كتبت : سكينة السادات
كتبت لك الأسبوع الماضى طرفا من حكاية قارئتى السيدة إلهام كامل (35 سنة) التى قالت لى بكل صراحة كم كافح والدها ووالدتها حتى تخرجت وإخوتها فى الجامعات، وكيف ظلت حتى سن السابعة والعشرين لا تفكر فى الزواج لعدم وجود الإمكانيات المالية رغم أنها تخرجت فى كلية التجارة ثم أكملت دراسة الكمبيوتر والتكنولوجيا والتحقت بوظيفة محترمة وقررت ألا تتزوج إلا بمن يحبها لشخصها لا لوظيفتها، ثم كان أن ارتبطت عاطفياً بأحد زملائها الذى كانت ظروفه العائلية قاسية، فقد كان من أسرة فقيرة وكان والده مريضاً بمرض عضال وكان هو الذى يعول أسرته وينفق على إخوته الثلاثة حتى كان يوم السعد عندما تخرج أخوه الذى يصغره وجاء عمل فى إحدى دول الخليج وسافر الأخ ونجح وأصبح يساهم مع أخيه فى الإنفاق على الأسرة، وقالت إلهام إنها وخطيبها دخلا (جمعية) وبعد أن قبضا الجمعية حجزا شقة صغيرة جداً يؤثثاها سوياً فقط بالضروريات، فقالت إنها لم تشتر غرفة كاملة بل اشترت سريراً ودولاباً وأنتريه قديم لأن المال لم يكن متوفرا، ولأن راتب خطيبها الذى أصبح زوجها ينفقه على أسرته وهى التى تنفق على البيت حتى كان سفر شقيقه ونجاحه هناك بل إنه ارتبط بعمل وصداقة مع أحد كبار التجار هناك وصارت حالته المادية ميسورة للغاية وتحسنت الأحوال وبدأت إلهام وزوجها ينظمان حياتهما ويكملان بعض أثاث بيتهما حتى كانت المفاجأة السعيدة التى غيرت حياتهما تماماً!
lll
واستطردت السيدة إلهام.. بينما كنا قد بدأنا نتدبر أمورنا ونشترى مثلاً (كنبة) جديدة مثلاً فوجئنا بشقيق زوجى المسافر إلى الخليج يحدثنا ويقول لنا أنه أوجد لنا وظيفتين محترمتين فى الدولة التى يعمل بها بفضل تدخل صديقه التاجر الكبير وأنه سوف يرسل لنا تذاكر السفر فى القريب العاجل وبالطبع كانت أسعد المفاجآت وبدأنا نستعد للسفر ورتبنا كل الأمور بحيث لا تحتاج أسرة زوجى إلى أى شىء خلال غيابنا وحصلنا على إجازة بدون مرتب من الشركة التى نعمل بها وسافرنا وبدأنا عملنا الجديد الذى كان بفضل الله سبحانه وتعالى وبفضل صبرنا وبرنا بأهلنا وظيفتين لكل منا وليس وظيفة واحدة، فقد كنا نعمل نهاراً فى شركة كبرى وبعد الظهر فى متاجر صديق شقيق زوجى الكبيرة وخلال عامين من الإقامة هناك كانت الأملاك قد عرفت طريقها إلينا بعد أن كنا بالطبع نرسل إلى أسرة زوجى وكنت أنا أيضاً أرسل بعض المال لوالدتى وإخوتى وصارت الأحوال مفرحة وبعد أن رزقت بطفل جميل ملأ حياتى بهجة ونوراً وحملت فى ابنتى الثانية وكانت ولا تزال مثل القمر فى ليلة اكتماله وعند هذا الحد كانت فترة إقامتنا بالخليج قد جاوزت ثلاث سنوات وأصبح المال وفيراً ولذا فقد طلبت من زوجى أن نعود إلى الوطن كى يتربى الأولاد فى مصر، وفعلاً عدنا إلى بلدنا وبدأت المشكلة!
lll
واستطردت السيدة إلهام.. نعم يا سيدتى بدأت المشكلة وهى (الفشخرة) التى يريدها زوجى! يقول إننا عانينا كثيراً ومن حقنا أن نستمتع بالمال بأن نشترى شقة فاخرة ونؤثثها بأفخم الأثاث بل يفكر فى الدخول فى مشروعات غير مضمونة العواقب وأنا أستغيث بك وأرجوك أن تنصحيه بأن يحافظ على مالنا وألا يفرط فيه فإن الزمن غير مضمون ولدينا ابن وابنة لابد أن نضمن لهما حياتهما، نعم أوافق على أن نستبدل شقتنا الصغيرة وأثاثها القديم بشقة أفضل وأثاث جديد لكن الفشخرة الزائدة والتفكير فى شراء الفيلا الموجودة فى الكومباوند الفلانى حرام وأولادنا أولى بالفلوس فهل أنا غلطانة يا سيدتى؟
lll
وكما قال القرآن الكريم ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطهما كل البسط أى أنه معروف أن خير الأمور الوسط لا بأس من شراء شقة أكبر بعد أن صار لكما طفلان وأن تستمتعا بأثاث جديد وأن تأكلا كل ما تشتهيه نفسيكما فقد عانيتما كثيراً وصبرتما كثيراً وكان بركما بأهلكما هو السر فى رضاء المولى عنكما فلا بأس من التأنى والتروى فى الإنفاق وأن تعرف أيها الأب الكريم والابن الذى حافظ على كيان أسرته وبذل لهما كل جهده وكافأه المولى العزيز على حسن صنيعه، لا بأس أن تحافظ على مالك من أجل أولادك ولا داعى للدخول فى مشروعات غير مأمونة العواقب وما زلتما فى ريعان الشباب ومتعكما الله بالمال الحلال ولا يعنى هذا أن تبخلا على أنفسكما بأى شىء ولكن بالعقل والله المستعان.
ساحة النقاش