كتبت : أماني ربيع
رغم أن الكثير يرى أن الزواج اندماج وانصهار الزوجين فى كيان واحد إلا أن البعض يفضل الاحتفاظ بمساحة من الخصوصية يحتفظ خلالها الطرفان ببعض الأمور التى يفضل كتمانها وإخفاءها عن الطرف الآخر، فما طبيعة الأسرار التى قد يخفيها الزوجان عن بعضهما البعض؟
فى جولتنا التالية حاولنا الإجابة على هذا التساؤل وما يمكن أن تتسبب فيه تلك الأسرار من زعزعة العلاقة بين الزوجين من خلال خبراء علم النفس والاجتماع والعلاقات الأسرية..
الحكاية الأولى مع ر.عبد الفتاح،معلمة والتى تقول: منذ البداية قررت إخفاء حقيقة راتبي عن زوجيرغم مشاركتى في مصاريف المنزل، وأرى أن هذا شيء طبيعي فالحياة مشاركة والضغوط كثيرة، لكنني قررت اقتطاع جزء من راتبي لا يعرف عنه أحد ليكون ضمانة للمستقبل، أو شراء أشياء خاصة قد يراها زوجي تافهة فهذا المال يشعرني بالحرية والاستقلال.
أما محمود. م، محاسب فيقول: زوجتي امرأة طيبة وجدعة، ولا أخفي عنها أي شيء، لكن هناك أمور لا يمكننى إخبارها عنها خاصة إذا تعلقت بعائلتى.
أما هنادي. ع، موظفةفقد أخفت خبر خضوع شقيقها للعلاج من الإدمان عن زوجها خوفا من رد فعله أو تحول معاملته معها ومعايرتها بسلوك أخيها وظروفه، لذا قررت إخفاء هذا السرعنه بأي طريقة.
وتقولس. ط، مهندسة: أخفيت عن زوجي أنني مررت بأكثر من علاقة عاطفية قبل الزواج، فالرجال في بلادنا لا يحبون أن يرتبطوا بفتاة لها تاريخ عاطفي حتى إذا كانت علاقات بريئة، لذا قررت منذ البداية أنا أخفى الأمر، فالبوح بمثل هذا السر لن يفيد أحدنا لكنه قد يخلق مشكلات نحن في غنى عنها.
تزيد المحبة
تحكي سهيلة عواد، مونتيرة قصتها مع الأسرار التى تخفيها عن زوجها قائلة: قصتي عادية البعض يراها مثالية، لكنها ليست كذلك، أنا وزوجي نعتبر أننا شخص واحد نحكي كل شيء ليس لدينا حساسية في البوح بأية أسرار أو مسائل شخصية حتى إذا كانت تخص العائلة،فمثلا تعرض أبي لأزمة مع الشرطة بسبب تشابه الأسماء، وكان زوجي أول منوقف بجانبه وساعدنا فى تخطى الأزمة، فإخفاء الأسرار يصنع توترا وحاجزا بين الأزواج بينما ترفع المصارحة الكلفة وتزيد الود.
ويقول هـ. مصطفى، محامي: أحب زوجتي حبا كبيرا لكن أخفي عنها أن جزءا من مرتبي يذهب كمساعدة لأمي وأخي الأصغر لأن معاش أبي لا يكفيهما، ولم أحب أن تعرف زوجتي بالأمر وكأن أهلي يحتاجون إلى صدقة أو أن يظهروا وكأنهم فقراء أمامها وأهلها، وأنا لا أعتبر هذا خطأ طالما أنني لست مقصرا في المنزل.
تجنب المشكلات
تعلق د. إيمان عبد الله،استشارة العلاقات الأسرية على الآراء السابقة قائلة: إن وسائل الدفاع الذاتية لدينا تجعلنالا نفصح عن بعض الأسرار ونقوم بكتمها داخلنا، وفي حياة الإنسان بعض الأسرار المهمة التى يخفيها عن أقرب المقربين لأن هذا يشعره بالراحة والاستقرار النفسي، وعموما الحدود في العلاقات الإنسانية حتى بين المتزوجين أمر صحي، فهناك أمور لابد من عدم الإفصاح عنها ضمانالنجاح العلاقة واستقرارها ومن هذه الأمور الأسرار العائلية الخاصة بالزوجين،والأسرار المالية ومساعدات الزوج أو الزوجة للأهل، وأخطاء الماضي، بالإضافة إلى التحرشات الجنسية، فالمرأة تخفي هذا الأمر حتى عن الزوج أحيانا، وعدم البوح بنقاط الضعف حتى لا يرى الطرف الآخر الشريك بصورة ضعيفة أو سلبية.
وتتابع: إخفاء الأسرار ليس أمراسيئابل يلجأ إليه أحد الطرفينلتجنب المشكلات، أو مخافة استخدام هذا السر من أحد الطرفين ضد الآخر كنوع من المعايرة، وهذا السر عادة ما يكون نقطة ضعف والإفصاح عنه قد يغير مجرى الحياة الزوجية ويكون ذريعة للشك وعدم الثقة، لذا أنصح المتزوجين بضرورة وضع حدود وخصوصية في حياتهم لأن المسافات مهمة.
الرجال أكثر أسرارا
تقول د. زينب مهدي، خبيرة الصحة النفسية: يجب أن تكون هناك مساحة للخصوصية بين الزوجين حفاظا على العلاقة، وعموما الأسرار التي قد تتسبب في المشكلات بين الزوجين يفضل عدم الإفصاح عنها خاصة وإن كان ذلك لن يؤذي الطرف الآخر، أوإن كان هذا السر قد يؤثر على صورة الأهل فى نظر الشريك.
أما أمجد مصيلحي، أستاذ علم الاجتماع فيرى أن الرجال أكثر إخفاء للأسرار، لأن الرجل يحب أن يظهر دوما قويا فيخفي دائما ضعفه، وكثير من الأزواج يتعرضون للضغوط في العمل ولا يبوحون بما يتعرضون إليه من مشكلات إلا بعد انتهائها، وقد يصل الأمر أن يترك الرجل عمله، ويفضل السلف على أن يخبر الزوجة، كذلك علاقته بأصدقائهفالرجال يحبون أن تكون لديهم منطقة خاصة يشعرون فيها بالحرية بعيدا عن الزوجة والبيت، أما المرأة فأكثر المشكلات التي تخفيها هي ما يتعلق بالأهل لأنها تحرص أن يبدو أهلها في أكمل صورة أمام الزوج وذويه, وعموما إخفاء الأسرار طالما لن تؤذي أحدا أمر صحي لكن لا يجب أن نغض البصر عن أهمية المصارحة بين الزوجين وأن تكون هناك مساحة للتفاهم والحوار المشترك حتى لا تتحول المسافات إلى حواجز.
ساحة النقاش