حيل نسائية لمواجهة ارتفاع الاسعار

كتبت :نجلاء ابوزيد

 السلع الغذائية الرئيسية ارتفعت فى السوق المحلية بنسبة تتراوح بين 55% إلي 66% فى الفترة من فبراير لنهاية مارس الماضى وفقاً لأحدث تقرير للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.

 ومع هذه الزيادة الرهيبة أصيبت الأسر المصرية بحالة من فقدان التوازن وعدم القدرة على التعامل مع الأسعار، ولأن المرأة عادة هى المسئولة عن تدبير الاحتياجات والتعامل اليومى مع الأسعار، قررنا التوجه للنساء فى الأسواق لنعرف أساليبهن للتعامل مع الارتفاع اليومى للأسعار..ورأي المتخصصين في الأزمة وأفكارهم للخروج منها

 البداية مع السيدة سلوى حسين- ربة بيت- حيث قالت: الأسعار وصلت لمرحلة صعبة جداً لدرجة أننى أتردد كثيراً قبل النزول إلى السوق حتى لا أحمل الهم وأعجز عن الشراء بما أحمله من مبالغ محددة لكل يوم.


 ولأننى مسئولة عن توفير طلبات أولادى، فقد اكتشفت طريقة تجعل ما معى من نقود تكفى، وهى النزول إلى السوق بعد العصر، ففى هذا الوقت يكون البائعون على استعداد للتخفيض فى الأسعار، وأحيانا آخذ ما تبقى من طماطم أو أى صنف خضار بسعر أرخص، وأجهزه فى البيت ويظل عندى لفترة. لكن الأسعار فى الصباح والخضار طازج تكون صعبة بالنسبة لظروفى.

 السيدة إصلاح محمد- ربة بيت- لها طريقة أخرى فى مواجهة غلاء الأسعار حيث تقول: أحاول قدر الأمكان التخلى عن ما يمكن التخلى عنه من مشتريات وأفضل الاعتماد على الصنف الموجود بكثرة فى السوق، وسعره رخيص، وحالياً البطاطس هى الأرخص، لذا أطهوها لأولادى على كل الأشكال، وأحيانا يعترضون فأحدثهم عن ظروف البلد، وأن اللحوم ممكن أن تؤذيهم والدجاج مصاب بأمراض. بصراحة مشوار السوق كله هم وزوجى عامل باليومية ويجب أن نعيش لكن لا أحد يهتم بنا.

 نار الأسعار

 «خلاص هاتجنن» هكذا بدأت زينب محمد -ربة بيت- حديثها وأضافت:- الأسعار تزداد بشكل غير طبيعى لدرجة أننى منذ أسبوع سألت عن سعر الباذنجان الأبيض وجدته 15 جنيها فقلت للبائع «لا داعى للمحشى خالص»، زوجى يعطينى مصروف الشهر وأنا علىّ التصرف وطبعاً ما بين الدروس والأسعار النار حياتى أصبحت كئيبة لكنى أحاول التعايش وعندما أشترى دجاجة أشترى معها كيلو أجزاء، وأقسم الدجاجة والأجزاء، وفى كل وجبة أضع جزءًا منها بجوار الأجزاء حتى لا يفهم الأولاد وطبعاً يأكلون وهم سعداء لأننا أساساً لا نأكل الطيور أو اللحم إلا على فترات متباعدة.

 الدستور أم شبع البطون؟

 تتفق معها السيدة هدى قائلة:- الناس كلها تتصارع على الدستور ولا يوجد من يهتم بالغلابة الذين ينامون بلاعشاء، ظروفنا كل يوم أسوأ، حتى أهل الخير الذين كانوا يتذكروننا بين الحين والآخر ظروفهم صعبة. الفول سعره وصل إلي عشرة جنيهات والمستورد الذى يباع بـ 5 جنيهات كله سوس، أحاول التعايش لكننى تعبت، عندى ثلاثة أطفال فى مدارس حكومية لايتعلمون شيئاً ولا يأكلون أى لحوم إلا فى المناسبات والتموين نحصل عليه بصعوبة وأسلوبى الأساسى فى الحياة صنع المخللات لأنها تفتح النفس على الأكل البسيط الذى أجهزه لهم، أولادى صغار لكن عندما يكبرون سيكرهون حياتنا لأنها صعبة جداً.

 وقفة!

 السيدة سوسن عبدالدايم موظفة- ترى أن كل السيدات تعانين من ارتفاع الأسعار حتى من تحظين بمرتبات شبه معقولة وبالنسبة لنا نحاول بشكل دورى الاستغناء عن بعض الأشياء لنوفر الأساسيات وتضيف قائلة:- لفترة قريبة كنت أشترى لأولادى ما يريدونه من السوبر ماركت وكنا نخرج لتناول الطعام فى الخارج مرة فى الشهر، لكن حالياً لا آخذهم معى السوبر ماركت حتى أشترى الضروريات فقط - الأسعار غير طبيعية وكلما شاهدت رئيس الوزراء يتحدث عن المواطن المعدم أتعجب إذا كنا نحن متوسطو الدخل ونكاد نعيش فما حال من لايملكون ؟! بصراحة الأسعار تحتاج وقفة شديدة، لأن صحة أولادنا فى خطر لعدم قدرتنا على توفير الألبان واللحوم والبروتينات المختلفة بالنسبة المقبولة.

 هم يبكّي!


 «أشترى ما فسد من الخضراوات والفاكهة وأغليه وأقدمه لأولادى» هكذا فاجأتنى عندما سألتها، وأكملت عائشة قائلة:- لقد عرفنى معظم البائعين، فأنا أذهب عند نهاية اليوم وأحصل على ما لايصلح لأكل الآخرين وأدخل المطبخ وأمنع أى شخص من الدخول على وأغسل الفراولة مثلاً وأعمل منها مربى حتى يفرح الأولاد، والطماطم أفعل بها نفس الشئ وهذا يوفر لى مبلغاً أشترى به الخبز، وزوجى لايعرف ما أفعله لكنه يعرف أننى أتصرف، حتى البيض أشترى إما المكسور أو بيض الفرز الذى سبق واستخدموه لفقس كتاكيت ولم يفلح وأعمل منه عجة وكيكاً ويفرح الأولاد وربنا يستر على صحتهم!!

 بورصة محلية


 تختلف الأساليب من امرأة لأخرى وفقاً لظروفها الاقتصادية لكنها فى كل الأحوال تتأرجح على حبل الأسعار حذرة من الوقوع حتى لا تنهار الأسرة.

 لكن كيف يمكن إيقاف هذا الارتفاع الجنونى قبل فوات الأوان ووقوع ثورة الجياع؟ عن ذلك تقول رئيسة الجمعية الإعلامية لحماية المستهلك: إن معدل الزيادة فى أسعار السلع الغذائية الأساسية تجاوز 50% وهى زيادة غير مبررة وتزيد من معاناة الأسر المصرية كافة بمختلف ظروفها الاقتصادية، لدرجة أن تقرير البنك الدولى يظهر أن 20% من المصريين يعيشون تحت خط الفقر و20 % يعيشون بالكاد فوق خط الفقر حتى وجبات الفقراء كالفول والعدس والكشرى أصبحت مرتفعة التكاليف، وهنا يجب على الحكومة وضع خطط بديلة قادرة على مواجهة جشع التجار الذين يلجأون لتعطيش السوق كما يحدث مع بعض السلع مثل الأرز وأن تقوم باستيراد السلع الأساسية لتكون قادرة على ضخها فى الأسواق للسيطرة على الأسعار المبالغ فيها. وأكدت الديب أنها سبق وتقدمت لوزارة التضامن بمقترح لتحديد أسعار أهم عشر سلع أساسية ووضع حد أقصى ليساهم ذلك فى استقرار السوق، وختمت حديثها باقتراح عمل بورصة لأسعار السلع المحلية تكون أداة إرشادية للمستهلك يعرف من خلالها مستويات الأسعار وعلى أساسها يعرف إذا كانت هناك زيادة فى السوق العالمية أم أن الارتفاع ليس له سبب حقيقى.. فيقاطع السلعة.

 معاناة المرأة

 وحول تأثير هذا الارتفاع المتواصل للأسعار على الحياة الاجتماعية للأسرة المصرية تحدثت د. زينب شاهين -خبيرة تنمية وأستاذة علم الاجتماع - قائلة:- المعاناة اليومية مع الأسعار تحدث أثراً سلبياً واضحاً على الحياة الاجتماعية حيث يلهث كل من الأب والأم لتلبية الاحتياجات الأساسية ويزيد ذلك من درجة التوتر والإحباط فى العلاقة الأسرية وعادة تكون المرأة بوصفها المسئولة عن عملية شراء الاحتياجات الأسرية هى حامل الهم الأول فى الأسرة وكثيراً ماتتنازل عن وجبتها الأساسية لتطعم أولادها وتذهب للشراء من أسواق بعيدة لتحظى بسعر يناسب ظروفها، معاناة المرأة تزداد فى ظل عدم السيطرة على الأسعار، وهذا يتطلب وقفة حقيقية من الأجهزة المسئولة لأن كل المستويات تعانى بدرجة أو بأخرى وإذا لم تحدث سيطرة سريعة على الوضع ربما يفاجأ المجتمع كله بما لا تحمد عقباه.

 رأى يستحق النظر

 د. حمدى عبد العظيم أستاذ الاقتصاد يقدم لنا اقتراحه لكيفية التعامل مع الارتفاعات الخيالية للأسعار قائلاً:- تحديد الأسعار يعتمد بشكل أساسى على العرض والطلب، فكلما كان الطلب أكثر من العرض قام التجار برفع الأسعار، كذلك يلعب الاحتكار دوراً رئيسياً فى الارتفاعات غير المبررة للأسعار وإن كانت أزمة البنزين والسولار أسهمت فى رفع الأسعار بسبب ارتفاع تكاليف النقل فعندما تنتهى الأزمة لن تعود الأسعار لسابق عهدها لأن التاجر يضع لنفسه هامش ربح يرفض التنازل عنه تحت أى ظرف، ويحمل المستهلك عادة أى زيادة تطرأ فى سعر السوق، من هنا على المرأة التى تتولى إدارة الأمور الاقتصادية أن تضع لنفسها مجموعة قواعد لتوازن بين إمكانياتها المادية واحتياجاتها وأن تستغنى عن أى سلعة يمكنها الاستغناء عنها وأن تدرب نفسها وتتعاون مع غيرها فى تنفيذ سياسة المقاطعة عند ارتفاع سعر أى سلعة، لأن الطلب إذا قل فإن التاجر سيعاود التفكير فى السعر المعروض، لكن المشكلة أن كل شخص يتعامل مع ارتفاع الأسعار بشكل فردى، لذا فالقرارات الجماعية هى التى قد تحدث تغييراً حقيقياً فى المشكلة، وأعتقد أنه على الجمعيات الأهلية أن تقوم بدورها فى توعية الناس فى الأسواق بضرورة التعاون لمنع الزيادات غير المبررة لأن النظام الرأسمالى لا يعنى أبداً الاحتكار أو التلاعب بالأسعار وجمع الملايين من الفقراء، لكن له منهجه العلمى الذى يحفظ للفقير حقه فى حياة كريمة كما يجب على الجهات الرسمية توفير بدائل تساعد فى الإقلال من أثر الارتفاع المتواصل للأسعار

المصدر: مجلة حواء -نجلاء ابوزيد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1024 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,804,342

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز