كتبت : سكينة السادات

يا بنت بلدى.. حكيت لك الأسبوع الماضى طرف من حكاية قارئتى عائشة 31 سنة التى قالت لى إنها من أسرة فقيرة للغاية، فوالدها ملاحظ عمال فقير ووالدتها ربة بيت نشيطة ومدبرة وقد استطاعا بتدبيرهما أن يوفرا التعليم المتوسط حتى الدبلوم لثلاثة من أولادهما، أما الشقيق الأكبر فلم يكمل للدبلوم وألحقه والده بالعمل فى شركة يملكها رجل طيب من بلديات الوالد، أما هى فقد حصلت على التدريب على الكمبيوتر والإنترنت وأحلقها والدها بعد تخرجها أيضاً بمكتب ابن الرجل الطيب بلدياته الذى استقل بعمل خاص به بمباركة والده، وقالت عائشة أن تلك الأسرة كانت تغرق عائلتها بخيراتها فى المواسم والأعياد ولها أفضال كثيرة على كل فرد منهم، وقالت إنها عملت بكل مجهودها فى مكتب الباشمهندس شريف، وعن رئيسها قالت إن الباشمهندس إنسان طيب ومحترم وعاملها بكل الود والاحترام واختبرها فى مواقف كثيرة فى العمل وكانت عند حسن ظنه، وقالت إنها تعتقد أن حظه قليل فقد تزوج من ابنة رجل أعمال صديق والده فى احتفال كبير لكن العروس لم تعمر معه فى بيت الزوجية أكثر من ستة شهور ثم فوجئ الجميع بنبأ طلاقها منه، وقالت إن حالته النفسية كانت سيئة بعد الطلاق لكنه وبعد أن اندمج فى العمل وسافر عدة مرات للعمل أيضاً استعاد روحه المرحة وأصبح قريباً من طبيعته المرحة مرة أخرى، وقالت إنهم عائلة تحسن على أسرتها وتعطيهم الطعام والملبس فى كل المناسبات ومن ثم فلم يخطر على بالها مطلقاً أن ينظر الباشمهندس إليها إلا فى نطاق العمل، ولكنه كان مرات عندما يكون رائق البال يثنى على عملها أو مظهرها وكانت تشكره وتدعو له ثم كانت المفاجأة!

قالت عائشة: فى هذه الأثناء يا سيدتى كان بعض العرسان أى الخطاب قد تقدموا لخطبتى وأقسم لك أن أحداً منهم لم يملأ عينى وليس ذلك لأننى أتطلع إلى أى شىء ولكن هكذا لم أستلطف أحداً منهم حتى عنفتنى والدتى وغضب والدى وقال إن الوظيفة ليست كل شىء وعلى أن أختار شريكاً لحياتى حتى يطمئن على مع من يرعانى ويحميني!

وطلبت من والدى أن يمهلنى حتى أفكر وكان ذلك منذ ثلاث سنوات تقريباً، وكان مع والدى ووالدتى حق فقد كنت قد بلغت الثامنة والعشرين من عمرى وكنت وقتها قد أصبحت مديرة مكتب المهندس شريف رئيس الشركة، وفى أحد الأيام وكان رئيسى رائق البال بعد أن استعاد حالته النفسية بعد طلاقه من زوجته، قلت له مازحة يا باشمهندس أبويا وأمى ضاغطين على علشان أتجوز ومش عارفة أعمل معاهم إيه أما علي أنا فأنا مش عاوزة أتجوز بس همة مصممين؟ سكت الباشمهندس وسرح قليلاً ثم قال لى بهدوء مبتسماً: لأ حتتجوزى يا عائشة! حتتجوزينى أنا على سنة الله ورسوله! كنت أقع من طولى ونظرت إليه ووضعت يدى على صدرى وقلت له:

- حتتجوزنى أنا يا باشمهندس؟ معقولة دي؟ أنا فين وأنت فين؟

قال: أنت إنسانة محترمة وشاطرة ويعتمد عليكى فى كل حاجة زائد إنك جميلة وشريفة وأنا مش عاوز غير كده! واستطرد.. لكن المهم إنك تكونى راضية بى وعاوزانى على حالي؟

أيضاً كدت أقع مغمياً على وقلت له:

- حالك زى الفل.. هو حد يطول؟

قال: أيوة يا عائشة لازم أصارحك بالحقيقة وأنت حرة؟

قلت له: حقيقة إيه يا سيدي؟

قال.. أنا عندى مشاكل فى الخلفة يعنى لازم لى علاج قبل ما أخلف إذا كان ربنا هيأمر لى بالخلفة وأنا لا أحب أن أغشك إذا رضيتى أن تتزوجينى أولاً وأنت حرة.. فكرى كويس؟

قلت له: أفكر فى إيه يا باشمهندس هو أنا أحلم ولا أهلى يحلموا إنى أكون زوجتك؟ موافقة طبعاً علشان كل حاجة فى الدنيا.. خيركم وافر على أسرتنا وزيادة على أخى، اكتشفت الآن أننى كنت أحبك فى كتمان طول هذه المدة لكن العين لا تعلو على الحاجب! وتزوجنا يا سيدتى وظللت أعاونه فى البيت والمكتب وأقوم بكل شىء على أكمل وجه وهو خير الأزواج وخير الرجال وأقر وأعترف أننى وأسرتى نتمرغ فى خيره وخير والديه حتى اليوم، ولكن يا سيدتى لا أنكر عليك أننى أتشوق لكى أكون أماً وزوجى لا زال يتناول العلاج الذى يمكنه من الإنجاب الذى اتفق عليه الأطباء فى الداخل والخارج لكننى كلما رأيت أماً تمسك بيد طفلها تهفو نفسى إلى أن أصبح أماً، أنا فى حيرة وقلق علماً بأننى لا أشعر زوجى بهذا الحنين الموجع للأمومة.. ماذا أفعل؟

لا تفعلى أى شىء سوى أن تدعى الله أن يشفى زوجك وأن يرزقه بالخلفة الصالحة، طولى بالك واصبرى صبراً جميلاً، لا أنصحك مطلقاً بأن تتركى زوجك من أجل أمومة غير مضمونة، لذا أنصحك بالصبر وعدم إشعار زوجك بحنينك للأمومة والدنيا يا عائشة لا تعطى الإنسان كل شىء.

المصدر: كتبت : سكينة السادات
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 384 مشاهدة
نشرت فى 14 أغسطس 2020 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,698,755

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز