على الرغم من الجهود الحكومية المبذولة للحد من الزيادة السكانية التى باتت شبحا يهدد الاقتصاد الوطنى وناقوس خطر ينذر بأزمة حقيقة إلا أن التعداد السكانى ما زال فى تزايد وبمعدلات كبيرة وفق إحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء الذى رصد حالة ولادة كل 15 ثانية ليصل عدد المصريين إلى 104 مليون نسمة، فما الأسباب وراء هذه الزيادة، وكيف يعانى من اتخذوا بإرادتهم قرار إنجاب أكثر من طفلين، وما الإجراءات التى يمكن من خلالها مواجهة هذه الأزمة ؟والأهم هل يمكن تحويل الزيادة السكانية من قنبلة موقوتة إلى طاقة مستثمرة؟ هذا ما حاولنا التعرف عليه فى السطور التالية..

فى البداية تقول مها عبد العزيز ربة منزل وخريجة كلية التجارة جامعة الأزهر: أنا امرأة متعلمة وزوجى رجل متعلم ويشغل منصبا مرموقا فى إحدى شركات الطيران، وقد اتفقت وزوجى فى بداية زواجنا على ألا ننجب أكثر من طفلين، لكنى اضطررت تحت ضغط حماتى لإنجاب طفلى الثالث ثم الرابع لكى أنجب ذكرا مما أصابنى بالعديد من الأمراض كما ساءت علاقتى بزوجى كثيرا حيث أصبحت لا أراه لعمله ليلا نهارا حتى يسد احتياجاتنا بينما أصبحت أنا متفرغة فقط لرعاية الأبناء!

طفل واحد

وترى منى أحمد أخصائية اجتماعية فى إحدى المدارس الخاصة أن فكرة إنجاب طفل واحد قد جعلها زوجة سعيدة بكل المقاييس وحافظ على علاقة الحب بينها وبين زوجها وتقول: منذ أن تعرفت على زوجى وكنا نعيش قصة حب جميلة قررنا ألا ننجب سوى طفلا واحدا، وهو ما أدركت فيما بعد أنه قرار سليم حيث ساعدنى هذا فى الاحتفاظ بعلاقتى بزوجى والاهتمام بنفسى كما خفض كثيرا من وطأة الظروف الاقتصادية علينا نتيجة لانخفاض معدل إنفاقنا.

أما سعيد عبدالحميد ويعمل حارس عقار فقد قام بإنجاب ٦ أبناء فقط من أجل أن يساعدوه فى عمله، دون أن يرى فى هذا أى ضرر بالنسبة لهم على الرغم من أن هذا الوضع قد حرم ابنائه من الالتحاق بالتعليم ولم يجعل لأى منهم فرصة فى مستقبل أفضل حيث انتهجوا نفس مجال عمله!

تمكين المرأة والشباب

عن هذه الحالات تقول د. سحر يوسف، مدير عام التخطيط بالمجلس القومى للسكان: بدأ الاهتمام بالقضية السكانية منذ عشرات السنوات من خلال حملات التوعية والتنويه بخطورة الزيادة المستمرة فى التعداد السكانى، ومع تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى الحكم كان لمعالجة القضية أسلوب مختلف حيث أكد أن تمكين المرأة والشباب هما السلاح القوى فى وجه الزيادة السكانية، إلى جانب اعتماد سيادته لإستراتيجية 2030 وثيقة عمل للسنوات المقبلة علما أنها تعمل على عدة محاور أهمها تنظيم الأسرة، ويسعى المجلس القومى للسكان لتنفيذ هذه الإستراتيجية مع 46 جهة ووزارة بالإضافة لما تقوم به د. غادة والي، وزيرة التضامن من جهود لدعم جمعيات المجتمع المدنى للمشاركة فى حملات تنظيم الأسرة، كما درب المجلس عددا من الرائدات الريفيات على توعية النساء فى قرى ونجوع مصر بأهمية تنظيم الأسرة، إلى جانب التنسيق مع وزارة الصحة لعمل قوافل طبية تجوب أنحاء مصر لتوزيع وسائل منع الحمل على النساء وإرشادهن إلى ضرورة الذهاب إلى الوحدات الصحية لتحديد الوسيلة التى تناسب كل منهن، كما نظم المجلس حملات توعية بالتعاون مع وزارتى الشباب والرياضة والتربية والتعليم لإرشاد الشباب والفتيات بضرورة الحد من الزيادة السكانية. وترجع د. سحر الزيادة السكانية إلى الموروثات الثقافية التى ترفع شعارات من قبيل «الأولاد عزوة، الولد سند أبوه »، وترويج أصحاب الفكر المتطرف لتحريم تحديد النسل، إلى جانب غياب دور الإعام فى التوعية بخطورة القضية وحرص الكثير من الوسائل على تحقيق الربح المادى دون استشعار واجبها الوطنى، وانتشار الشائعات حول وسائل منع الحمل كحبس المياه فى الجسم وتسببها فى السرطان وهشاشة العظام وتعكر لبن الأم والتأثير على المبيض علما بأن هذه الشائعات لا أساس لها من الصحة، لذا أدعو البرلمان المصرى إلى سن قوانين صارمة لتحديد الإنجاب.

مشروع قانون

تقول النائبة البرلمانية إليزابيث عبد المسيح: تقدمت بمشروع قانون لمواجهة الزيادة السكانية من خلال رفع الدعم عن الطفل الثالث باستثناء الصحة والتعليم لكنه قوبل بانتقاد من قبل البعض بحجة أن كل طفل يخلق برزقه، وعلى الرغم من تأييد بعض علماء الأزهر لهذا المشروع وإفتائهم أنه يجوز تقنين الإنجاب شرعا إلا أنه قد تم رفض المشروع.

أما النائبة البرلمانية د. غادة عجمى فقد تقدمت بمشروع قانون لتقنين الدعم وليس إلغاؤه، كما دعا المشروع إلى تطبيق نظام التعليم الإجبارى حتى المرحلة الثانوية لمواجهة الأمية التى تعد سببا رئيسيا وراء الزيادة السكانية، وتقول: دعا المشروع إلى مراقبة الفئات التى تتخذ من الإنجاب وكثرة الأولاد مصدر دخل لهم من خلال إلحاقهم بسوق العمل فى سن مبكرة، فالمهم توعية الفرد وبنائه وليس الكم، كما تبنى المشروع فكرة توزيع وسائل منع الحمل على السيدات مجانا، وتخصيص أكشاك منتشرة بكافة قرى ونجوع مصر تابعة لوزارة الصحة توزع هذه الوسائل على النساء مجانا مع تنظيم زيارات ميدانية للأسر لرفع الوعى لديهن.

وترى د. عبلة الهوارى، عضو مجلس النواب أن رفع الدعم عن الطفل الثالث غير مجد خاصة فى محافظات الصعيد وتقول: تلعب الموروثات الثقافية دورا كبيرا فى المجتمع الصعيدى حيث ترسخ لدى الرجل قناعة أن كثرة الأبناء عزوة إلى جانب عدم اهتمام الكثير من الأسر بالدعم نظرا لامتلاكهم أراضى ومزارع وماشية، لذا من الأفضل فرض غرامة مالية على الأسرة حال إنجابها لأكثر من طفلين يدفعها رب الأسرة أو يتم خصمها مباشرة كالنفقة من راتبه إذا كان موظفا بالقطاع الخاص أو العام ويقوم بسدادها إذا كان مزارعا أو يعمل عملا حرا، وفى المقابل يجب أن يكون هناك حافز مادى لمن ينجب طفلا واحدا أو طفلين، فبعض الأسر إذا ما قمنا بتحفيزها ومنحها أى مبلغ حتى ولو ضئيل نظرا لأن عددها قليل فإنها ستتبنى قضية تحديد النسل وتنشرها، وقد يساعدنا تبنى سياسات وتكنولوجيا طبية عالية كتحديد نوع الجنين فى مواجهة ظاهرة تمسك بعض الرجال بإنجاب الذكر، وأدعو المجلس القومى للسكان والقومى للمرأة وكافة الجهات المعنية بالتركيز على الرجل فى هذه المجتمعات وليس المرأة لأنه من يجبر زوجته على إنجاب أطفال، وهو الذى يقرر عدد أفراد الأسرة.

اتجاهين للحل

تقول د. نورا رشدي، أستاذة علم الاجتماع: على الدولة أن تسير فى اتجاهين الأول تقليل أعداد المواليد، والثانى كيفية الاستفادة من الثروة البشرية عن طريق تشجيع رجال الأعمال والاستثمار إلى فتح كيانات عملاقة صناعية وتجارية تستوعب الزيادة السكانية وتوظيف الطاقة البشرية الهائلة فى تحقيق النهضة الاقتصادية، إلى جانب الاستفادة من تجارب الدول التى واجهت نفس المشكلة حيث لجأت الحكومة الصينية إلى تقنية تحديد نوع الجنين وفرض عقوبات صارمة وغرامات على كل من ينجب أكثر من طفل واحد، لافتة إلى أن لكثرة الإنجاب آثارا سلبية اجتماعية على الأسرة والمجتمع، حيث يؤثر كثرة الإنجاب على صحة المرأة وعلاقتها بزوجها بسبب ارتفاع تكاليف الحياة، كما تتسبب فى الزحام المرورى والتكدس السكانى الذى يصيب الفرد بالتوتر والاكتئاب بمجرد نزوله إلى الشارع، كذلك يحد من اهتمام الأسرة بتعليم أبنائها والتغذية السليمة لهم، لذا فإن الزيادة السكانية تلتهم كافة مشاريع التنمية التى تقوم بها الحكومة فلا يشعر بوجودها الفرد ولا تحقق له الرفاهية والنمو الاقتصادى المرجو.

***

الأثار السلبية للزيادة السكانية

30 مليار جنيه ينفقها المصريون على الطعام سنويا

 

7 مليارات ونصف المليار رغيف خبز شهريا يستهلكها المصريون

 

18.4 مليون أمى فى مصر حددتهم التعبئة العامة والإحصاء منهم 9 مليون امرأة

 

20 مليون تلميذ فى المدارس الحكومية يتعلمون على نفقة الدولة

 

120 مليار جنيه ماتنفقه الدولة على التأمين الصحى والعلاج على نفقة الدولة

المصدر: كتبت : سمر عيد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 531 مشاهدة
نشرت فى 11 يوليو 2018 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,687,613

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز