حوار : أميرة إسماعيل
"بوفاته فقدت السند".. كلمات يتمزق لها فؤاد السامعين وتدمع لها عيونهم، فكيف يكون حال قائلها؟ إنها أم الشهيد وائل كمال السيدة صباح يوسف التى لا تزال –وستظل حتى رحيلها- تحتفظ بذكرياتها وعزاؤها "أبناؤنا ولدوا أبطالا.. شهداء نزلوا من الجنة لمهمة معينة، وبعد إتمامها عادوا لمكانهم الأصلى".
"حواء" تسترجع مع السيدة صباح ذكريات استشهاد ابنها وائل لتقدم لقرائها من السيدات والشباب نماذج مضيئة من التضحية فى سبيل الدفاع عن الوطن..
فى البداية تقول صباح يوسف:حبيبي وائل من مواليد ٢٧ مارس ١٩٩٠، وهو أصغر إخواته،وكان الشهيد منذ صغرهمختلفا عن إخواتهفهوجريء وشجاع،درس الابتدائية والإعدادية بمدرسة جابر الأنصاري الخاصة، والتحق بمدرسة القبة الثانوية العسكرية والحمد لله حصل على مجموع يؤهله لدراسة الهندسة، لكن عندما ظهرت النتيجة ذهب بمفرده وسحب ملف التقديمللكلية الحربية وخاض مختلف الاختبارات رغم قبوله بكلية الهندسة التى لم يذهب إليها إلا مرتين آملاأن يتم قبوله بالحربية، والحمد لله تم قبوله، ويوم إبلاغه بالنتيجة أسرع فرحا بالذهاب لتسديد المصروفات،وبدأ الدراسة في ٢٠٠٧وتخرج ٢٠١٠ دفعة ١٠٤ وكان من أوائل الدفعة.
وكان يتمني أن يلتحق بسلاح المشاة ويكون ضمن قوات الصاعقة وقدد حقق الله له ما تمناه، وهناك قابل قائده الشهيد العقيد أحمد صابر منسي وبدء تعلقه بقائده وكان له بمثابة الأب الروحي.
باستشهاده .. فقدت السند!
بكلمات تحبسها الدموع تقول أم الشهيد: بوفاة ابنى وائل فقدت السندفماذا عساىأن أقول فى حق فلذة كبدى، ابنى وائل كان إنسان خلوق جدا وبارابى وبوالده – رحمة الله عليه - وكان منذ صغره رجلا يتحمل المسئولية وكان خدوما جدا وبعد وفاته فقدت السند لأنه كان قد تولى هو رعايتىبعد رحيل والده.
خبر الاستشهاد
عند تلك اللحظة تنهار أم الشهيد ولا تستطيع أن تكتم دموعها وتحكى بصوت يكتمه البكاء لحظة معرفة استشهاد ابنها البطل قائلة: وائل كان في سينا قبل استشهاده بسنتين ونصف وكان يخفى عنى هذا الخبر، وقالي إنه في المنطقة الغربية عند مرسى مطروح لكنه أخبر أخته وأخوه ووعدوه أنهما مش هيقولولى حتى لا أقلق عليه أكثر، ويوم استشهاده ٢٠ /١٢ /٢٠١٧
وبعد صلاة الظهر لاحظت خروج أخوه هيثم من غرفته مسرعا لخارج المنزل لمقابلة زميل وائل واستغربت حضور زملائه وهو غير موجود، فهرعت إلى الشباك لأجدكردي زميل وائل والدكتور رضا أخو الشهيد منسي بيسلمواعلى هيثم ابنى وبيحطواإيديهم على كتفه وقتها حسيت إن وائل حدثله مكروه فوجدت نفسى أردد"إنا لله وإنا إليه راجعون" وبالفعل حضر هيثم ابنى وأصدقاء وائل وأخبروني باستشهاده فى سيناء، لم أصدقهم فىبادئالأمر من صعوبة الخبر وأنني على علم أنه فى مرسى مطروح وليس سيناء لكنهم أخبروني الحقيقة التىأخفاها عنى، تماسكت للحظات وتذكرت وصيته لى بعد استشهاد قائده منسى أنه فى حالة استشهاده لابد أن أكون قوية وصابرة وفخورة به، وفعلا الحمد لله ربنا قواني وقولتلهمعايزةأشوف وائل وفعلا شفته وعملت بوصيته أن يدفنبجانب قائده وحبيبه منسي وقد كان، فذهبنا للإسماعيلية لاستلام جثمانهوقبل الوصول للعاشر من رمضان أخذوني وأخته هبه لوداعه وتقبيل جبينه للمرة الأخيرة، ثم تحركنا من مدينة المستقبل طريق مصر الإسماعيليةوكان موكبا كبيرا من أهل وأحباب وزملاء وائل وعربات كثيرة تضيء الأنوار وكأنها "زفة عريس".
إحياء ذكراه
تقول السيدة صباح: الكثير من أمهات الشهداء لا يحبون جملة "تعيشى وتفتكرى" ودائما نردد نعيش ونخلد بطولاتهم فهم فى قلوبنا ولا يفارقونا أبدا ولا أعتبر ابنى "وائل" ذكرى لأنه عايش معانا فى كل تفاصيل حياتنا، ولا يخلو حديثنا من سيرته وحنيته وخفة دمه، ودائما شعوري أنه مسافر ويوما ما سيعود، فمازالت الصدمة قوية على نفسى وعلى إخواته لأننا دائما منتظرين موعد ذهابنا إليه.
ماذا تمثل لك ثورة 30 يونيو؟
هى "الإنقاذ" والحمد لله ربنا بعث لنا من ينقذ مصر وسيظل جيشها هو خط الدفاع الأول لمصر وسيظل رئيسنا سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى فخرا لنا جميعا.
ما الرسالة التى توجهينها لشباب مصر؟
هى نصيحة أتوجه بها إلى كل شبابنا أن يضعوا أمام أعينهم شهداء الوطن وكل من ضحى بحياته من أجل استقرار وأمان هذا البلد ويجب ألا ننساق وراء الإشاعات والأفكار التى تسعى لتخريب البلد وأن نقف فى "ضهر الرئيس السيسي الذى يسعى بكل جهد إلى الارتقاء بمصر وأهلها وتحقيق حياة مستقرة لنا جميعا".
***
قصة استشهاده
استشهد البطل "وائل" في سيناء، وحيثما حدثت "موقعة البرث" واستشهد الأبطالفى اليوم التالى تقدم بطلب نقله في كتيبة ١٠٣ كتيبة الأبطال الشهداء مكان الرائد الشهيد البطل أحمد شبراوي وتم الموافقة على طلبه سريعا وفى حواره مع زوجة الشهيد منسي قالتله "يا وائل والدتك ملهاش غيرك" .. رد عليها وقالها هي هتبقي كويسة..
ويوم ١٩ / ١٢ / ٢٠١٧ تم استهداف طائرة الوزيرين وزير الدفاع والداخلية ويومها استشهد عقيد ومقدم رحمة الله عليهما، وفى اليوم التالى خرج الشهيد وائل في تمشيط وأثناء المداهمة شاهد متوسكلين عليهما إرهابيين فقال للجنود اللي معاهما حدش ينزل "لوعورة" - المنطقة هناك - وهيكون استهدفهم سهل وجه ينزل الجندي اللي بيسوق المدرعة مسك إيد وائل وقاله يا فندم ما تنزلش قاله أنا إديتكمأ مر ما حدش ينزل، ونزل وتعامل مع الإرهابين وقتل منهم ٥، ففي قناص أطلق عليه طلقة جت في أعلى ذراعه لسه بيتعامل فضرب عليه تانيجت في العربية فارتدت شظايا جت في صدر وائل تحت الذراع أدت إلى نزيف، فنزل الجنود وكان الإرهابيين بيلموا الجثث بتاعتهم ووائل بيقول لجنوده ما تقلقوش أنا كويس وبيضحك وبيقول أنا رايح لحبيبي "منسى" وبلغوا بإصابة النقيب وائل وأخدوه لكن قد قفل عينيه ليفتحهم بأذن الله ووعده في الجنة، وتقول والدته بعد استشهاد وائل عرفت بطولات كثيرة عن ابني الصغير بطولات يشيب لها الولدان وكان بيخاف أوي على الجنود اللي معاه .
شهداؤنا ولدوا أبطالا، نزلوا من الجنة لمهمة معينة ورجعوا مكانهم الأصلي.
ساحة النقاش