الراحمون يرحمهم الله

كتبت :فاتن الهواري

لن أكتب عن مصر وما يجري فيها من أحداث مؤسفة بسبب العناد بين مؤسسة الرئاسة والقوى السياسية عن الإعلان الدستوري والدستور والاستفتاء عليه ، وقتال وصراع ومشاجرات ومظاهرات بين مؤيد ومعارض، فأبناء مصر نسوا أن مصر وطن يعيش فينا وهي أمنا التي تحضنا وتضمنا وتحمينا ، مهما قسونا عليها فهي تحن وتعطف ، ولكن المهم أن مصر حبيبتي لها رب كريم يحميها وجيش قوى يدافع عنها وعن ترابها..لذلك ما يحدث لا يقلقني - شوية حسد على أم الدنيا الجميلة - وإن شاء الله تعود مصر أجمل وأقوى بإذن الله ، لكن الذي ألمني وجعلني أبكي كثيرا ما حدث للطفل البرئ أحمد الذي لم يتعدى عمره عشر سنوات وفارق الحياة لأنه طلب أبسط حقوقه وهو دخول الحمام ، ومنعه المدرس المفتري المتخلف لمدة ثلاث ساعات ، هل أحد يصدق ما حدث ؟ ومن فعل ؟ مدرس اللغة العربية في أسيوط والذي من المفترض أنه دارس دين ، ولكنه للأسف لم يعمل بما درسه ولم يطبق أبسط ما في تعاليم دينه الحنيف وهي الرحمة المشتقة من اسم الله الرحمن الرحيم ، وصدق الحبيب المصطفى عندما قال " الراحمون يرحمهم الله " وعندما قال صلوات الله عليه " من فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة " ، يمنع طفل صغير في المدرسة من دخول دورة المياة ويرفض توسلات تلميذ لم يتعدى عمره عشر سنوات رغم بكائه الشديد ، ومع إصرار المدرس على الرفض يفارق التلميذ الحياة مصابا بحالة شديدة من التسمم ، هذه القصة الواقعية من مسلسل الإرهاب داخل مدارسنا والقسوة التي ملأت حياتنا وقلوبنا التي نسيت الرحمة ومشاعرنا التي تحجرت شهدتها مدرسة العمدة الابتدائية بقرية " الفيما" مركز الفتح بأسيوط حيث تلقت أجهزة المباحث إخطارا بوفاة الطفل أحمد سلطان عبد الله مدبولي بحالة تسمم غذائي لأن المدرس المفتري منعه من دخول دورة المياة لمدة ثلاث ساعات متواصلة مما أصابه بالإعياء الشديد فاندفع التلميذ لدورة المياة دون استئذان المدرس - طبعا - بعد أن فاض بالصغير الكيل فعاقبه المدرس بالضرب بعد عودته لكنه فارق الحياة .. أي نوع من أنواع البشر هذا المدرس الذي ينتمي لصعيد مصر الذي يتميز بالشهامة ، ولكن للأسف كل حاجة في حياتنا تراجعت ؟ أين حقوق الإنسان من هذا الصغير الذي دفع حياته ثمنا لأبسط حقوقه وهو قضاء حاجته ؟ ألم يميز المدرس الأحمق بين دلع التلميذ وبين حاجته الملحة للذهاب لدورة المياة بعد الحاح من الصغير دام مدة ثلاث ساعات متواصلة ؟ إلي هذه الدرجة تميز المدرس بالغباء! لابد من كشف هيئة على المدرسين وتأهيلهم نفسيا وتعليمهم قبل أن يعلموا أولادنا وهذا دور وزارة التربية والتعليم ، فليس أي إنسان يصلح كي يكون مربي أجيال.. أولادنا أمانة في أعناق هؤلاء ، نحن لا نرسلهم المدارس لاغتصابهم أو قتلهم وتعذيبهم ، فهذه أمور مرفوضة رفضا باتا ، نحن نلحقهم بالمدارس لتعلمهم الكرامة والعزة والكبرياء ليكونوا في المستقبل قادة هذا الوطن وحماته وليسوا عبيدا وأذلة ، ولكن مع الأسف نجد من يمنعهم أبسط حقوقهم بسبب عقد نفسية عند هذا المدرس أو ذاك .. لابد من العقاب الصارم لهذا المدرس الذي تجرد من الرحمة والإنسانية وألا تمر الحادثة مرور الكرام ، فوفاة الطفل المسكين مسئوليتنا جميعا وهذه ليست أول حادثة ولن تكون الأخيرة الذي يدفع فيها الصغار حياتهم بسبب فشل في العملية التعليمية ومن ينتمون إليها

المصدر: مجلة حواء -فاتن الهواري
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 545 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,799,998

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز