائد السيارة وتجاوزه للسرعة.

 المخالفات

 ويؤكد مدير إدارة المرور أن القوانين الحالية رادعة وتحد بشكل كبير من انحرافات السائقين، فتعاقب المادة (74) مكررا (2) من قانون المرور بالحبس مدة لا تزيد عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد على خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين على كل من قاد مركبة دون الحصول على رخصة تسيير أو رخصة قيادة.

 وتنص المادة 75 على عدم الإخلال بأية عقوبة أشد فى أى قانون آخر، ويعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لاتقل عن ثلاثمائة جنيه ولا تزيد على ألف وخمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من ارتكب فعلا من الأفعال الآتية: قيادة مركبة آلية بسرعة تجاوز الحد الأقصى للسرعة المقررة، وعدم حمل مركبة النقل السريع للوحات المعدنية المعروفة لها، أو استعمال لوحات معدنية غير خاصة بها، وقيادة مركبة آلية خالية من الفرامل بنوعيها أو كانت جميع فراملها أو إحداها غير صالحة للاستعمال، وتعمد اثبات بيانات غير صحيحة فى النماذج أو الطلبات المنصوص عليها فى هذا القانون، أو تغيير بيانات أو لون اللوحات المعدنية المقررة لمركبات النقل السريع، واعتداء قائد المركبة على أحد أفراد المرور أثناء أو بسبب تأدية وظيفته.

 تطبيق القانون

 وعن آخر التطورات المستخدمة فى ضبط المخالفات المرورية أكد اللواء راشد أن التطورات الحديثة المستخدمة فى ضبط مخالفات المرور جهاز (PDA ) تتمثل فى جهاز لرصد المخالفات المرورية يستخدم فى سحب التراخيص والتصالح الفورى. وأضيفت إليه خاصية للاستعلام الأمنى عن بيانات المركبة وبلاغات السيارات المسروقة.

 التخطيط الجيد

 ويحدثنا د. أسامة عقيل- أستاذ الطرق والمرور بكلية الهندسة جامعة عين شمس- عن المواصفات القياسية لانشاء «طرق» ومدى مسئوليتها عن الحوادث، حيث يشير فى البداية إلى دراسة حول حوادث الطرق أعدها مركز المعلومات واتخاذ القرار بمجلس الوزراء أثبتت أن حوالى (40%) من إجمالى أعداد الحوادث على الطرق السريعة تتسبب فيها الشاحنات، والأمر الخطير أن نسبة وقوع الوفيات تصل إلى (50%) من إجمالى أعداد القتلى، أى تتسبب فى حوالى (3500) قتيلا فى السنة، على الرغم من أن عدد المقطورات لا تزيد نسبته عن (2%) من اجمالى عدد المركبات.

 ويمكن تقسيم أسباب الحوادث حسب حجم التأثير، حيث ثبت أن زيادة نسبة الشاحنات والمقطورات على الطرق السريعة واختلاطها بالسيارات الصغيرة مسئولة عن (40%) من الحوادث و(50%) من أعداد الضحايا بجانب زيادة نسبة الطرق المفردة (غير المقسومة) بجزيرة فاصلة لحوالى (90%) من شبكة الطرق المصرية مسببة (13%) من الحوادث نتيجة التخطى الخاطىء، بالإضافة إلى وجود عيوب تخطيط الطرق وتصميمها وعدم الإنارة والتى تشكل (10%) من الحوادث، فضلا عن اختراق الطرق السريعة للمدن والتجمعات العمرانية وسقوط المركبات فى المجارى المائية لوجود نسبة من شبكة الطرق على جسور هذه المجارى.

 ويضيف د. عقيل: أن العيوب الميكانيكية فى المركبات والإطارات تسبب (20%) من الحوادث، كما تتسبب الشبورة والظروف الجوية فى حدوث حوالى (4%)، وتؤكد مؤشرات دراسات معهد النقل القومي أن الطلب على نقل البضائع فى مصر بين المدن سوف يتضاعف فى السنوات القادمة لأسباب عديدة منها زيادة معدلات التنمية والنمو الاقتصادى والاستثمارات بما يتطلب ضرورة اللجوء إلى أنظمة ذات كفاءة فى نقل وتداول البضائع، كما سترتفع معدلات ملكية السيارات الخاصة، ومن ثم إذا ظلت عوامل ومسببات الحوادث على ماهى عليه سوف تزداد الحوادث.

 وعن خطوات حل هذه المشكلة يرى د. عقيل أنه لابد أن يتم زيادة نصيب نقل البضائع بالسكك الحديدية، وبالنقل النهرى إلى أقصى قدر ممكن وهو ما تسعى إليه الدولة حاليا بالفعل، وتسير فى إتجاهه، ولكنه يعتبر من الحلول طويلة الأجل.

 كما أكد على أهمية تحديد المحاور والمسارات الرئيسية التي تجرى عليها معظم حركة نقل البضائع والتعبئة وحركة الشاحنات والمقطورات وهى أربعة محاور هي: محور (القاهرة الاسكندرية) لخدمة ميناء الاسكندرية وخدمة نقل البضائع ومواد البناء لمنطقة غرب الدلتا. ومحور (القاهرة العين السخنة والسويس والبحر الأحمر) لخدمة المناطق والمحاجر فى عتاقة وجبل الجلالة البحرية والجلالة القبلية ولخدمة موانىء السويس والعين السخنة وسفاجا ومناطق التعدين والمنطقة الصناعية ومصانع الأسمنت. ثم محور القاهرة - دمياط - بورسعيد - المنصورة لخدمة ميناء بورسعيد وميناء دمياط وشرق التفريعة ومناطق شرق الدلتا والقناة، وأخيرا محور القاهرة الصعيد والأهم فيه المسافة حتى المنيا حيث تقع معظم الحوادث على هذه المحاور الأربعة التى تتركز عليها حركة الشاحنات والمقطورات، ولابد أن يلجأ المخططون فى مصر كما يحدث فى الدول المتقدمة الى انشاء طرق منفصلة ومخصصة للشاحنات، وهذا ما بدأ فعلا، فقد تم استحداث طريق مخصص للشاحنات موازٍ لطريق القاهرة / العين السخنة لتنخفض معدلات الحوادث عليه. بعد أن كان الأعلي رغم أنه صاحب أكثر نسبة لتحرك الشاحنات.

 وعليه تتبقى المحاور الثلاثة بتكلفة تصل الى حوالى (750) مليار جنيه بمعدل (7، 6) مليون جنيه للكيلو ويمكن الانتهاء من تنفيذها فى غضون سنتين.

 تطبيق القانون

 ويؤكد د. أسامة المليجى- الأستاذ بكلية الحقوق جامعة القاهرة - علي أهمية الحاجة إلى تطبيق جيد وصارم لأحكام قانون العقوبات الخاص بمرتكبى الحوادث حتى يتم ردع كل من تسول نفسه الاستهانة.

 وعن رأيه فى قوانين المرور يرى أنه لابد من وجود بعض التعديلات على القوانين المرورية القائمة كاستبدال التصالح الفورى إذا تم ضبط سائق سيارة بدون رخصة بالحبس بدلا من الغرامات الحالية.

 ويتفق اللواء مهندس فؤاد عبدالعزيز - رئيس جمعية الطرق العربية- مع الرأى السابق مطالبا بتدريب السائق على القيادة والانضباط بقواعد وقوانين المرور، وقال: لابد من اعطاء اهتمام أكبر للطرق لكى يتم توسيعها (ذهاباً وإياباً) ولابد من تغليظ العقوبات على مرتكبى الحوادث والمتابعة الجادة للمخالفات والتأكد من صلاحية السيارة للعمل من الناحية الفنية وهى أمور تقع مسئوليتها على جهاز الشرطة

المصدر: مجلة حواء -سماح موسي
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 565 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,699,262

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز