كتبت : هدى إسماعيل
"بتخاصمنى حبة وتصالحنى حبة" هكذا لخصت الراحلة عزيزة جلال طبيعة الحياة الزوجية التى لا تخلو من المشكلات والتى قد تكون سببا فى الخلاف بينهما، لكن هل يمكن أن تكون هذه المشكلات أمرا صحيا يفيد العلاقة أكثر من الإضرار بها؟
سؤال طرحته "حواء" على عدد من الأزواج والزوجات للتعرف على كيفية مواجهتهم المشكلات التى تنشب بينهم، وتحويلها إلى طاقة تقوى الروابط بينهم..
فى البداية يقول محمدعبدالله: كل يوم عند عودتي من العمل أجد زوجتى في انتظاري لتكون أولى كلامتها "مصروف البيت خلص"، وبالطبع تكون البداية لينتهي الأمر بي على المقهى مع أصدقائي الهاربين من جحيم البيت.
وتقول رقية علي، ربة منزل: عشت وزوجى أوقاتا عصيبة لكنها كانت بعيدا عن أعين أبنائي الأمر الذى حافظ على الود والمحبة بيننا، فالعشرة الطيبة كانت الأساس الذي نعود به إلى حياتنا الطبيعية، لكن للأسف الكثير من زيجات هذه الأيام لا يتحمل أي طرف منهما الآخر وكأنها حرب بينهما وليس ألفة وسكينة.
أما أحمد علي، مهندس فيقول: زوجتي شكاكة لدرجة كبيرة فهي دائما تتهمني بأني متزوج من أخرى وأني متعدد العلاقات لذا كل يوم عند عودتي يبدأ التحقيق والتفتيش اليومي وإذا لم تجد شيئا تبدأ في طلب الطلاق رغم أنها متأكدة أن كل هذه أوهام لا أساس لها من الصحة.
وتقول سلوى لطفي، موظفة: تنشأ الخلافات بينى وزوجى بسبب عدم رغبته فى الحديث بحجة أنه مرهق ولا وقت لديه لتبادل الحكايت والأحداث اليومية.
الاختلافات والخلافات
تعلق د. زينب المهدي، خبيرة العلاقات الأسرية على الخلافات التى تنشب بين الزوجين قائلة: إن الخلافات بين الزوجين أمر طبيعي جدا لأنها تأتي بسبب الاختلافات بين الطرفين في الشخصية والتربية، لكن ما يزيد عن حده ضروري أن ينقلب إلى ضده بمعنى كلما زادت تلك الاختلافات بينهما نشبت خلافات، لذا لكي يتم تجنب الخلافات الكثيرة والمتكررة يجب احترام الذات الذي ينبع منه تقدير كل من الزوجين للآخر باعتبار أن كلا منهما جزء لا يتجزء من الآخر، مع القراءة الجيدة في حقوق وواجبات الأزواج وفق ما نص عليه الدين، والحرص على مراعاة التوافق الاجتماعى عند اختيار الزوجين، بالإضافة إلى التأنى قبل الارتباط والدخول في العلاقة بشكل جدي، والاهتمام بالطرف الآخر لأن ذلك من شأنه أن يعطيه قوة على تحمل ضغوط الحياة سواء للزوج أو الزوجة.
جسور تواصل
تقول د. سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس: للخلافات والمشكلات الزوجية بعض الفوائد فمن خلالها يتعرف كل طرف عما يغضب أو يفرح الطرف الآخر، ويتلمس طباعه على أرض الواقع، بل ويعرف أخطاء نفسه فيحاول إصلاحها وتعديل مسارها وتصحيح المفاهيم والأفكار الخاطئة التى قد تكونت لديه ضد الطرف الآخر، ومن ناحية أخرى يستطيع كل من الزوجين أن يتعرف على أفكار وطموحات وتطلعات زوجه فيشاركه فى تلك التطلعات والآمال وبذلك تمتد جسور التواصل بين الطرفين.
وتضيف: في بعض الأحيان لايعطي الأزواج والزوجات هذه الخلافات انتباهاً كافياً أو لا يهتم بحلها بشكل حاسم فتتراكم وتسبب المزيد من المشكلات الأكثر تعقيداً والتي ما كانت لتتفاقم إذا تم التعامل معها بشكل صحيح، وهناك بعض الأزواج الذين يبالغون في ردود الفعل تجاه هذه الخلافات ويعتبرونها بداية نهاية العلاقة ما يتسبب فى تعقيد الأمور أكثر.
الشجار صحي
أجرى مجموعة من الباحثين في بعض الدول دراسة للكشف عن مدى تأثير الخلافات الزوجية والجدال بين الطرفين على أعمارهم وحالتهم الصحية بشكل عام، حيث كشفت الدراسة أن الجدال والشجار بين الزوجين يكون له تأثير إيجابي على صحتهما كما أنه يقلل من خطورة الموت المبكر، وأوضحت الدراسة أن الزوجين الذين يعمدان إلى كتم مشاعرهما بداخلهما وعدم البوح بها يكونونا أكثر عرضة للمخاطر الصحية التى قد تؤدى بهما إلى الوفاة.
وأكدت الدراسة أن الأزواج الذين يصارحون بعضهم بمشاعرهم أثناء الخلافات والشجار ويعبرون عما بداخلهم بشكل كامل تتحسن صحتهم بشكل أفضل، كما أنها تكون سببًا في إطالة العمر لديهم، ووجد الباحثون أن الأزواج الذين يكتمون ضيقهم ومشاعر غضبهم يزداد خطر الموت لديهم بنسبة 18% لدى النساء، و35% لدى الرجال، ما دفعه للنصح بالاستفادة من هذه النزاعات في التعبير عن المشاعر السلبيية التي تكمن داخل الطرفين حتى لا تتسبب فى إصابتهم بالمشكلات الصحية فيما بعد.
وفي دراسة لمعهد «ديستاك» البرازيلي المختص بالدراسات الاجتماعية والزواجية والإنسانية أكدت أن الشجار يرافق جميع مراحل حياتنا ولا يؤدي إلى نتائج سيئة أو مدمرة إذا كان ضمن الحدود الطبيعية، وإذا كانت الشجارات ضمن حدودها الطبيعية فمن الممكن جدا أن يتعود عليها الزوجان وتصبح مجرد تنفيس لهما ينتهي بسرعة وتعود الأمور إلى طبيعتها، لكن لا يمكن التعود مع الشجارات إذا كانت مزعجة أو مهينة أو مجحفة بحق أحد الزوجين أو كليهما.
ساحة النقاش