حجا شخص واحد وثلاث وجوه

 

كتبت :منار السيد

«كان جحا راكباً حماره حينما مر ببعض القوم وأراد أحدهم أن يمزح معه فقال له: يا جحا لقد عرفت حمارك ولم أعرفك.. فقال جحا: هذا طبيعي لأن
الحمير تعرف بعضها» .. هذا وغيره من نوادر «جحا» الذي شكل فصولاً هامة من «الأدب العربي» فدعونا نسبح قليلاً في أعماق شخصية «جحا»..
حجا شخص واحد وثلاث وجوه «جحا» شخصية فكاهية انتشرت فى ثقافتنا وقصصنا القديمة فهو رمز الفكاهة وخفة الظل مع المفارقات الطريفة التى لا
ينساها أحد «بحماره» الشهير الذى أصبح أشهر «حمار» فى الأساطير والحكايات، فجحا شخصية خيالية قد تكون واقعية لا أحد يعلم حتى الآن، فهى من
الشخصيات التى احتار فيها الرواة والمؤرخون وبالرغم من هذه الحيرة ولكنها شخصية عاصرت الكثير من العصور وطافت فى العديد من البلدان ليتنازع عليها كل
بلدة لانتسابها إليها.
فلا يخلو تاريخ أمة بدون ذكر شخصية جحا وقصة حياته وأمجاده وحكاياته التى عاشها فى هذه الأمة مع مراعاة عدم تغيير شخصية «جحا» التى تميزت بأنها
الشخصية «المغفلة» مع حماره الوفى الخوجة.
ولعلنا نتطرق لشخصية «جحا التركي» وهى الأكثر جدلاً لأنها تعتبر أشهر شخصيات جحا وأقدمها حيث يُدعى فى الأدب التركى «الخوجة نصر الدين» الذى
عاصر «تيمور لنك» فى القرن الرابع عشر الهجري، وهذا واضح فى حكاياته مع الطاغية الغولي، وعاش ومات فى مدينة «آق شهر» وهناك بعض الاعتقادات التركية
أنه من يزور قبره القائم فى مدينة «أق شهر» ولا يضحك يصاب بمصيبة، بل وهناك اعتقاد آخر أن يحتم على الأزواج الجدد الذهاب لقبره لدعوته على حفل الزفاف
ليحدث وفاق بينهم، وفى الأدب التركى أيضاً كتاب مشهور معروف باسم «الطائف خوجة نصر الدين» وتمت ترجمته للعربية تحت مسمى «السيد حكمت شريف
الطرابلسي»، ويعتقد أحد المستشرقين وهو «باسيه» أن نوادر جحا التركى «نصر الدين» ما هى إلا ترجمة عن جحا العربى فى القرن الخامس عشر أو السادس عشر.


الرجل الحكيم

بينما فى «الأدب الفارسي» لم يُذكر اسم لجحا، وبالرغم من ذلك تشيع نوادر جحا بين عامة الشعب الفارسى ليؤكد أهل فارس أنه فارسى من أصفهان، ويتمثلون
لجحا فى صورة الرجل الحكيم العالم ولكنه تأتى حكمته فى مجرى الفكاهة والسخرية.

\
جحا المصري

هذه الصورة أشبه كثيراً بصورة جحا فى الأدب المصري: فيعتبر عامة المصريين أن جحا كان فى مصر أثناء عصر المماليك، فهم يصفونه بالجرأة على الحكام
الظالمين والسخرية من عبوديتهم والضحك من غفلتهم، فبعض المصريين يصفونه فى صورة ناقد اجتماعى لما فى نوادره من صورة للنقد الاجتماعى المر لما يجرى فى
المجتمع المصري.
حمار جحا

ومثلما كثرت الروايات حول جحا، فذُكرت أيضاً زوجته العنيدة التى تقف دائماً بالمرصاد وتخالفه فى جميع آرائه بالإضافة للشجار المستمر بينهما مما تنجلى
المفارقات بين جحا وزوجته، كما أيضاً أثير فى بعض الروايات ابن جحا الفضولى الثرثار دائم التدخل فيما لا يعنيه.
لنأتى بأهم عنصر فى حكايات جحا وهو حماره العنيد الذى دائم العند مع صاحبه جحا.

الأدب العالمي

وفى نهاية المطاف لا أحد يعلم حقيقية هذه الشخصية هل هو مجنون كما صوره البعض أم إنه رجل بكامل عقله ووعيه ويتحامق ويدعى العقل ليستطيع عرض
آرائه النقدية والسخرية من الحكام ومهما كانت الأقاويل والحكايا حول «جحا» ففى النهاية هو شخصية بطل للحكايات والنوادر نقلت هموم الشعوب بطريقة ساخرة
عبرت عن آلام الناس فى عصور الطاغية لذلك فجحا ليس ملكا لشعب بعينه بل هو جزء أساسى من «أدب عالمى» ملك لجميع الشعوب

 

المصدر: مجلة حواء- منار السيد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1436 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,776,064

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز