بقلم : طاهـر البهـي

 

لا تذبل أبدا ذكرى عبد الحليم حافظ فنحن نتذكره ونستنشق عبير حنجرته طوال العام، نسمع منه حديثا عن ذكرى مولده وما صادفه من حرمان وشقاء، هكذا تحدث العندليب عن اختلاط ميلاده بالموت، من حضروا ميلاده قالوا إنبكاءه كان غزيرا وصارخا – على عكس الصبية – كان لبكائه مضمون وعمق يريد أن يوصلها إلى الحاضرين، فهو جاء إلى الدنيا بدون حضن يرتمى إليه، ولا صدر أم يرتشف منه غذاءه.. فقد ماتت أمه ثم أبوه، كان يتناول رضعه فقيرة عبر "زجاجة كازوزة" وعلى حافتها حلمة مطاطية، دموعه تسبقه وهو يسجل مولده ضمن مذكراته للكاتب منير عامر، فى طفولته كان محروما من اللعب فى غيطان قريته "الحلوات بالزقازيق"، كان محبوسا فى دار الأيتام، وإذا خرج فهو الأضعف بين رفاقه، لا يستطيع أن يجاريهم فى اللعب والمجهود، عندها حق الداية "أم عبده" عندما أخرجت هذا المخلوق الموعود بالعذاب والحب والشهرة والنجومية غير المسبوقة، ثم انتبذت لنفسها مكانا فى الحجرة وراحت تبكى بكاء حارا مريرا، أى مولود وأى طفل أنت يا عندليب؟ مرارة الدنيا حولتها لنا شهدا وعسلا مصفى، حرمانك تحول فى حنجرتك إلى أمل وطاقة حب تنير بها طريق المكلومين، كل هذا جعل منك فتا صلدا، عنيدا، عذبا، حنونا، حتى أنك فى طفولتك، رغم رحلتك فى البحث عن أب بديل وجدته أحيانا في عبد الوهاب، وأما بديلة وجدتها في شقيقتك الحاجة علية أحيانا، و"أم أمين" زوجة رفيق دربك الموسيقار محمد الموجي التي كانت تعد لك أشهى الأطباق، فلا تأكلها أنت حرصا على نصائح الأطباء.

المصدر: بقلم : طاهـر البهـي
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 315 مشاهدة
نشرت فى 23 سبتمبر 2021 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,467,331

رئيس مجلس الإدارة:

أحمد عمر


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز