عندما تحب المرأة تجود بكل ما تملك لمن أسر قلبها أو لمن اتخذتها صديقة مقربة، وتحت غطاء الحب والصداقة قد تقع فريسة للاستغلال من قبل رجل لا يحترم المشاعر بل يعلى مصلحته الشخصية ويؤسر نفسه على قلب من أحبته، فكيف يمكن للفتاة تجنب الوقوع ضحية للابتزاز العاطفى أو النفسى؟

هذا ما حاولنا الإجابة عنه فى هذا التحقيق من خلال استعراض خبرات البعض والاستعانة بالمختصين فى العلاقات الأسرية وهذا المجال..

البداية مع شيماء الشريف، موظفة بأحد البنوك، والتى اكتشفت كذب مشاعر زميلتها التى اعتبرتها أختا لها بعد أن قدمت لها مساعدة لنقلها إلى القسم التى تعمل به داخل الشركة، وتقول: بعد انتقالها للعمل معى طلبت منى الحصول لها على قرض على أن تسدد أقساطه من دخلها الشهرى فوافقت لمعرفتى بظروفها، لكن لظروف خارجة عن إرادتى لم أتمكن من إتمام إجراءاته لتتغير معاملتها معى بشكل كامل، وعند محادثتى لزميلاتها اكتشفت أنها طلبت منهن الحصول على نفس القرض لكنهن رفضن بشكل قطعى.

وتحكي شاهندة فوزي، مدرسة أنها تنازلت كثيرا مع زوجها في متطلبات الزواج وبعد مرور عامين من الزواج اكتشفت أنها كانت ضحية لابتزازه لها، فهو لا يزال يسدد أقساط ويأخذ مرتبها كاملا للمساعدة في مصروف المنزل وبعد سداد أقساطه ورفضها ذلك ابتزها عاطفيا وهددها بالانفصال وأشعرها بالذنب أنها لا تقف بجواره.

وتقول رشا عبدالفضيل طبيبة أسنان: بعد وفاة والدى حصلت على مبلغ كبير من المال وهو نصيبى من تركته، عندها طلب منى زوجى وضع المال باسمه في البنك أو شراء عقار باسمه لأنه لا يقبل أن تكون زوجته أغني منه، وعندما رفضت قام باتباع أساليب التهديد والإهمال والتلويح بالانفصال لكننى رفضت ذلك حتى رضخ لإرادتى.

 

أشكال الابتزاز

تقول د. فاطمة الروبي، استشاري العلاقات الأسرية والتنمية الذاتية: قد يكون الابتزاز من الصديقة التي تعرف أسرار صديقتها، أو الزوج الذي يعلم أن الزوجة سترضخ لأوامره فيبتزها ماديا، وكذلك من الممكن أن يكون من الخطيب الذي يحقق مصالح على حساب خطيبته واستنفاذها ماديا وعاطفيا، ويوجد شكل آخر يكون من قبل الأبناء للآباء وهو أخطرهم لأنه يكبر معهم فيتعود الأبناء على الأخذ دون العطاء طوال الوقت فيشبون على هذا الأسلوب، وعندما يكبرون إذا تم رفض أي طلب يتخذون هذه الأساليب للضغط على الآباء من أجل الموافقة، لذلك أنصح الآباء بعدم تلبية كل طلبات أبنائهم إلا بعد مناقشتهم فيها ومعرفة أسباب الطلب وعرض بدائل له بحيث يكون فيه مرونة في الحديث ليعتادوا أسلوب المناقشة والإقناع وليس اللجوء للابتزاز لأنهم سيتخذون هذا الأسلوب وسيلة للوصول لأغراضهم فى حياتهم العملية والشخصية والأسرية .

اكتشاف الابتزاز

ماذا عن سمات الشخص المبتز، وكيف نعرف أننا وقعنا في فخ الابتزاز من قبل الطرف الثاني؟ تجيب على ذلك د. إيمان عبدالله، استشاري الصحة النفسية والعلاقات الزوجية قائلة: الابتزاز هو استغلال الطرف حب وعاطفة الآخر للوصول إلى غرض أو مصلحة معينة، أما عن سمات شخصية المبتز وكيفية اكتشافه فهو دائما شخص يأخذ ولا يعطي، تعود على أن تجاب كل طلباته دون أن يقدم أي شيء للآخرين، أناني، مسيطر، ويتهرب من الحقيقة دائما، ويضغط نفسيا بكل قوته على الطرف الآخر ليحقق له مطالبه حتى لو ادعى المرض أو الإفلاس، وربما يهدد بالعنف الجسدي، وهذا الأسلوب كثيرا ما يتخذه بعض الأزواج غير الأسوياء نفسيا لإجبار زوجاتهم على تنفيذ مطالبهم.

وتتابع: الابتزاز ليس وليد لحظة بل يكون واضحا منذ فترة الخطوبة، لذلك إذا لم تجد الفتاة التقدير المادي والمعنوي من خطيبها والاحتواء والتفاهم، أو واجهت معه أي أسلوب من الاستغلال المادي أو تقديم التضحيات أو الاستغلال الكلامي بمعنى إعطائها وعودا دون تنفيذها ولم تأخذ موقفا واستمرت في مشروع الزواج فعليها أن تعلم تمام العلم أنها ستقع ضحية للابتزاز العاطفي أو أحد صوره بعد الزواج، أما إذا وقعت المرأة في فخ الابتزاز العاطفي بعد الزواج فعليها أن تلجأ لأسلوب الحوار لحل الخلاف، مع وضع حدود والاتفاق عليها معا بحيث لا يتعداها الآخر، وإذا لم يحدث تحسن في العلاقة فيجب عليها رفض الأسلوب لأن الطرف المبتز يحدد رد فعل الآخر في أول محاولة لابتزازه، فإذا اتخذ الطرف الآخر موقفا ضد هذا الابتزاز تراجع.

وتضيف: دائما ما ترى ضحية الابتزاز نفسها متدنية وترضي الآخرين على حساب نفسها، وقد تهدر كرامتها، لذا عليها أن تغير من صورتها أمام نفسها وأنها شخص قوي ولا يستحق هذه المعاملة.

مرض نفسى

كانت هذه آراء المختصين بالنسبة لرد فعل الضحية وكيفية التعامل مع الطرف المبتز، لكن ماذا عن الطرف الذي يقوم بالابتزاز، هل هو شخص مريض نفسيا، وكيف يتم تقويمه؟

يقول د. محمد سمير عبدالفتاح، أستاذ ورئيس قسم علم النفس سابقا بكلية آداب المنيا: الشخص الذى اعتاد ابتزاز الآخرين غير سوي نفسيا، وقد بدأ الأمر معه نتيجة مشكلة اجتماعية ناتجة عن تربية غير سوية، فالأم والأب اللذين يفضلان ابنا أو يميزان واحدا عن الآخر ولا يعدلان بين الأبناء، أو يربيان أبناءهما بأن كل طلباتهم أوامر تنفذ فمثل هؤلاء الآباء يخرجون جيلا مشوها نفسيا يجعلهم غير أسوياء في تعاملاتهم عندما يكبرون، وقد يصل بهم الأمر إلى حد السرقة حتى يصلوا إلى أهدافهم وليس فقط اتباع أساليب الضغط النفسي والمراوغة على الآخرين لجعلهم ينفذون طلباتهم، لذلك العلاج يجب أن يبدأ من الأسرة حتى لا تسوء الحالة إلى مشكلة نفسية.

المصدر: كتبت: إيمان عبدالرحمن
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 922 مشاهدة
نشرت فى 13 يونيو 2019 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,909,629

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز