فى الوقت الذى كان يهاب الناس فيه فكرة الطيران وركوب طائرة عام 1933.. طالع العالم أول فتاة مصرية تقود طائرة بمفردها عاليا فى السماء.. كانت لطفية النادى المولودة فى عام 1907 استطاعت أن تحقق حلمها بعد أن عارض والدها رغبتها.. فهو موظف بالمطابع الأميرية كان لا يؤمن بتعليم الفتاة أكثر من الدراسة الابتدائية مثل غيره من رجال هذا الزمن.. ولكن الفتاة التى كانت تحلم بحريتها وجدت من يشجعها.. فوالدتها كانت تؤمن بأن المرأة مصنع الرجال.. ولابد أن تكون متعلمة إلى أقصى حد وأن تكافح لتصل إلى كل ما يؤكد ويقوى وجودها.. فشجعتها على الدراسة الثانوية "بالأمريكان كوليج" وهناك قرأت الفتاة فى إحدى المجلات عن افتتاح مدرسة الطيران فى مصر.. كان ذلك عام 1932 وقبولها للراغبين فى الالتحاق والتعلم.. داعبها الحلم وتطلعت أن تكون طيارة حتى تكن حرة.. هل تدركون قيمة الحرية لفتاة فى هذا العصر.. إنها تتطلع إلى حريتها المسئولة.. وذهبت إلى مدير معهد الطيران المدنى مع والدتها لتؤكد على رغبتها للالتحاق بدراسة الطيران ولكن العقبة أنها لا تملك مصروفات الدراسة.. فشجعها لتكون دافعا لغيرها من الفتيات.. وألحقها بالعمل كسكرتيرة بمدرسة الطيران لتسدد المصروفات وتتعلم الطيران.. فوجدت كل الاحترام والتشجيع من بين الشباب المتعلمين الـ 32 وكانت الوحيدة بينهم.. واستطاعت لطفية بعد تدريب استمر 76 ساعة طيران متفرقة على مدار ثلاثة عشر يوما أن تطير بمفردها بعد أن تعلمت على يد كبير معلمى الطيران الفرنسى " كارل" لتفوز بالجائزة الأولى فى المسابقة الدولية على مستوى العالم.. والتى أقيمت بمصر ولكن لم يتقبل الإنجليز الذين كانوا يحكمون ذلك وجعلوها فى المرتبة الثانية فكافأها الملك فاروق وأعطاها جائزة مالية قدرها 200 جنيه ذهب.. وفى احتفاليتها كرمتها أيضا هدى شعراوى رائدة نهضة المرأة المصرية والعربية.. وقالت عنها: "إنك رفعت رءوسنا وكنت فخرا لنا وسفيرة للمرأة المصرية على مستوى العالم.. وكذلك أثنى عليها طلعت حرب.. وعندما علم والدها الأخبار من الصحف تملكته مشاعر من الفرحة والغضب معا، ولكنها طمأنته عندما اصطحبته فى جولة للطيران.. واستطاعت لطفية النادى أن تصبح ثانى امرأة تطير بمفردها على مستوى العالم بعد الأمريكية "اميليا إبراهارت" التى بدأت الطيران وعمرها 32 عاما.. ولكن للأسف توفيت إثر تحطم طائرتها وفقدها فوق المحيط الهادى.. وعمرها لا يتعدى 39 عاما فى عام 1937 أعلن وفاتها رسميا بعد ذلك بثلاث سنوات.. وهو الحادث الذى لم يؤثر على استمرار الكابتن طيار المصرية لطفية النادى فى الطيران.. لتفتح الباب على مصراعيه لغيرها من بنات مصر والعالم العربى بل وبلدان العالم أيضا.. فكانت الكابتن طيار عزيزة محرم وليندا مسعود ونفيسة الغمراوى.. وصولا إلى الأجيال الجديدة دينا الصاوى وغيرها ممن يحلقن بالطائرات فى العالم حاليا.. وعاشت لطفية النادى ما بين مصر وسويسرا.. وقد أنتج فيلما تسجيليا عن قصة حياتها بعنوان "الإقلاع من الرمال" تم تصويره فى مصر عام 1960 وقد فاز بالجائزة الأولى بالمجلس الثقافى السويسرى.. وقد منحتها سويسرا الجنسية تقديرا لريادتها فى مجال الطيران كثانى امرأة على مستوى العالم.. وأصبحت طوال حياتها مدربة للطيران.. وقد كرمها "جوجال" ووضع اسمها على قائمة الصفحة الرئيسية عام 2014 لريادتها لهذا المجال وتدريبها وتعليمها لكثير من الطيارين من الجنسين على مستوى العالم.. وقد توفيت عن عمر يناهز 95 عاما بعد أن وهبت حياتها للطيران فقط.. وفى 6 يناير 2002 رحلت عن عالمنا لتبقى ذكراها خالدة لكل الأجيال.
ساحة النقاش