كتبت : إيمان عبد الرحمن
تحلم كل فتاة بالزواج لتعيش فى مملكتها الخاصة لترسم حدودها بنفسها بعيدا عن تحكمات الأهل، إلا أن البعض يجدن أنفسهن أمام ضرورة مشاركة أهل الزوج فى السكن، وبينما تنجح فتيات فى كسب ثقة "الحموات" ووضع ضوابط للتعامل معها تجد أخريات صعوبة فى التأقلم مع الوضع ليكون الانفصال نهاية مؤسفة لعلاقة طالما رسمت تفاصيلها لسنوات طويلة، فهل يعد الزواج ببيت العائلة سببا وراء ارتفاع معدلات الطلاق؟
فى البداية تقول رشا عبدالحميد: تزوجت في بيت عائلة زوجي مثل الكثير من قريناتى وكان شرط أبي أن أكون "معزولة " بمعنى أن لي خصوصية في الأكل والشرب وحدي ولا ألتزم ببيت العائلة، وهو ما حدث بعد الزواج لمدة قصيرة لا تتعدى شهرين، ثم بدأت المشكلات عندما أرادت حماتي أن أنزل يوميا عندها لأقوم بخدمتها وحتى أرضى زوجي وافقت لكنني وجدت نفسي من السابعة صباحا حتى المساء أقوم على خدمة عائلة زوجي كاملة ولا يوجد أعذار بتعب أو إرهاق، ما جعلنى أدجر من ذلك ونشب خلاف بيننا تدخل على إثره أهلي لأن عائلة زوجى أخلت بالاتفاق وحتى الآن أنا عند أهلي ولم أصل إلى حل هل ستستمر حياتى الزوجية أم سأنفصل؟
وتقول درية محمد: أسوأ ما فى الزواج ببيت عائلة فقدان الخصوصية، فقد انفصلت عن زوجى بسبب تدخل حماتى وأخته في كافة تفاصيل حياتى، فلا حدود ولا أسرار بينى وزوجى، وعندما تحدث إليه عن ضيقى من تصرفاتهما لم أجد استجابة منه بل دائما ما ينصفهما عليّ لذا طلبت الطلاق.
ومن الحكايات إلى الأرقام والأبحاث العلمية، فقد أظهر بحث أجراه المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية عام 2019 حول أسباب الطلاق أن تدخل الأهل هو السبب الرئيسى فى الانهيار المبكر للأسر يليه الأسباب الاقتصادية، واتضح من خلال النتائج أن الأسرة المنتهية بالطلاق تعيش قريبة من منزل العائلة أو أسرة التوجيه بواقع 38٪ من الحالات، فى حين أن هناك 22٪ من الحالات يعيشون فى منزل العائلة، و60٪ يعيشون فى علاقات مباشرة بأسرة التوجيه.
إيجابيات وسلبيات
ترفض د. هالة منصور، أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة بنها الجزم بأن الزواج بمنزل العائلة أحد الأسباب الرئيسية وراء ارتفاع معدل الطلاق لما له من إيجابيات كثيرة فى مقدمتها عودة العائلة الكبيرة التى افتقدها المجتمع المصرى ومشاركة المسئوليات بين الزوج وأهله، وتعزى ارتفاع معدلات الطلاق إلى تدخل الأهل في شئون الأبناء وهو ما يحدث بنسبة كبيرة عند الزواج مع عائلة الزوج نظرا لقرب التواجد، وتقول: يشعر الوالدان بأحقيتهما فى التدخل بشئون أسرة ابنهما نظرا لامتلاك الأب للمنزل فضلا عن إحساسهما بقلة خبرة الزوجة الصغيرة وعدم كفاية خبرتها للاستفادة من وجودها في إطار عائلة كبيرة ما يتسبب فى مشكلات وصراعات بين الزوجة وأهل الزوج وأحيانا ما تكون مشكلات وهمية.
وتتابع: لتقليل الخلافات في بيت الزوجة وعائلة زوجها أنصح بضرورة توزيع الأدوار بطريقة صحيحة بين العائلة والزوجين، وأن يحاول الزوجان الاستفادة من وجود الوالدين إلى جوارهما وليعتبراهما سندا ومصدرا يستمدان منه خبرة حياتية عند مواجهة أى أزمات، وأن يتعامل كل الأطراف بقدر من التفاعل الإيجابي ليستفيدوا من التواجد وسط بيت العائلة.
نصائح لتجنب المشكلات
ترى د. نادية جمال الدين، استشاري العلاقات الأسرية النفسية أن نسب طلاق كثيرة تحدث بسبب الزواج في بيت العائلة وعدم شعور الزوجة بالاستقلال الذى كانت تتطلع له قبل الزواج خاصة إذا كان الزوج غير واعٍ لأهمية عامل الخصوصية ويتعامل من منطلق أن اطلاع عائلته على تفاصيل حياته أمر طبيعي ما يزيد من حدة الخلافات وإحساس الزوجة أن حياتها على المشاع.
وتنصح د. نادية الشاب المقبل على الزواج في بيت عائلته أن يكون له خصوصية في إدارة حياته وبيته وأن يفرق بين معاملته لأهله وحقوق زوجته عليه من احترامه لخصوصيتها، وعند نشوب أي مشكلة يجب أن يحسن التصرف في إعطاء كل فرد حقه ومهمته أن يقرب بين الأطراف وتقليل أي فجوة بين أهله وزوجته، وعلى الزوجة أن تتعامل مع الحماة على أنها أمها الثانية، وأن تحاول قدر الإمكان احتواء أي مشكلات صغيرة دون اطلاع أهلها عليها، وعلى الحماة أن تتعامل مع زوجة الابن أنها ابنتها وجزء من العائلة.
الطرف الثالث
تقول د. ريهام عبدالرحمن، استشاري العلاقات الأسرية: على الرغم من اختلاف بيت العائلة عن الماضى حيث يعيش الزوجان بشقة مستقلة عن الوالدين إلا أن غياب الخصوصية وتدخل الأهل فى شئون الزوجين يبقى العامل المشترك مهما اختلف شكل منزل العائلة وهو أحد أسباب الخلافات الأسرية المؤدية إلى الطلاق، لأن التدخل المستمر من أهل الزوج فى شئون أسرته الخاصة يشعر الزوجة بأن كل تفاصيل حياتها مكشوفة ومرصودة ما يفقدها الأمان والرضا عن حياتها بل تشعر أنها ليست متزوجة من زوجها فقط بل من عائلته، بجانب تدخل بعض الحموات بشكل سلبي في تفاصيل حياتها وتربية أبنائها، ووجود حالة من الرفض لتصرفات الزوجة باستمرار من قبل الحماة الأمر الذى تجد الزوجة صعوبة فى التعامل معه، فضلا عن اعتبار بعض الحموات خدمة زوجة ابنها لها حق مشروع.
وتنصح د. ريهام الفتاة المقبلة على الزواج ببيت عائلة أن تضع حدودا لحياتها الزوجية خلال فترة الخطوبة وتحدد المساحة التي تتدخل فيها عائلة الزوج، والاتفاق المسبق بعدم تدخل أحد فى أى شأن داخلى يخص حياتها وزوجها مع عدم إعطاء فرصة لتدخل طرف ثالث بعلاقتها مع زوجها ومحاولة تخطى مشكلاتهما سويا، مع أهمية التأكيد على ضرورة احترام الخصوصية وفن التغافل عن بعض المشكلات التى يمكن تجاهلها.
ساحة النقاش