حوار: شيماء أبو النصر

السعادة كلمة سحرية نبحث عنها جميعا، قد تكون بين أيدينا إلا أن انشغالنا بالبعيد يجعلنا لا نشعر بها، ولكن هل فعلا السعادة فى الرضا وهل هى قرار، وكيف نكون سعداء، وعدوى السعادة ومفاتيحها والتدريب عليها.. تساؤلات كثيرة تدور فى أذهان الباحثين عن السعادة وتجيب عنها فى هذا الحوار سفيرة السعادة داليا نبيل مذيعة برنامج "ساعة سعادة" وأول مصرية تلقى محاضرة فى الأمم المتحدة عن السعادة والتى تم إعادة نشرها فى الموقع الرسمى للمنظمة العالمية فى اليوم العالمى للسعادة.

 

السعادة كلمة ومعنى وحالة نبحث عنها جميعا.. فما هى تلك الكلمة السحرية؟

السعادة هى الرضا والإحساس بالسلام النفسى والتصالح مع الذات وامتلاك نظرة إيجابية نحو النفس والآخرين والتركيز على الجانب الإيجابى فى كل المواقف والأحداث التى يمر بها الإنسان، وهى أيضا الشعور بالامتنان تجاه الموجود والسعى لتحقيق الأفضل.

 

هل فعلا السعادة فى الرضا؟

السعادة فى الرضا حقيقة، ولكن نحتاج أن نطبق الرضا العميق فى حياتنا بشكل أكبر وأفضل، فنحن نعبر عن الرضا بالقول فقط وأحيانا يكون التعبير عن الرضا نوع من الاستسلام، ولكن الرضا هو اليقين بأن ما نحصل عليه هو الأفضل لنا دائما حتى وإن تعرض الإنسان لأى ابتلاء يعلم وقتها أن مع المحنة منحة من الله وأن بعد الصبر جبر، وأن السعادة تكمن فى الرضا بما هو موجود والسعي لما هو أفضل.

 

هل السعي والمثابرة فى رحلة الحياة لتحقيق الأفضل يعنى الشقاء والتعب؟

للأسف يتم الربط بين السعي لتحقيق الأفضل فى الحياة وبين الشعور بالشقاء والتعاسة عندما يتأخر حصولنا على ما نسعى إليه أو أن الرزق محدود فى شيء معين، ولكن السعي فى معناه الحقيقى هو أن تفعل ما عليك مع الاستعانة بالله وحسن التوكل عليه سبحانه وتعالى، والمرونة فى وضع الأهداف وتقسيمها والمرونة فى وقت تحقيقها وبالتالى جني ثمار عملك وسعيك برضا وسعادة.

 

هل هناك جينات وراثية أو سمات شخصية يمتلك أصحابها كنز السعادة؟

جزء من الشعور بالسعادة ينتج عن جينات موروثة وهناك عوامل مكتسبة من البيئة المحيطة التى يتربى فيها الإنسان، والخبرات الإيجابية وحتى السلبية التى نتعرض لها، فأحيانا تكون الصدمات وذروة الأزمات محفزة للشخص على التحول من الشعور بالتعاسة للتفكير بإيجابية  فى الأمور، وأيضا امتلاك الشخص سمة التفكير الإيجابى تجعله أكثر سعادة من غيره، كذلك افتراض حسن النية فى الآخرين.

 

هل الكلام عن الطاقة الإيجابية حقيقة.. وكيف نشحنها؟

الكلام عن الطاقة كلام علمى جدا فهى موجودة فى الكون من حولنا وأهم مصادرها التقرب إلى الله، كما وجد أن هناك بعض الأشياء البسيطة التى يمكن عملها لشحن هذه الطاقة مثل المشى بأقدامنا على الأرض والشاطئ والزرع وتأمل السماء والأشجار، الحصول على الطاقة من الأفكار الإيجابية والمشاعر الإنسانية النبيلة بين البشر، وأحيانا نعانى من "مصاصى الطاقة الإيجابية" وهم الأشخاص كثيرى الشكوى والحسد والسلبية، فعند الجلوس مع أى منهم يحدث استنزاف لطاقتك فتشعر فجأة بالإعياء وفقدان الهمة والحماس لفعل أى شيء، وأحيانا تحدث أعراض جسمانية نتيجة التعرض للطاقة السلبية بشكل مركز كالشعور بآلام الظهر، وهؤلاء عليك تجنبهم أو تقليل الوقت معهم كلما أمكن، فكما يقول المثل "البعد عنهم غنيمة".

 

هل إسعاد الآخرين سبب للسعادة؟

حكت لى إحدى محاربات السرطان أنها كانت تشعر بآلام شديد أثناء تلقيها جرعات العلاج الكيماوى، ولكن بعد حضور جلسات الدعم النفسى والاستماع إلى حكايات مضحكة وأحاديث مبهجة وإعادة تذكر تلك الأحاديث أثناء تلقى الجرعة خفف من شعورها بالألم وأنها أصبحت تبتسم وأحيانا تضحك عندما تتذكر موقفا أو كلمة مضحكة، فالدعم النفسى يقوى المناعة ويقاوم أى مرض مهما كان، وعندما تحكى لى وغيرها أيضا من محاربات السرطان مواقف ومشاعر متشابهة فكيف لا أشعر وأى شخص يقوم بالمشاركة فى هذه الجلسات الضاحكة بالسعادة لأنه خفف من شعور إنسان بالألم، فالعطاء يشعرنا بالسعادة، وأكبر درجات العطاء عند التبرع بالدم حيث تتجدد خلايا الدم والنخاع بالجسم كما يشعر المتبرع أن دمه يمكن أن ينقذ حياة إنسان فيشعر تلقائيا بالرضا عن نفسه وبالسعادة، كما أتشرف بأننى الرئيس التنفيذى لجمعية "سعادة مصر" وهى جمعية تم إنشاؤها منذ 16 عاما، نقوم فيها بالتوجه فى مجموعات عمل لكل الفئات التى تحتاج للدعم النفسى مثل مرضى السرطان والأيتام والمسنين، وكثيرا ما سألت المشاركين فى هذه المجموعات من المتطوعين عن شعورهم وجمعيهم أكد على إحساسهم بالسعادة والرضا التام عما رزقهم الله من نعم وسعادتهم برسم ابتسامة على وجه الآخرين، فالمشاركة فى العمل التطوعى والخيرى تجعل الإنسان يشعر أن له قيمة ودافعا للحياة كما تساعد على إعادة شحن الطاقة الإيجابية.

 

وماذا عن برنامج "ساعة سعادة" على راديو مصر؟

أقدم برنامج "ساعة سعادة " على راديو مصر كمنصة إعلامية أعتز بها وأسعى من خلال البرنامج لنشر السعادة والتفاؤل لإيمانى الشديد أن الإنسان السعيد يتمتع بصحة نفسية جيدة، يؤمن بقدراته وإمكانياته وكيف يوظفها جيدا، كما يتمتع بالقدرة على اكتشاف كل ما هو إيجابى حوله كما يمتلك القدرة على تحديد أهدافه ويعرف البصمة الإيجابية التى يجب أن يتركها فى كل شيء من حوله، وبالتالى تزيد إنتاجيته فى العمل بما ينعكس على دخل الفرد والمجتمع كله، فالشخص السعيد ينتج أضعاف غيره، كما أتشرف بكونى أول مصرية تلقى محاضرة عن السعادة فى الأمم المتحدة فى أبريل 2017 ولقبت منذ هذا الوقت بسفيرة السعادة، كما تم إذاعة لقائى بالأمم المتحدة على الموقع الرسمى للمنظمة، وأعيد نشره فى اليوم العالمى للسعادة تحت عنوان "هكذا تحتفل المصرية بالسعادة".

 

السعادة مسئولية فرد أم مجتمع؟

السعادة "رايح جاي" فهى تبدأ من الفرد وتنعكس على المجتمع كله، فالشخص الذى يفكر بإيجابية وتفاؤل ينشر تفاؤله وإيجابيته على كل شيء حوله، وبالتالى يرى الإنجازات التى تتحقق على أرض الواقع ويدعمها ويفرح بها، ويشارك فيها سواء بشكل مباشر أو بالمحافظة عليها، فالسعادة تدور فى دوائر بين الفرد والمجتمع.

 

هل السعادة قرار.. وماذا عن عدوى السعادة؟

بالفعل السعادة قرار نتخذه عندما نقرر أن نعيش الحياة برضا وتفاؤل وإيجابية، كما أنها تنتشر سريعا بين الناس لذلك "خليك" دائما شخصا إيجابيا مقبلا على الحياة مصدرا للطاقة الإيجابية لمن حولك، "شاور للناس على الحلو اللى فى حياتهم" و"خليك دايما متأكد إن فيها حاجة حلوة" حتى تتحول إلى مصنع متجدد لخلايا السعادة.

 

وما هى مفاتيح السعادة؟

الإدراك والاعتراف للنفس بالحالة السيئة التى يشعر بها الإنسان أحيانا وأنها طارئة، والرغبة ومحاولة تغيير تلك الحالة المزاجية السيئة وصولا إلى المرور من تلك الحالة إلى الرضا وتكملة الرحلة بإيجابية، أن تتعامل مع نفسك بإيجابية فهى تستحق ذلك، تحدث مع نفسك دائما عن محاسنك ومميزاتك، ادعم نفسك فى رحلة الحياة.

 

هل هناك تدريب للسعادة؟

كمدربة سعادة أنصح بهذه الخطوات، اكتب كل يوم 3 صفات أو مواقف جيدة حدثت خلال اليوم أو حتى إنجازاتك البسيطة، وضعها فى صندوق أبيض واجعل منه مخزونا للسعادة وكل فترة راجع محتويات الصندوق وتذكر ما به من مواقف حلوة إيجابية، والتدريب الثانى احضر ورقة وقلم واكتب المواقف السيئة التى تعرضت لها والمشاعر السلبية التى تشعر بها تجاه نفسك أو الآخرين ثم قم بتقطيع الورقة قطع صغيرة أو حرقها ووضعها فى الماء فستشعر أنك تتخلص من كل الطاقة السلبية أولا بأول، اعمل لوحة فى بيتك واكتب فيها عبارات مدح لنفسك ولأفراد أسرتك، اكتب لهم "كلام حلو" فى مكان مميز فى البيت وستشعر بالفارق وقتها.

المصدر: حوار: شيماء أبو النصر
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 671 مشاهدة
نشرت فى 21 مايو 2021 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,811,769

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز