إشراف : إيمان عبد الرحمن - أمانى ربيع - هدى إسماعيل - نرمين طارق
تصوير : جلال المسرى
تحديات كثيرة تواجهنا، وحروب جيل رابع تهدد فكر شبابنا، وأزمة هوية تشكل خطرا على أبنائنا، فكيف ننمي روح الانتماء وحب الوطن ونعمق من هويتنا ومصريتنا لديهم؟ وإلى أى مدى تسهم زيارة المناطق الأثرية والتراثية فى تعزيز الروح الوطنية بداخلهم؟
من تجارب الأمهات تحكي سامية عبد التواب، محامية وأم لثلاثة أبناء أنها تحرص كل إجازة لتأخذ أبناءها في جولة سياحية خاصة لزيارة المزارات السياحية التي يدرسونها في منهج التاريخ حتى يرونها على الطبيعة، ومن أهمها قلعة محمد على وأهرامات الجيزة والمآذن والجوامع التي بنيت في مصر القديمة خاصة جامع ابن طولون.
ويقول أحمد عبدالله ابنها الأكبر الطالب في الصف الثاني الإعدادي: تهتم والدتي بأن نزور كافة الأماكن الأثرية ثم نقرأ عنها أكثر، وأحب قاهرة المعز والسهر هناك والبيوت القديمة وبيت السحيمي، وقد زرت العديد من المزارات خلال هذه الإجازة مثل الأهرامات وقصر البارون وأشعر بالفخر لحضارة مصر العظيمة.
وتقول رودينا صدقي، مدرسة: تنمى المتاحف المختلفة الفكر والوعي عند الأبناء، وتعطيهم فكرة ممثلة أمامهم عن فترات تاريخية ماضية، ودورنا أن نجعلهم يشعرون بالفخر، فحضارتنا عريقة وتستحق الفخر، ولا يجب أن نركز كل زياراتنا على الشواطئ والمصايف بل يجب زيارة كافة محافظات مصر واستكشاف ما بها من كنوز ومعالم.
تحرص رشا شعبان، طبيبة خلال الإجازة على عمل جدول للمزارات التي تزورها وأولادها، ومتابعة كل ما هو جديد حتى يكونوا على علم به، لافتة إلى أنها زارت متحف المركبات الملكية مع أخذ الإجراءات الاحترازية، وجامع الفتح الملكي بعابدين، وتدعو الآباء والأمهات إلى زيارة المتاحف الحربية والمناطق الأثرية لتنمية حب الوطن وزيادة ارتباط الأبناء بها.
مراحل تكوين الانتماء والهوية
يوضح د. عماد مخيمر، أستاذ علم النفس وعميد كلية الآداب جامعة الزقازيق أن الانتماء والهوية له مراحل فيقول: يبدأ من شعور الطفل بحبه للمكان الذي ينتمي له مثل أسرته وبيته ثم مدرسته ثم ينمو الشعور معه بحبه وانتمائه لبلده، لذا لابد أن نشجع الأطفال ونعطيهم ثقة في أنفسهم أولا وكذلك الشباب في مرحلة المراهقة، ويعد الحوار والتواصل المستمر معهم من أهم النقاط التي تنمي لديهم روح الانتماء والشعور بالثقة، ثم تأتي المرحلة الثانية وهي استغلال كافة المناسبات الوطنية والتاريخية للحديث عنها والنماذج الفدائية والبطولات التي بذلت مثل حرب أكتوبر أو عيد الشرطة.
ويتابع: تأتي المرحلة الثالثة وهي الزيارات الميدانية للآثار والحضارة المصرية واستحضار عظمة تاريخ أجدادنا وأننا أعرق حضارة وأننا نتفرد بها لزيادة الشعور بالفخر ومصريتنا لدى أولادنا، ودائما ما نشرح لهم بفخر أن السياح يحضرون من كل بقاع العالم ليشاهدوا آثارنا فنحن أولى بالفخر والانتماء وحب البلد.
أهمية الشعور بقيمة الأشياء
تقول د.هالة منصور، أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة بنها: يبدأ الشعور بالانتماء بإدراك قيمة الأشياء، فمنذ الطفولة إذا شعرنا بقيمة العائلة والأسرة سنشعر بالانتماء لها ونرتبط بها، فالشعور بالانتماء للبلد إحساس جميل من خلاله نشعر بالرضا والإعجاب والارتباط بها، والتاريخ يلعب دورا مهما في تنمية هذا الشعور لدى أطفالنا وشبابنا، ويشعرهم بعظمة المجتمع ويزيد من إعجابهم به، فنحن دائما في حاجة لإدراك فضل وطننا علينا بشكل مؤسسي وشعبي واجتماعي ونفسي وحكومي ووسائل الإعلام تلعب دورا كبيرا في عرض كل ما هو جميل وحقيقي ليدرك الشباب والأطفال عظمة تاريخنا وبلدنا ونجعلهم يعتزون بمصريتهم ومحاربة كافة المفاهيم المغلوطة التي تبث من أن حضارتنا ليست سوى حجارة، ولنؤكد أنها لا تزال منذ ملايين السنين شامخة ولم تكتشف أسرارها حتى الآن، بل نقدم لهم الرموز الوطنية بإجلال واحترام أكثر ليتخذها الشباب قدوة لهم.
تنمية الشعور بالانتماء
أما د. ريهام عبدالرحمن، الاستشاري النفسي والأسري وخبيرة التنمية الذاتية فتقول: للأسرة دور كبير في تنمية الشعور بالانتماء لدى الأطفال والشباب من خلال الكلام الإيجابي عن أهمية حب الوطن وأن الأمن والاستقرار نعمة كبيرة، ونعلمهم تعديد مزايا الوطن وعدم الالتفات لأي سلبيات يروجها أعداؤه، ومن خلال الحديث الدائم عن صروح الوطن والمكتسبات التي حققنها على مدار السنوات الماضية، وتأتى أهمية الزيارات الميدانية لأطفالنا وشبابنا للمناطق الأثرية والمتاحف الحربية من أنها تضيف لهم على المستوى النفسي والفكري والوطني والتعليمي وتربيهم على احترام مقدسات الوطن ومؤسساته، ودوري كأم وأب أن أفهمهم الحفاظ عليها ليست فقط لخدمتي ولكن خدمة الجميع ليحيا بمفهوم الوطنية والمواطنة أيضا.
وتستطرد: يجب على الآباء ألا يسمحوا لأي وسيلة أن تهز قيم الطفل وأخلاقه ومبادئه بل ينبغى تدعيمها من خلال القراءة والحوار البناء الذى يمكنهم من عدم تصديق أى شائعة مغرضة خاصة في وأننا نواجه حرب شرسة للنيل من الوطن.
مواجهة حروب الجيل الرابع
يحذر اللواء محمود الرشيدي، مساعد وزير الداخلية الأسبق لأمن المعلومات من خطورة الحرب التى تواجها مصر فى المرحلة الحالية والتى تتمثل فى حرب معلوماتية تهدف للتأثير على هوية وانتماء الأطفال والشباب بل محوها والتى تظهر فى الجرائم الدخيلة على المجتمع المصرى وثقافات مختلفة يتخذها الشباب في أسلوب حياتهم والتى تفقدهم حبهم وانتمائهم للبلد.
ويقول: تذخر مصر بالتاريخ وعلينا أن نؤكد على الشباب والأطفال من خلال الزيارات السياحية التى تلعب دورا كبيرا في تنمية الانتماء والمواطنة خاصة المزارات التي تشكل وعيا بتاريخ وبطولات الوطن مثل بانوراما حرب أكتوبر والأماكن الأثرية التى تسجل مجد أجدادنا كأهرامات الجيزة والأقصر وأسوان.
ساحة النقاش