لم تختلف نظرة د. محمد هانى، استشارى الصحة النفسية والعلاقات الأسرية، كثيرا عن رؤية المعالجة النفسية الأمريكية سوزان فورورد حول موضوع الابتزاز العاطفى الممارس ضد المرأة وخطورته على استقرار حياتها نفسيا وجتماعيا، حيث أكد فى حواره ل «حواء » أنه يتسبب فى مشكلات نفسية وقد يهدم العلاقة سواء كانت عاطفية أو زوجية.
طرق وأساليب الابتزاز العاطفى، وكيفية مواجهته يكشف عنها د. محمد هانى فى هذا الحوار..
- فى البداية ما هو الابتزاز العاطفي؟
وفقا للموسوعات العالمية يعرف الابتزاز العاطفى بأنه أحد أشكال التلاعب النفسي والذى يحدث خلاله استخدام منظومة من التهديدات وأنواع مختلفة من العقاب يوقعها شخص ما على آخر قريب منه في محاولة للسيطرة على سلوكه، ويتضمن عادة فردين تجمع بينهما علاقة قوية سواء قرابة أو صداقة.
- وماذا عن أنواعه؟
دعيني أتفق مع الكاتبة الأمريكية سوزان فورورد في تقسيمها الابتزاز إلى أربعة أنواع، وأضيف إليها بعض الأنواع من معرفتي الخاصة، الأول المبتز المعاقب وهو الذي يهدد الطرف الآخر بتركه والتخلي عن حبه إذا لم ينفذ أوامره مثلما يهدد زوج زوجته بتطليقها، والثاني المبتز المعاقب للذات وهو الذي يهدد الطرف الآخر إن لم يفعل ما يأمره به فإنه سوف يلحق الأذى بنفسه مثلما يبتز الطفل أمه على سبيل المثال إن لم تلبِ له ما يريد أنه سيمتنع عن الطعام أو المذاكرة، أما المبتز المعاني فيظل يبكي وينتحب دون أن يبوح بسبب هذا العذاب الذي يلاقيه حتى يكتشف الطرف الآخر بنفسه ما يريده فيلبيه له على الفور حتى لا يتسبب له في اكتئاب أو حالة نفسية سيئة، والرابع والذي تحدثت عنه الكاتبة الأمريكية هو المبتز المغري وهو الذي يستخدم إغراءات كثيرة كي ينفذ الطرف الآخر ما يريده كأن يقول زوج لزوجته إن تركت عملك سأشتري لك سيارة أو عقارا، ودعيني أضيف لك نوعا آخر وهو المبتز المخادع، وهذا النوع لا يحب فعلا الطرف الآخر لكنه قد يكون يريد منه منصبا أو مالا أو أية مصلحة, وهو يدرس نقاط ضعفه بحيث يستغلها ويضغط عليه من خلالها كي يحصل على ما يريده ثم يتركه وقد يختفي من حياته للأبد.
- وما طرق وأساليب الابتزاز العاطفي؟
هناك عدة طرق يستخدمها المبتز، ومنها أن يظهر للطرف الآخر أنه هو الطرف الضعيف المقهور والمغلوب على أمره وأن الطرف الآخر هو الذي يسبب له التعاسة حتى يستجيب لمطالبه على الفور، ومن الطرق المتبعة للابتزاز العاطفي المخادع هو إظهار أن الطرف القائم بالابتزاز غير قادر ماديا وأنه في حاجة إلى معاونة شريكة حياته، أيضا التهديد المستمر بأنه قد يجد شريكا أفضل منه أو أنه يستطيع أن يتركه في أي وقت إن لم يستجب لمطالبه، وأخيرا إظهار الطرف المبتز أنه لا يكفيه كل ما يأخذه من الطرف الآخر والتقليل دائما من كل ما يقدمه له سواء من أموال أو هدايا أو خدمات.
- هل هناك أشخاص يمارسون الابتزاز داخل الأسرة بخلاف الزوجين؟
نعم هناك الابتزاز العاطفي عند الأطفال، فقد يبتز الطفل أمه من خلال معاقبة نفسه، فعادة ما نسمع الطفل وهو يقول لأمه إن لم تشترِ لي هذه اللعبة فلن أذاكر، وقد تبتز الأم الطفل بالإغراء فتقول: إن ذاكرت اليوم فستخرج في الإجازة إلى النادي.
- وما مدى خطورة الابتزاز العاطفي في حياتنا وكيف نواجهه أو نكتشفه؟
أعرف نساء قد دمرت حياتهن بالكامل نتيجة الابتزاز العاطفي وتعرضن لصدمات عاطفية عنيفة، ومن بين القصص المؤثرة أن رجلا قد تقدم لفتاة تكبره في العمر وكانت تحبه حبا شديدا، وبالفعل تزوجها وبعد الزواج طلب منها أن تتنازل عن شقتها التمليك له وتسجلها باسمه وإلا فإنه سيطلقها، وطبعا قامت الزوجة بالتنازل عن شقتها وفي صباح اليوم التالي طلقها وأصبحت بلا مأوى، ومن بين القصص البشعة طلب زوج من زوجته عمل حساب بنكي مشترك بينها وكانت هذه المرأة ثرية وقد ورثت عن والدها أموالا كثيرة بينما هو لم يكن لديه شيء وبعدما فعلت ذلك سحب كل مالها ووضع النقود باسمه بمفرده في البنك، أما عن كيفية تجنب التعرض للابتزاز فأنا أقول للضحية جرب أن تقول للطرف الآخر لا وألا تعطيه ما يريد وانظر ماذا سيفعل معك فإن تمسك بك فهو يحبك وإن تركك فلم يكن هذا حبا بل كان نوعا من أنواع الابتزاز العاطفي.
- هل هناك علامات تظهر على الضحية وتشجع الطرف القائم بالابتزاز أن يتمادى فى تهديده؟
نعم هناك عدة علامات تظهر على الضحية تشجع الرجل خصيصا على ابتزاز المرأة، ومن أهم هذه العلامات ظهور الضعف أو الاحتياج العاطفي للطرف الآخر، فعادة ما يبحث الرجال عن امرأة أو فتاة ضعيفة تقع تحت ضغط اجتماعي معين كأن تكون فتاة وحيدة وقد تقدم بها العمر ولم تتزوج وتريد أن تحب وتتزوج قبل أن يتسرب العمر من بين يديها، أو تكون امرأة مطلقة قد أصيبت بخيبة أمل في زواجها الأول وتبحث عن شخص يقيها من كلام الناس ووصمة المطلقة التي لا تزال مع الأسف تلحق بأية مطلقة في مجتمعنا العربي، أو تكون أرملة قد ورثت عن زوجها أملاكا وشركات ولا تستطيع أن تديرها بمفردها، لكن القائم بالابتزاز يفكر ألف مرة قبل أن يحاول ابتزاز فتاة أو امرأة قوية وذكية ومستقلة لا يمثل لها الزواج والحب الأهمية الأولى في حياتها، كذلك المرأة إذا ما ابتزت الرجل فإنها تبحث عن الرجل الضعيف الوحيد الذي يحتاج للحب وللاهتمام وتبدأ باستغلاله ماديا بكافة الطرق، لذا أنصح كل النساء ألا يتزوجن تحت ضغط الأهل أو الظروف أيا كانت لأن ذلك من شأنه أن يجعلهن عرضة للابتزاز العاطفي والقتل البطيء باسم الحب.
ساحة النقاش